نيويورك تايمز:" برنامج المصالحة في غزة" يثبت أقدام دحلان ولن ينهي الانقسام
غزة / سوا / كان "أحمد أبو حرب" شاب فلسطيني ينتمي لحركة المقاومة الإسلامية " حماس " على وشك الزواج عندما أطلق عنصر من فتح النار عليه، وأرداه قتيلاً في مخيم للاجئين بغزة، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية.
وقالت الصحيفة، إن الكثير من الضحايا سقطوا خلال الاشتباكات بين حماس وفتح للسيطرة على غزة في يونيو 2007، والتي انتهت بسيطرة حماس على القطاع الذي يبلغ عدد سكانه نحو مليوني نسمة.
وأضافت، والآن بعد عقد من الزمان، بدأت عائلات الضحايا بدفع تعويضات قدرها 50 ألف دولار عن كل قتيل ضمن برنامج المصالحة الجديد الذي نظمه الرئيس السابق لقوات الأمن في غزة محمد دحلان .
وتابعت، إن البرنامج الذي يهدف لرأب الصدع بين الفصائل في غزة، يمثل أيضا مناورة جريئة لدحلان للعودة للمشهد السياسي الفلسطيني بعد سنوات في المنفى.
وبصفته قائد الأمن في القطاع حتى عام 2007، دحلان متهم بتعذيب أعضاء بحماس، وشغل منصب وزير الداخلية في السلطة الفلسطينية حتى وقع خلاف مع عباس الذي يعتبره منافسا خطيرا ومنعه من دخول الضفة.
وأوضحت، أن دحلان حاليًا يحاول تحسين صورته، واستعادة نفوذه في غزة، عن طريق إقامة علاقات مع زعيم حماس الجديد، يحيى سينوار، حيث نشأ الاثنان معًا في مخيم خان يونس للاجئين جنوب قطاع غزة وكانا زملاء في الجامعة.
وأشارت الصحيفة إلى أن أحد الأسباب التي قد تكون وراء استعداد السنوار لقائه، هو أن دحلان يأتي بالمال، ويدعم برنامج المصالحة وتعهد بدعم القطاع.
ونقلت الصحيفة عن "عماد محسن" المتحدث باسم تيار الإصلاح الديمقراطي بحركة فتح بقيادة دحلان قوله:" اليوم اعترفت حماس بأن دحلان رجل قوي في المنطقة".
والشهر الماضي، نظم برنامج المصالحة سلسلة من الفعاليات العامة في مختلف أنحاء القطاع تجمع عائلات الطرفين المفجعة، وحتى الآن، تلقت أربع عائلات جزء من التعويضات المقررة.
وأوضحت الصحيفة أن البرنامج لن يساعد على إنهاء الانقسام بين فتح وحماس، لكنه محاولة من دحلان لاستعادة موطئ قدم سياسي في الأراضي الفلسطينية، ويعكس انقساما متزايدا داخل حركة فتح.
دحلان يفتقر إلى دعم قادة فتح في الضفة، وتظهر استطلاعات الرأي أنه لا يملك سوى القليل من التأييد بين الناس هناك، بحسب غسان الخطيب، خبير سياسي.
ويرى البعض أن البرنامج أقل جهدًا لإنهاء الخلاف الطويل بين فتح وحماس، أكثر من كونه تحالفا بين سينوار ودحلان.
ونقلت الصحيفة عن "ديفيد هاشم" المستشار السابق لعدد من وزراء الأمن الإسرائيليين قوله:" هناك تاريخ من الريبة والكراهية والصراع بين فتح وحماس، لكنهم جميعًا نشأوا في نفس البيئة في غزة، إنهم ليسوا غرباء".
ومع ذلك، ينظر البعض إلى البرنامج على أنه بداية جيدة، وقال "أكرم عطا الله" محلل سياسي في غزة:" إن تحقيق نصف التسوية أفضل من لا شيء.. بعد سنوات من العداء المرير، قطعت الصفقة بعض الحواجز وأعطت الأمل".
دحلان، التقى سنوار ومساعدوهم عدة مرات في القاهرة خلال العام الماضي، تحت رعاية الحكومة المصرية، التي لها مصلحة خاصة في الحفاظ على الاستقرار في غزة.
وقال صلاح البردويل، القيادي في حماس، :إن" برنامج المصالحة أحد أهم القضايا التي نوقشت في القاهرة، والانقسام الفلسطيني ليس سياسيا فحسب.. لقد أصاب قلب النسيج الاجتماعي الفلسطيني، خاصة في قطاع غزة.
وقال صبحية حسنات، عضو في حركة فتح:" لقد أهدرنا 10 سنوات في النزاعات الداخلية.. حماس ليست صديقا لكنها الخيار الوحيد الباقي".
وفي الأشهر الأخيرة، قدمت خمس لجان للمصالحة المحلية قائمة أولية بمنح تعويضات، وشمل ذلك 380 عائلة من فتح و 320 عائلة من حماس.
وقالت الصحيفة، حتى مع دفع فدية 50 ألف دولار، المهمة لن تكون سهلة، حيث قال فؤاد أبو حرب، الذي قتل ابنه أحمد، من فتح، للجنة إنه سيشارك في المصالحة بشرط ألا يعود الرجل الذي قتل ابنه لغزة.
وليس كل فرد في عائلته مستعد للتسامح، وفي الوقت الذي تم فيه إطلاق النار على أحمد أبو حرب، احتجزت فتح اثنين من إخوته الأصغر لمدة ثلاثة أيام وتعرضوا للتعذيب.
وبعض العائلات أصروا على "القصاص"، وقال أبو أسامة هيلس، 51 عاما، إن 22 من أفراد أسرته قتلوا في النزاع، بمن فيهم شقيقه الأكبر شحته الذي قتل عام 2008.
وقال هيلس: "لقد ذبحوا أخي أثناء وجوده مع الأطفال.. وعندما جاءت اللجنة لإقناعه بقبول الأموال، قلنا نسامح الأشخاص الذين يقتلون عن طريق الخطأ، وليس عمدًا".