بعد تحقيق المصالحة.. آمال سكان غزة تفرض عبئاً إضافياً على الحكومة
غزة / سوا / إسراء شحادة/ بعد 11 عاما من الانقسام الفلسطيني والحصار الاسرائيلي، وسنوات عجاف عاشها سكان قطاع غزة، تحوّلت بشكل متسارع الى مصالحة فلسطينية بين حركتي فتح و حماس ، وانقلبت معها آمال الغزيين، لتشكل عبئاً على الحكومة.
ويأمل المواطنون المحاصرون في غزة بتحقيق المصالحة وتتوحد الجهود من أجل إزالة كافة الأزمات والإجراءات التي فرضتها السلطة الفلسطينية على غزة نتيجة استمرار الانقسام.
أجواء الفرح والسعادة عمت شوارع غزة عقب وصول حكومة الوفاق بقيادة رئيس الوزراء د.رامي الحمد الله، لاستلام مسئولياتها في إدارة شؤون القطاع، فيما يرى مراقبون أن هذه الأجواء قد تفرض عبئاً عليها، في اطار رغبة الغزيين في حلحلة جميع أزماتهم.
الأجواء التي عمت القطاع فور قدوم الحكومة، يصفها الكثيرون بـ "التفاؤلية الحذرة" ويرافقها حالة من الخوف والترقب لما سيحدث في الأيام المقبلة خلال الاجتماع المنتظر في العاصمة المصرية القاهرة يوم الثلاثاء المقبل.
وينتظر المواطنون بفارغ الصبر الإعلان بشكل رسمي عن الاتفاق النهائي وبدء حكومة الوفاق الوطني بممارسة مهامها واستلام زمام الأمور.
ويعاني قطاع غزة منذ 11 عام من انقسام فلسطيني بين حركتي حماس وفتح، تسبب في أزمات متتالية أنهكت الشعب الفلسطيني حتى وصلوا إلى حالة من الشعور بالإحباط واليأس وفقد الأمل بتحسن الأوضاع.
المواطن معين محسن (23 عاما) يرى أن المصالحة بين " حماس وفتح" قد تضيف للشباب الكثير من الأمل الذي كاد أن يغيب عنهم خلال السنوات الماضية، مضيفا: "ها نحن نستقبل هذه الأيام بالأمل ونتسلح بالصبر منتظرين إعادة الحياة الطبيعية إلى غزة".
وأضاف محسن لوكالة "سوا" الاخبارية: "تحقيق المصالحة بعد أكثر من 10 سنوات من الانقسام الفلسطيني يحتّم على الحركتين الالتزام بالصدق والجدية في اتمام المصالحة وأن تكون مصلحة الشعب هي سيدة الموقف".
يقول الشاب أسامة أيوب (28 عاما) إن الشعب الفلسطيني يراقب ويشاهد بتفاؤل يشوبه الكثير من الحذر خوفاً من أن تنحرف الأمور عن مسارها الصحيح، كما حدث في عديد من الجولات السابقة التي فشلت خلالها الأطراف في تحقيق الوفاق والمصالحة.
وطالب أيوب أصحاب القرار بتكريس جهودهم لمنح الشعب الفلسطيني حياة كريمة، خاصة في قطاع غزة الذي يعاني من الأزمات منذ سنوات.
المحلل السياسي جهاد حرب، يرى أن الحكومة الآن في مرحلة الاختبار الحقيقي لمعرفة مدى قدرتها على استلام الوزارات والمؤسسات وإدارتها واتخاذ القرارات فيها وصولاً إلى تطويرها.
وقال حرب لـ "سوا"، إن الأمل الكبير الذي شهده الشارع الفلسطيني منذ وصول حكومة الوفاق إلى غزة يفرض عبئاً اضافياً على الحكومة الفلسطينية بالاستجابة إلى القضايا الأساسية المُلحّة، خاصة فيما يتعلق بالمعابر والكهرباء والمياه وبعض القضايا الأخرى التي يتطلع المواطن لحلها.
وأوضح حرب أن الأمور تسير بمؤشرات ايجابية نحو البدء الفعلي بتطبيق المصالحة، مشيراً إلى أن الإعلان الحقيقي لهذا الأمر سيكون في القاهرة خلال الأيام القادمة في اجتماع حركتي فتح وحماس لوضع خارطة الطريق لإنهاء الانقسام.
كما يرى أن المصالحة وانهاء الانقسام سينهي مجموعة الأزمات المتلاحقة، وعلى الحكومة فور استلامها زمام الأمور البدء بفتح الملفات المتعلقة بالموظفين والأمن والمعابر، وأن تعمل على اعادة بناء البنية التحتية وبناء البيوت المدمرة.
ونوّه حرب إلى أن أي انتكاسة في المصالحة سيؤدي إلى انفجار الشعب الفلسطيني بوجه نظام الحكم في قطاع غزة، لأنه لم يعد هناك أملاً لإنهاء هذه الأزمات بطرق الحوار.
وأضاف: "هذا ما لم تريد أن تصل إليه الأطراف الفلسطينية "حركتي فتح وحماس" وكذلك الاقليم لا يريد أن يصل إلى هذه الحالة، لذلك من المتوقع أن تسير بشكل ايجابي وأن تخللها مجموعة من العقبات والعوائق".
من جهته، قال الخبير الاقتصادي معين رجب: "إننا نترقب بحذر شديد لما سيحدث خلال الفترة القريبة القادمة في ظل أجواء المصالحة التي أخذت اتجاهاً جديداً، حيث يبدو أن هناك جدية أكثر نحو أن تصبح المصالحة حقيقة واضحة".
وأوضح رجب لـ "سوا"، أن هناك جهود كبيرة يجب أن تُبذل، وهناك ملفات عديدة لم يتم الانتهاء منها وهذا يتطلب الحذر في الحكم على النتائج.
وحذّر من أن الاخفاق في اتمام المصالحة سيكون كارثة جديدة على الفلسطينيين، ستقودهم إلى مزيد من التمزق والتفكك وفقدان الثقة بمستقبل القضية الفلسطينية، وفي أي آمال مستقبلية يمكن أن تتحقق.
وأشار رجب إلى أن هذه الخطوة هي الأخيرة لتصليح الأمور، ولن يكون هناك مرة أخرى لتسوية الأمور بين الحكومتين في غزة والضفة، "وسيكون واقعنا ومستقبلنا القريب أكثر سوءً مما هو عليه الآن".
ويرى أنه طالما توفرت النوايا الحسنة والإرادة القوية من كلا الاتجاهين تستطيع حكومة الوفاق أن تتغلب على جميع المشاكل التي يعاني منها قطاع غزة، وبالتالي حدوث نقلة نوعية على مستوى الاقتصاد الفلسطيني، مما يخلق حالة من الاستقرار الاقتصادي في قطاع غزة.