تعود نشأة الإخوان المسلمون في قطاع غزة إلي ما بعد نهاية الحرب العالمية الثانية؛ فقد أنشئ أول فرع لهم في مدينة غزة في الأول من محرم من العام 1366 للهجرة، الموافق 25/11/ 1946م، وقد افتتح الإخوان مقرهم، وأقاموا حفل افتتاحه في قاعة سينما السامر بغزة، وفيما بعد أصبح هذا الفرع من أنشط فروع الإخوان في فلسطين. وكان لابد للإخوان بعد أن أنتشر فكرهم وازداد عددهم وتمددوا في قطاع غزة أن يأخذ عملهم شكلاً تنظيمياً محدداً، فشكلوا أول شعبة لهم في القطاع، قام بتأسيسها عايش عميرة كانت موازية لشعب الإخوان في أكثر من عشرين مدينة فلسطينية منها: القدس ، يافا، اللد، المجدل، سلواد، نابلس ، الخليل، قلقيلية.

وقد تحولت هذه الشعبة وبصورة سريعة إلى أن أصبحت من أنشط شعب الإخوان، وموازية في أهميتها لشعبتي الإخوان في القدس ويافا. وحينما قام المرشد العام للجماعة في مصر الإمام حسن البنا بزيارة فلسطين بتاريخ 20/03/1948م، كان حريصاً علي زيارة العديد من مدن القطاع، واستقبلته الجماهير بحفاوة بالغة.

وقد تسني له أيضاً زيارة شعبة الإخوان في مدينة غزة. أدت شعبة غزة دوراً خاصاً في نشر الدعوة من خلال تركيزها أولاً علي النشاط الرياضي والاجتماعي الذي أصبح واجهتها ومدخلها للعمل التنظيمي. وكان من أبرز العاملين في شعبة غزة الشاعر الفلسطيني المعروف  هارون هاشم رشيد ، وفؤاد زيد الكيلاني . وقد مارست شعبة الإخوان في غزة إلي جانب دورها السابق في نشر الدعوة دوراً واضحاً في مساعدة اللاجئين، فقامت الشعب بجمع التبرعات لهم، وبتوزيعها عليهم في قطاع غزة. وفي واقع الأمر كان للإخوان المسلمين الذين قدموا من مصر للقتال في فلسطين تحت قيادة الجيش المصري أو مجموعات من المتطوعين دور واضح في دعم وإسناد شعبيتهم في غزة.

من جهة أخرى نشط الضباط والمتطوعون من الإخوان في ظل هذه الظروف وقاموا بتنظيم بعض المجموعات من العمال الفلسطينيين، إضافة للعديد من أبناء القبائل البدوية الذين شاركوا الإخوان الدوريات العسكرية، وقد نتج عن ذلك أن انتشرت شعب الإخوان المسلمين في معظم المدن والقرى والتجمعات السكانية في القطاع، وقد ركز الدعاة من الإخوان علي نشر أفكارهم في الوسط الطلابي، كما لم يغفلوا فئات وشرائح السكان الأخرى، وجراء ذلك تمتعوا في هذه الفترة بنفوذ كبير وتفوقوا علي شعب أخرى سبقتهم في النشأة.

 وخلال حكم الإدارة المصرية لقطاع غزة كانت أحوال جماعة الإخوان تتأرجح بين المد والجزر، وبين الصعود والهبوط تحكمها معطيات عديدة في مقدمتها طبيعة العلاقة القائمة بين الحكومة المصرية في القاهرة والجماعة الأم، وحجم التوافق القائم بين الطرفين، لذلك نجد فترات وصل بها نفوذ وسيطرة الجماعة على الشارع السياسي في القطاع إلى أقصى درجة ممكنة، وفترات انكمشت إلى ابعد الحدود، واضمحلت إلى مرحلة الذوبان في فترة ثالثة،خصوصاً المرحلة التي سميت بمرحلة "المد القومي".

 

 

 

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد