لاعبو غزة.. نجومٌ في الملعب وعمالٌ خارجه!

جماهير في دوري غزة -توضيحية-

غزة /سوا/كرم السيسي/ تهتف لهم الجماهير بحرارة، وتتسابق لالتقاط الصور التذكارية معهم، ويعتبرون الفئة الأكثر ثراءً، هذا هو المشهد الطبيعي لنجوم كرة القدم في الغالبية العظمى من دول العالم، لكن تلك الصورة منقوصة بالنسبة للاعبي غزة.

يهرولون صباحًا باحثين عن أرزاق أبنائهم بعيدًا عن الساحرة المستديرة، متناسين مدى تأثيرها على الحالة الصحية والبدنية والنفسية الواجب توافرها لدى لاعب كرة القدم، قبل أن يتوجهوا عصرًا إلى ملاعب أنديتهم؛ لخوض التدريبات الاستعدادية للموسم الجديد المقرر انطلاقه يوم 15 سبتمبر/ أيلول المقبل.

ويضطر السواد الأعظم من لاعبي غزة، لسلك النهج السابق؛ بسبب عجز الأندية عن توفير احتياجاتهم المالية؛ في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعاني منها، وعدم وجود شركات راعية لكل ناد، باستثناء تلك التي تُقدِم على رعاية المسابقات الكروية مقابل مبلغ يتراوح ما بين مليون إلى مليون ونصف دولار لمسابقات الضفة الغربية وقطاع غزة معًا.

وثمة آلية يعتبرها لاعبون ظالمة؛ كونها تربطهم بأنديتهم بموجب عقد "احتكار" مدى الحياة؛ كونهم من أبناء النادي ولا يحق  لهم الحصول على رواتب كما لاعبي التعزيز "المُدللين" الذين يتقاضون مبالغ طائلة قد تزيد عن 15 ألف دولار بالموسم؛ الأمر الذي يدفعهم إما لهجران كرة القدم أو البحث عن مصدر دخلٍ مُساند.

اعتزال كرة القدم

حال إياد أبو دياب حارس مرمى الهلال أحد أندية الدرجة الممتازة، لا يختلف عن كثيرٍ من زملائه اللاعبين، إذ اضطر إلى ترك الملاعب نهائيًا والتفرغ إلى عمله بمهنة السباكة؛ بعدما رفض ناديه منحه جزءًا من حقوقه المالية.

ويقول أبو دياب لـ"سوا" : "طلبت من مجلس إدارة النادي، مبلغ مالي بسيط لأوفر لقمة العيش لأسرتي والاستمرار في اللعب، لكن طلبي قوبل بالرفض؛ بداعي عدم وجود ميزانية كافية".

ووصف نظام الهواة المطبق بدوري غزة بـ"الظالم"؛ كونه لا يضمن للاعب حقه وكرامته، على حد تعبيره، مؤكدًا حق اللاعبين بالحصول على مقابل مادي؛ ليتمكنوا من تغطية التزاماتهم في ظل الظروف الصعبة.

 

 

عامل في السوق

أما مهند الديراوي لاعب أهلي النصيرات المنافس بدوري الدرجة الثانية، فأجبر على العمل في الأسواق الشعبية؛ لتأمين رسوم دراسته الجامعية.

وقال الديراوي لـ"سوا" : "اللاعب في غزة مظلوم، كما الأندية؛ نظرًا لافتقارها الدخل الثابت اللازم لتغطية رواتب واحتياجات اللاعبين".

ويعمل الديراوي في أحد المحلات بسوق النصيرات وسط قطاع غزة لمدة 12 ساعة يوميًا مقابل 800 شيكل شهريًا؛ الأمر الذي يساعده على تغطية نفقات تعليمه، فيما يحرمه من تقديم كل ما يملك من طاقة وموهبة لناديه.

 

 

عجز 60 ألف دولار

وتُبرر الأندية الغزية سبب أوضاعها المالية الصعبة، بقلة الأموال القادمة من منحة الرئيس والشركة الراعية مقارنة بحجم مصروفاتها الموسمية.

وفي هذا الإطار، يوضح خالد كويك رئيس نادي شباب رفح لـ"سوا" أن مصروفات ناديه خلال الموسم تفوق 100 ألف دولار كرواتب للاعبي والمدربين ولجلب المستلزمات الرياضية، فيما لا تتجاوز قيمة المنحة والرعاية مبلغ 40 ألف دولار.

ويُقدم المجلس الأعلى للشباب والرياضة عبر الرئيس محمود عباس منحة مالية قدرها 600 ألف دولار كل موسم لأندية غزة كافة، فيما ترعى إحدى الشركات الوطنية إما جوال أو الوطنية موبايل المسابقات الكروية الفلسطينية في الضفة الغربية والقطاع بمبلغ مليون ونصف دولار للموسم الواحد.

وأشار إلى أن ذلك العجز "يدفع اللاعبين إلى عدة مشاكل مع الأندية، أبرزها (المطالبة المستمرة بالاستغناء، والمكافآت المالية)؛ بسبب إعطاء اللاعب القليل من المال؛ كون الأندية عادة ما ترد بـ "عدم توفر ميزانية كافية".

وطالب كويك بضرورة وجود منظومة تعمل على التنسيق بين اللاعب والنادي، على ان تكون العلاقة بين الطرفين مصلحة متبادلة ومشتركة، "بمعنى أن اللاعب يمكن أن يترك النادي، ولكن وفق الشروط المتفق عليها بينهما مسبقاً".

 

 

العقود هي الحل

من جهته، أكد محمد العمصي نائب الأمين العام المساعد بالاتحاد الفلسطيني لكرة القدم، أن الحل يكمن بتوقيع عقود رسمية بين اللاعب والنادي، بحيث يضمن كلاهما حقه.

وأوضح العمصي لـ"سوا" أن أندية غزة تتبع نظام الهواة، "بمعنى لا يوجد عقود رسمية للاعبين"، على عكس الضفة التي تطبق نظام الاحتراف الذي يضمن حق اللاعبين.

وأشار إلى أن الاتحاد ليس له علاقة بدخل الأندية، مبينًا أن "مهمة الاتحاد الأساسية، تتمثل في تنظيم البطولات، وإدارة المسابقات بشكل صحيح والحفاظ على نجاحها واستقرارها بعيدًا عن المناكفات السياسية".

وينطلق دوري غزة هذا الموسم يوم 22 سبتمبر المقبل، وسط ظروف اقتصادية صعبة طالت الأندية كافة، وبنية تحتية مهترئة تعاني منها ملاعب القطاع.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد