تناقض مواقف: ترامب ونتنياهو ضد المؤسسة الأمنية
القدس المحتلة/سوا/ دعا ضباط ومسؤولون كبار في الجيش وأجهزة الاستخبارات في إسرائيل القيادة السياسية إلى التعامل بحذر مع الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بسبب انعدام القدرة على توقع تصريحاته في المستقبل تجاه إيران خصوصا، وأيضا تجاه قضايا أخرى بينها القضية الفلسطينية.
وفي الوقت الذي يمارس فيه رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو ، ضغوطا على ترامب وإدارته والكونغرس من أجل إلغاء الاتفاق النووي مع إيران، بشكل علني ومن وراء الكواليس أيضا، فإن التقديرات في إسرائيل تشير إلى أن نتنياهو لن يحقق نجاحا في هذه الناحية، بسبب معارضة الدول الخمس الكبرى الموقعة على الاتفاق النووي إلى جانب الولايات المتحدة تعارض إلغاء الاتفاق، إضافة إلى معارضة المؤسسة الأمنية والعسكرية الأميركية تصريحات ترامب بهذا الخصوص.
ويتوقع أن يعلن ترامب حتى يوم الأحد المقبل موقفه من الاتفاق النووي، الذي أعلن الرئيس الأميركي أنه لا يخدم المصالح الأمنية الأميركية. لكن المؤشرات تدل على أن الكونغرس قد لا يوافق على فرض عقوبات اقتصادية ضد إيران، بعدما أزيلت في أعقاب الاتفاق، خاصة بعد الاتهامات التي وجهها له رئيس لجنة الشؤون الدولية في الكونغرس، السيناتور الجمهوري بوب كوركر، وبينها أن ترامب يجر الولايات المتحدة إلى حرب عالمية ثالثة.
وفي هذه الأثناء، أعلن وزير الدفاع الأميركي، جيمس ماتيس، أن الحفاظ على الاتفاق النووي مصلحة أميركية، وصرح رئيس الأركان المشتركة للجيش الأميركي، جوزيف دانفورد، أن إيران لا تخرق الاتفاق، وقالت ووندي شرمان، التي ركزت اتصالات وزارة الخارجية الأميركية حول التوقيع على الاتفاق خلال ولاية إدارة الرئيس السابق، باراك أوباما، إن ترامب سيرتكب "حطأ رهيبا" إذا انسحب من الاتفاق النووي.
في هذا السياق، كتب المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، اليوم الأربعاء، أنه "بالإمكان التقدير أنه في الجيش الإسرائيلي وفي معظم أجهزة الاستخبارات (الإسرائيلية) يعون العيوب في الاتفاق، وعلى رأسها قدرة إيران على تخصيب اليورانيوم وغياب القيود على برنامج الصواريخ، لكن في الوقت نفسه يعون المخاطر المرتبطة بانسحاب أميركي من هذه التسوية".
ونشر رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابق والرئيس الحالي لمعهد أبحاث الأمن القومي في جامعة تل أبيب، عاموس يدلين، والباحث الدكتور أفنير غولوب، مقالا بروح التقديرات السائدة في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية. وكتب هرئيل أن يدلين مقرب من قيادة الجيش ويعكس في الغالب بتصريحاته الأجواء السائدة في هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي وأجهزة الاستخبارات.
ورأى يدلين وغولوب أن هذا ليس الوقت المناسب لإلغاء الاتفاق النووي، واقترحا أن تتوصل إسرائيل إلى تفاهمات معمقة أكثر مع الأميركيين فيما يتعلق بخروج محتمل من الاتفاق النووي في المستقبل، في حال خرقته إيران. وفي موازاة ذلك، يوصيان بتعزيز الأنشطة الإسرائيلية – الأميركية من أجل لجم المساعدات الإيرانية للميليشيات التي تدعمها طهران، ودفع خطوات في مجلس الأمن الدولي ضد استمرار تطوير برنامج الصواريخ البالستية الإيرانية، خاصة وأن أنظار إسرائيل مركزة حاليا نحو الوجود العسكري الإيراني في سورية، والتقارير التي تتحدث عن سعي إيران لتعزيز وجودها العسكري في سورية.
عموما، تعتبر إسرائيل أن الولايات المتحدة انسحبت من الساحة السورية، وأن اللاعبين الوحيدين في هذه الساحة هما روسيا وإيران، وأن ترامب يركز اهتمامه الآن على كوريا الشمالية. ورغم ذلك، فإن سياسة الرئيس الأميركي تجاه بيونغ يانغ ليست واضحة.
وأشار هرئيل إلى أن موظفين وضباط إسرائيليين على اتصال متواصل مع نظرائهم في واشنطن، يواجهون صعوبة في إخفاء حرجهم على ضوء الأجواء الضبابية وحالة الارتباك التي تلف أداء الإدارة الأميركية. وبحسب هؤلاء الموظفين والضباط، فإن وظائف رفيعة كثيرة ما زالت شاغرة وأن الكثير من الموظفين في الإدارة الأميركية يبذلون جهدا من أجل بقائهم الشخصي في وظائفهم، فيما هم يحاولون تكهن التصريحات المقبلة لترامب، التي يتعين عليهم أن يستنتجوا منها السياسة الأميركية، ولكنهم لا ينجحون في ذلك.
وبحسب هرئيل، فإنه يسود تخوف مشترك بين المسؤولين في إسرائيل والولايات المتحدة من أن الجلبة التي تميز جميع خطوات الإدارة الأميركية "مُستغلة بشكل سيء من جانب لاعبين أكثر انضباطا وحكمة في موسكو، بكين أو طهران".