التخصصات المهنية بغزة تتفوق على الأكاديمية
غزة /سوا/ وفاء أبو خصيوان/ لم تتمكن إسراء جمال من اجتياز الثانوية العامة في عامها الأول، وحرصاً منها على استغلال وقتها بالعمل أو الدراسة، لجأت للالتحاق بمركز مهني لتعلم الخياطة والتطريز، وهنا برزت مهاراتها في فن التصميم والأزياء.
إسراء (23 عاما) حصلت على شهادة الدبلوم المهني من الكلية الجامعية للعلوم التطبيقية، لتتمكن من فتح آفاق للإبداع وتحقق طموحها في مجال التطريز والخياطة وتتماشي مع الأزياء العصرية، وبأناملها الناعمة صنعت الشنط والكوفيات والصواني بأشكال وألوان مختلفة، وسوقتها بكميات لا بأس بها.
وبهذا فقد تفوقت على جميع زميلاتها مهنياً، وفي ذات الوقت؛ لم تخسر دراستها الثانوية فتقدمت لامتحان الثانوية وحصلت على شهادتها بمعدل يؤهلها لدخول التخصصات الجامعية كما رغبت سابقاً.
وائل نضال البطراوي شاب من غزة أدرك نفسه متأخراً بعد أن أضاع عامين ونصف في دراسته الجامعية، وقرر ترك الدراسة الأكاديمية في جامعة الأقصى ليلتحق بتخصص مهني في الكلية الجامعية للعلوم التطبيقية.
التحق البطراوي (25عاما) بقسم أنظمة الطاقة الشمسية وتخرج بشهادة دبلوم مهني بمعدل 95% وهو الأول على دفعته، وما كان ليحقق ما أراد من خلال الجامعة التي باتت تصنع البطالة في ظل تكدس أعداد الخريجين العاطلين عن العمل.
مغامرة وائل كانت تجربة محفوفة بالمخاطر إلا انه نجح وتفوق وحقق ما خطط له وحصل على فرصة عمل في شركة مختصة بأنظمة الطاقة الشمسية بعقد امتد لثلاثة أشهر.
وعن سبب تركه للدراسة الجامعية والالتحاق بالتدريب المهني قال البطراوي: "إن التخصص جديد ويشكل عنواناً للمرحلة القادمة، نظراً للحاجة المُلحة لهذه التقنيات خصوصاً في قطاع غزة الذي يعاني من مشكلة الكهرباء منذ سنوات"، فيما يطمح لفتح شركة خاصة بالاشتراك مع مجموعة خريجين من ذات التخصص المهني.
وائل وإسراء؛ وبعد خوض تلك التجربة المهنية أصبحا يشجعان الفتية والفتيات المتعلمين وغير المتعلمين للالتحاق بالبرامج المهنية والتطبيقية لما توفره من فرص عمل بسهولة أكبر من التخصصات الجامعية، وتؤهلهم لإنشاء مشاريعهم الخاصة بأقل الإمكانيات ومعدات بسيطة ومتوفرة.
شادي أبو شنب مساعد نائب رئيس الكلية الجامعية للعلوم التطبيقية، أكد أن هناك إقبال ملحوظ على التسجيل في الدبلوم المتوسط، على اعتبار انه يعتمد على الجانب المهاري والدورات والتدريبات أكثر من الجانب النظري، فضلا عن إمكانية الحصول على فرصة عمل مباشرة بعد التخرج، كون الطالب يصبح مهيئاً لسوق العمل بشكل أوسع.
وأشار أبو شنب في حديثه لـ"سوا"، إلى أن هناك طلبة مُجبرين على دراسة الدبلوم المتوسط بسبب معدلاتهم في الثانوية العامة، وهناك طلبة آخرين متفوقين في الثانوية العامة ويتقدموا لدراسة الدبلوم لتوفير الوقت، وإمكانية فتح مشروع خاص بهم بعد التخرج مباشرة وعدم انتظار الوظيفة، كما تتيح لهم إمكانية الالتحاق ببرامج البكالوريوس مستقبلاً.
من جهته، أوضح محمد حسونة مسئول برامج الدبلوم المهني في الكلية الجامعية، أن الدبلوم المهني مدته عام دراسي واحد؛ يتم التركيز خلاله على الجانب العملي بنسبة 70%، وخلال الدراسة يتم تأهيل الطلبة بدورات تدريبية في المجالات الحياتية لبناء شخصية الطالب ومن ثم تأهيله لفتح مشروعه الخاص ومباشرة عمله، ولا يشترط شهادة الثانوية العامة للالتحاق ببرامج التدريب حسب قانون وزارة العمل.
وبلغت نسبة الطلبة الذين حصلوا على فرص عمل بعد تخرجهم في العام الماضي ما يقارب 50%، حيث تقوم الكلية بالشراكة مع المؤسسات والشركات الدولية بترشيح الخريجين للاستفادة من برامجهم التشغيلية، وفق ما أكدته إدارة الكلية.
وزارة التربية والتعليم العالي بغزة، اكدت أنها باتت تشجع الطلبة للالتحاق بالبرامج المهنية، وتحسين صورته التي تشكلت بشكل تراكمي في المجتمع عن طريق الحملات الإعلامية، مشيرةً الى أن الوزارة تعمل على التوسع في المدارس المهنية النظامية وإنشاء وحدات مهنية عصرية متخصصة في مهنة معينة لتشجيع الطلبة للالتحاق بالتدريب المهني.
وأوضح رئيس قسم التوجيه المهني خلدون محمد لـ "سوا"، أن الإقبال على التعليم المهني يزداد عام بعد عام خاصة بعد افتتاح برامج الدبلوم المهني في تخصصات متجددة لمدة عام في الكليات التقنية المختلفة والمنتشرة في جميع أنحاء القطاع.
وأضاف أن المجتمع الفلسطيني أصبح يعي تماما أن حقيقة مصادر العيش من وراء العمل في المهن المختلفة.