التكنولوجيا كابوس يهدد حياة أطفالنا

التكنولوجيا كابوس يهدد حياة أطفالنا

غزة /خاص سوا/فرح شعشاعة/ لم تكن تعلم أم الطفل وليد، أن خوفها المضاعف على سلامة ابنها، سيضحى سببا، يقلب حياته إلى كابوس يتصارع معه في عالم اللا واقع.

منذ نعونة أظافر وليد (4 سنوات)، وقفت والدته عائقا أمام أحلامه وألعابه وتجاربه واندماجه مع محيطه، مفضلة إلهاءه بتلك التي يتضمنها هاتفها الذكي؛ لحين انهاء أعمالها المنزلية، إلى أن انتهى ذلك بمأساة نفسية.

"الروتين" الذي فرضته الأم يوميا، بات الآن "إدمانا مرضيا" لدى وليد؛ وبدأت تشكو ما لم  يستطع طفلها وصفه بكلماته بعد التحاقه برياض الأطفال، اذ بات يجد صعوبة في النطق؛ الأمر الذي انعكس بالسلب على تفاعله مع الواقع.

تقول الأم : "منذ سن الثانية، بدأ العلاقة الحميمية بين ابني والهاتف المحمول، وكنت أشعر أنه أكثر أمنا له من التجول داخل المنزل واللعب، خلالي إنجازي لمهامي البيتية".

وتضيف : "مع مرور الايام، لاحظت عليه عدم التقدم في نطق كلمات جديدة كأطفال جيله، بل تراجع، واصبح يستخدم يده للإشارة الى ما يريد فقط".

اعتقدت والدة وليد في مستهل الأمر، أن ابنها يعاني من مشكلة عضوية في النطق، لكن المفاجأة كانت حينما عرضته على "متخصصين"، ليتضح أن أزمته نفسية، لتسترجع بذاكرتها "الخطأ" الذي ارتكبته بحقه في بداية مرحلة طفولته التي تعد المكون الأساسي لمخزون الطفل الفكري والاجتماعي.

وتصف أم وليد حال ابنها لمراسلة "سوا"، قائلة : "أصبح يرفض الخروج، واللعب مع الاطفال، وبات أنانيا وعنيفا" إلى أن وصل لمرحلة تفضيل الجلوس خلف شاشة المحمول على تناول وجبات الطعام الرئيسية.

تهديدات نفسية واجتماعية

عشرات الدراسات نبهت إلى حالة العزلة والجهل الاجتماعي التي باتت تسيطر على عقول الأطفال دون سن الثالثة؛ نتيجة لادمانهم استخدام الهواتف الذكية

وبحسب الدراسات، فإن الطفل دون الثالثة، يبدأ بتكوين معلومات أولية عن العالم الذي يعيش فيه، فيما يصبح رافضا لمحيطه، عند دمجه بذاك الالكتروني.

خبيرة التنمية البشرية حكمت بسيسو، أكدت لوكالة "سوا" صحة ما جاء في الدراسات السابقة، وتقول :"الانسان كائن اجتماعي بطبيعته يؤثر ويتأثر، ويتواصل حيث يرسل ويستقبل"، مستدركة : "لكن عند تشبث الطفل بالجهاز الإلكتروني لفترة طويلة، فإنه يستقبل فقط؛ ما يؤدي لتعطل برنامج النمو لديه".

أما حال سارت عملية التواصل بشكل طبيعي، فإن برنامج النمو يعمل إيجابا، فيصبح الطفل قادرا على التعبير والتفاعل والمناقشة؛ فيكتسب تدريبا على الحياة والتواصل، تضيف الخبيرة بسيسو.

 ويتشكل برنامج النمو لدى الطفل من عمر سنة وحتى السابعة، إذ  تتكون خلالها لغته وهويته التواصلية، ويكتسب المقدرة على الحوار، الأمر الذي ينعكس إيجايا على مخزونه من المصطلحات والجمل؛ ما يجعله قادرا غلى التعبير عما بداخله من أفكار، بحسب الخبيرة.

مخاطر جسدية

 وعلى غرار التأثيرات النفسية، فقد أثبتت الدراسات أن استخدام الهواتف الذكية بإفراط تؤثر بالسلب على على نمو يدي وأعصاب وعضلات عيني الطفل دون العامين.

وتوضح أن الاشعاعات المنبعثة من الهاتف، تصل شبكية العين، ما يؤدي لإضعافها، وبالتالي ضعف في قوة الإبصار.

 كما أن الاستخدام المفرط يجهد عضلات الجسم وفقرات العمود الفقري ويقود للسمنة والسكري؛ كنتيجة مباشرة للجلوس لأوقات طويلة دون حركة، وبطريقة غير صحيحة خلفها.

أنقذوا أطفالكم!.. بالتالي

ولإنقاذ الأطفال من كل تلك النتائج السلبية، دعت بسيسو الأهالي لبرمجة عقول أطفالهم بالجلوس خلف الشاشة الالكترونية في فترة زمنية معينة يوميا، ناصحة بعدم زيادتها عن 100 دقيقية.

كما وجهت الأهالي للعمل على خلق بدائل حيوية وعملية، )شراء أجهزة من "سوق الخردة" وحث الأطفال على اكتشافها والبحث عن القطع الالكترونية الموجودة داخلها والتعرف عليها وعلى تراكيبها؛ ما ي فتح المجال واسعا أمامهم للاكتشاف والتفكير السليم

تحذير: لا للتقليدي!

رغم تلك البدائل المطروحة، إلا أن بسيسو حذرت الأهالي من اللجوء إلى الالعاب التقليدية مثل (السيارات الالكترونية)؛ كونها لا تقوم على بناء الفكر، ومن خلالها يقدم له "وجبه جاهزة"، داعية إلى استبدالها بما يعمل على بناء الفكرة والاكتشاف وتطوير المهارات.

وحثت الخبيرة بسيسو، الأهالي بمشاركة ابنائهم ما يقومون به أثناء جلوسهم خلف الهاتف، وتوجيه أفكارهم ومناقشتهم ما يشاهدون؛ لتكوين وعيهم بشكل سليم.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد