النجدة، الكرم، الإحسان، تفريج الكروب، إغاثة الملهوف، الصدقات، إنقاذ المعسرين، كفالة اليتيم.
شعاراتٌ لُغوية عربية، يُردِّدُها الواعظون العرب، ويحفظها الدارسون في مدارسنا كمحفوظاتٍ دينية، وأدبية شفوية.
هذه الشعارات العربية لا تحظى بالتطبيق العملي، وبخاصة عندما تتعرضُ الأمم للكوارث والحروب.
بلورتْ دولُ العالم الناشئة، صيغا جديدة للتعاون والإحسان، والدعم لتحقيق عدة أغراض، تُفيد تلك الأمم وتُسهم في رفعتها وتطورها.
معظمُ العربِ غائبون عن المشاركة في مآسي العالم، لذا فإن إسرائيل حلَّتْ اليوم محلهم، واستفادت من غيابهم، لتُرسِّخ وجودها بين العالم كدولةٍ حضاريةٍ، قوية، تُشارك العالم في المآسي والكوارث!!
أقدم جيشُ إسرائيل على تشكيل وحدة عسكرية من كتيبة، «الناحال»، مختصة بمساعدة الأطفال السوريين المصابين في الحرب الدائرة في سورية، اسم الوحدة
(الجيران الأخيار)، يقول الكابتن، عوز مشعولام، يوم 6-10-2017:
«شكلنا الوحدة منذ عامٍ مضى، لخدمة الأمن الإسرائيلي، وكذلك لإقناع الجيران السوريين، بأننا لسنا شياطين، كما اعتادوا أن يسمعوا طوال سنوات طويلة، فمَن نُعالجهم من السوريين، ونمدهم بالمساعدات يتحولون إلى سفراءِ لنا، أكثر من ثلاثة آلاف وخمسمائة طفل عُولجوا في إسرائيل، في مستشفى زئيف».
لم تكتفِ إسرائيلُ بذلك، بل أرسلت يوم 16-9-2017 طاقما خاصا من مؤسسة (زكا) يضم 71 خبيرا إلى المكسيك، لغرض المساهمة في انتشال ضحايا الزلزال، حيثُ هدم الزلزالُ 38 بناية وقتل أربعمائة شخص.
ليست غايةُ إسرائيل هي فقط، بث دعاية للعالم بأنها تُساهم في نجدته، وأنها دولة مفيدة، وليست زائدة عن الحاجة، أو عالة على العالم، كما هو حال كثيرٍ من دول العرب، بل إنَّها تهدف إلى تدريب طواقم الإنقاذ، واختبار المعدات التي جرى اختراعها، لغرض تسويقها في العالم، باعتبار أنها مُجرَّبة!
ما زالتُ أذكر العام 2010 عندما وقع زلزال جزيرة، هايتي، وقُتل ربعُ مليون مواطن هايتي، كيف ساهمت إسرائيل في الحدث، وأنشأت مدرسة خاصة للأطفال، ومستشفىً، واستقدمتْ إلى إسرائيل مئات الأيتام، لغرض التبني، ليتهودوا، ويصبحوا جنودا!
كذلك الحال في زلزال نيبال، يوم 26-4-2015 أرسلتْ إسرائيل طاقما مكونا من مائتين وستين منقذا وطبيبا، ومنحتْ أبناءَ الأمهات الحاضنات لنطفٍ إسرائيليين الجنسيات الإسرائيلية، لأن نيبال تسمح لنسائها بأن يحملن كأمهات بديلات للإسرائيليين.
هذه الحقائق تُثير السُّخرية من معظم أمة العرب، فهم غائبون عن نجدة العالم والمشاركة في تخفيف الآلام، فمِن ساخرٍ قائلٍ:
«كيف يساعدونَ غيرهم، وهم لا يساعدون أهلهم، بل يسعون للإضرار بأهلهم وذويهم، فهم ليسوا جيرانا أخيارا لأهلهم، بل جيرانٌ أشرارٌ؟!!
ومِنْ قائلٍ: «أكثرُ العربِ أمةٌ افتراضية، غابوا عن أجندة العالم في بداية الألفية الثالثة، وهم يُحسبون ضمن الأمم الزائدة عن الحاجة!!»
ومِن قائل: «اكتفى أكثرُ العربِ منذ زمنٍ بعيد، بالتشفِّي في مصائب الآخرين، بتفسير الكوارث الطبيعية، تفسيرا غيبيا؛ فهم يعتبرون الكوارث لا تحدث إلا في البلدان التي تنتشر فيها المعاصي، والآثام، وأنهم يستحقون ما حلَّ بهم جزاءً وفاقا لما يفعلون»!!
ومِن قائل: «العربُ لم يستيقظوا بعد، من سباتهم، هم يعيشون في ماضيهم، ألا ترى بأنهم ما يزالون يحسبون الإحسان والصدقة، بالأوزان والمقادير الغابرة البائدة، فما تزال أوزانُ الإحسانِ والصدقة الشرعية تُحسب بالبُرِّ، والصَّاعِ، والإردبِ، والقنطار، والحفنات، والمثقال، والدرهم، والدينار، كلُّ ذلك يحدثُ في عصر الفيزا كارت!!»
ومِن قائلٍ: «إن شروط الصدقات عند المتفيهقين، لا تنطبق إلا على الجار السابع، وبما أن الدول المنكوبة ليست سابع الجيران، إذن، فهم لا يستحقون المساعدة والصدقات!!»
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية