الاتفاق النووي محط خلاف سياسي أمني إسرائيلي
القدس المحتلة/سوا/ تسود خلافات جدية بين المستوى السياسي الإسرائيلي، وخاصة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ، ووزير الأمن أفيغدور ليبرمان، وبين كبار المسؤولين في الأجهزة الأمنية، وذلك حول ما إذا كان يجب على إسرائيل أن تدفع الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إلى الإعلان عن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الذي جرى التوصل إليه بين إيران وبين الدول العظمى الست.
ونقلت صحيفة "هآرتس" عن مسؤولين إسرائيليين كبار، وجهات في الأجهزة الأمنية تنشغل بهذه المسألة، قولهم إنه في حين يعتقد نتنياهو وليبرمان أن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي يخدم مصلحة إسرائيل، فإن جهاز الأمن يتحفظ من ذلك.
كما نقلت عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إن نتنياهو وسفير إسرائيل في واشنطن، رون ديرمر، يشجعان الرئيس ترامب، والدائرة المحيطة به من المستشارين، على عدم المصادقة مجددا على الاتفاق النووي، والإعلان أن إيران تخرق الاتفاق.
وبحسب المصادر ذاتها، فإن ليبرمان يدعم موقف نتنياهو، علما أن الأخير سوف يجتمع مع ترامب على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، وسيكون مستقبل الاتفاق النووي أحد المواضيع المركزية التي ينوي نتنياهو طرحها أمام ترامب.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول إسرائيلي قوله إن نتنياهو وديرمر يدفعان البيت الأبيض باتجاه عدم المصادقة مجددا على الاتفاق النووي، مضيفا أنه بالنسبة لنتنياهو فإن هذا الأمر هو أهم ما يمكن أن يفعله ترامب، وإنه يأمل أن يؤدي ذلك إلى تجديد فرض العقوبات الاقتصادية على إيران من جانب الكونغرس.
تجدر الإشارة إلى أنه بعد أن اقتبست "رويترز"، الثلاثاء الماضي، مسؤولين أميركيين يدعون أن إسرائيل غير معنية بانسحاب واشنطن من الاتفاق النووي، سارع نتنياهو إلى نفي ذلك، والتأكيد على أن موقف إسرائيل يتلخص في تعديل الاتفاق أو إلغائه.
وبعد يوم واحد، قال ليبرمان إنه يدعم موقف نتنياهو، بادعاء أن الاتفاق لا يؤخر المشروع النووي الإيراني حتى ليوم واحد.
وأشارت الصحيفة إلى أن موقف نتنياهو وليبرمان يختلف عن موقف غالبية المستويات المهنية ذات الصلة في إسرائيل، مثل الاستخبارات العسكرية وشعبة التخطيط في الجيش الإسرائيلي والموساد ووزارة الخارجية واللجنة للطاقة الذرية.
وفي حين يطمح نتنياهو إلى إعلان ترامب أن إيران لا تلتزم بالاتفاق، فإن كل الهيئات الاستخبارية الإسرائيلية تجمع على أن إيران لم تخرق أي بند من بنود الاتفاق النووي منذ التوقيع عليه في جنيف قبل سنتين وشهرين. كما لا يوجد أي إثبات بيد الهيئات الاستخبارية يؤكد أن إيران حركت مجددا مشروعها النووي خلافا لالتزاماتها.
ونقلت الصحيفة عن الوكالات الاستخبارية الإسرائيلية قولها إن إيران تبذل جهدا في الالتزام بالاتفاق كي تحصل على مقابل في العلاقات مع المجتمع الدولي. وتتماشى هذه التقديرات مع ما توصل إليه مفتشو الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والتقارير الدولرية التي ينشرها مدير الوكالة يوكيا أمانو.
وأضافت الصحيفة أنه في حين يطمح نتنياهو وليبرمان في أن يعمل ترامب على انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، فإن الأجهزة الأمنية والاستخبارات ووزارة الخارجية تعتقد أنه على الرغم من أن الاتفاق سيئ بالنسبة لإسرائيل، فإن خيار انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق سينشئ وضعا أسوأ بكثير. وأن المستويات المهنية تعتقد أن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق لا يؤدي بالضرورة إلى انسحاب باقي الدول العظمى، ولن يؤدي إلى عزل إيران أو فرض عقوبات اقتصادية دولية مجددا عليها، وإنما سيؤدي ذلك إلى انقسام المجتمع الدولي والمس بمواصلة الرقابة على المشروع النووي الإيراني.
ونقل عن مسؤول إسرائيلي قوله إن نتنياهو وليبرمان يعتقدان أن المجتمع الدولي منقسم، وخاصة في ظل العلاقات المتردية بين الولايات المتحدة وروسيا، ولا يبدو أن المجتمع الدولي قادر على اتخاذ قرارات حقيقية، وهو ما تجلى في الأزمة الحالية حول البرنامج النووي الكوري الشمالي.
وأضاف المسؤول نفسه أن نتنياهو وليبرمان يعتقدان أن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق، وفرض عقوبات اقتصادية صارمة مجددا على إيران، مثل منع الاتجار الأميركي مع أي جهة لها علاقات تجارية مع إيران، الأمر الذي من شأنه أن يردع الشركات الضخمة الأوروبية المسؤولة عن غالبية الاستثمارات في إيران اليوم، وهي استثمارات تسمح لإيران بزيادة ميزانية الأمن بشكل ملموس، بحسب المسؤول نفسه.
وتابعت الصحيفة أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تعتقد أن المهمة المركزية للأجهزة الاستخبارية هي التأكد من عدم خروج إيران عن الاتفاق، وعدم إقامة قنوات سرية التفافية للدفع بمشروعها النووي. كما تعتقد الأجهزة الأمنية أن هناك مصلحة إسرائيلية واضحة في العمل على تحسين الاتفاق، وخاصة تشديد الرقابة الدولية على المنشآت النووية الإيرانية.
إلى ذلك، لم تقدم الأجهزة الأمنية أية توصية لنتنياهو بالعمل على إقناع الإدارة الأميركية بإلغاء الاتفاق النووي أو الانسحاب منه. كما يشكك بعضهم في إمكانية تحسين الاتفاق وتجنيد روسيا والصين والاتحاد الأوروبي، وفرض شروط جديدة على طهران. وحتى اليوم لم يجر العمل على خطة مفصلة في إسرائيل والولايات المتحدة لمواجهة إمكانية انتهاء جهود تحسين الاتفاق بالفشل، وتفجر المحادثات بين المجتمع الدولي وبين إيران.
ونقلت "هآرتس" عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إن النقاش الداخلي في إسرائيل بشأن الاتفاق النووي مماثل للنقاش الداخلي الجاري في وسط الإدارة الأميركية. فالرئيس الأميركي ترامب صرح عدة مرات بأنه ينوي الانسحاب من الاتفاق النووي والعمل على إلغائه، إلا أن رؤساء الهيئات السياسية – الأمنية، مثل وزير الدفاع جيمس ماتيس، والمستشار للأمن القومي هربرت مكماستر، ووزير الخارجية ريكس تيلرسون، يتحفظون من الانسحاب من الاتفاق، ويخشون من أن يكون ذلك في صالح إيران، ويعتقدون أنه من الأفضل التركيز على عمليات لصد النشاط الإيراني في الشرق الأوسط.