من يتحمل مُهمة صناعة الفكر الفلسطيني الجديد وخلق الإنسان الواعي المُدرك من خلال طرح النظريات العملية التطبيقية التي تعزز النظرة الثاقبة لرجل السياسة والرأي العام، تحضيرا لإعادة بناء البرنامج المرحلي الذي يسعى لإقامة دولة فلسطينية على أقل تقدير حدود 1967، كما نصت قرارات الأمم المتحدة، فلابد من البحث عن خيارات سياسية جديدة للخروج من عنق الزجاجة، خاصة في ظل حالة العقم العربي تجاه تحريك القضية الفلسطينية ودفعها إلي الأمام للوصول إلي حُلم الدولة الفلسطينية المستقلة.

إن التحولات والتراجعات لبعض الأنظمة العربية الداعمة للفلسطينيين أسهمت بتغول النفوذ الإسرائيلي في الضفة الغربية من خلال مشاريعها الاستيطانية وحصار قطاع غزة وتهويد القدس ، ومنع التواصل الجغرافي ما بين المدن الفلسطينية.

لقد فشلت الحركات الوطنية الفلسطينية منذ العام 1965م من تحقيق المهام المطلوبة منها في الحفاظ على وحدة القرار الفلسطيني ووحدة الشعب والأرض، فنحن نعيش المرحلة الأصعب في تاريخ القضية الفلسطينية، فهناك المؤمنون بفكر تحرير الأرض من خلال المقاومة، وهناك المُدركون بأن المفاوضات هي الطريق الأقرب لتحرير فلسطين، وغيرهم متمسك بأن منظمة التحرير هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب، وآخرون متمسكون ببساط السلطة وأنها أفضل ما أنجبت الثورة الفلسطينية، لقد تعددت الأفكار والمقترحات التي تريد تحرير الوطن، ولكن النتيجة واحدة " لازلنا نعيش تحت الاحتلال " لماذا؟

لأن موازين القوى الدولية والعربية منها لا تصب في مصلحة الفلسطينيين، وأن شعبنا ممزق ولا يخضع لرؤية سياسية موحدة ولا يوجد حقل سياسي مقنع لعامة الشعب ومثقفيه ومفكريه وقادة رأيه، نحن لازلنا نعيش تعقيدات سياسية كبيرة، لا يستطيع اللاعب الفلسطيني حل عقدها في خضم سياسة دولية تدعم وجود إسرائيل ككيان لليهود ولا تدعم فكرة الدولة الفلسطينية وترسيم حدودها وفق الرابع من حزيران لعام 1967، ما نحتاج إلية الآن هو بلورة الهوية الوطنية الفلسطينية من خلال دستور وطني يجمع الكل الفلسطيني تحت مظلته يكون عنوانه الشراكة السياسية بين الأحزاب والفصائل وتوزيع الأدوار وإعادة بناء الهيكل الأساسي للدولة الفلسطينية من خلال منح السلطة وإدارة شئون البلاد لإفرازات صناديق الاقتراع والانتخابات، ليتمكن الشعب من مشاركة القيادة في صناعة القرار الوطني الفلسطيني.

لدينا مرتكزات وطنية قد تساهم في تغيير المعادلات من خلال احتضان كافة أشكال المقاومة الشعبية والمشاركة في التظاهرات الدولية والأممية ونبذ العنف والإرهاب ودعم الطاقات الشابة في الوصول لمواقع صناعة القرار والمشاركة فيه، المطلوب في المرحلة القادمة استنهاض كافة الأفكار السياسية الملهمة، وإعادة الثقة المفقودة للجماهير من أجل الوثوق في خطوات القيادات السياسية المتفرقة فكريا، وذلك يأتي من خلال مجتمع متماسك مُدرك لحقوقه السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وأن تحرير الأرض لا يمكن أن يكون من خلال غزوة عسكرية أو فتح الباب أمام الخيارات التفاوضية الدولية التي تقدم لنا مقترحات لا ترقى لأدنى حقوق الشعب الفلسطيني في حل قضيته الفلسطينية، لان تلك المقدمات تطرحها إسرائيل وتدعمها لأنها لا تريد على أرض الواقع وجود كيان فلسطيني مجاور لها وتسعى جاهدة لتدمير أي فرصة من أجل صناعة سلام حقيقي مع الفلسطينيين. 

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد