مصادر أمنيّة بتل أبيب: المُناورة مهمّة ولكنّ الامتحان الحقيقيّ للجنود والضباط بالحرب فقط

مناورات الجيش الاسرائيلي

القدس / سوا / كان جليًّا وواضحًا أنّ الجيش الإسرائيليّ أطلق العنان للمُحللين والخبراء لتعظيم المناورة التي يقوم بإجرائها لليوم السادس على التوالي، والتي ستسمّر 11 يومًا، ولكن على الرغم من ذلك، بانت الأصوات التي تُعتبر في تل أبيب نشازًا، وخارجةً عن الإجماع القوميّ الاسرائيلي، فعلى سبيل الذكر لا الحصر، رأى معلق الشؤون العسكرية في صحيفة (يديعوت أحرونوت) اليكس فيشمان، أنّه مع كلّ الاحترام للمناورة العسكرية الحاليّة للفيلق الشماليّ، إلّا أنّ الاختبار الحقيقيّ لرجل الجيش هو في الحرب نفسها، على حدّ وصفه.

وأضاف فيشمان، صاحب الباع الطويل في المؤسسة الأمنيّة في تل أبيب، أضاف قائلاً إنّه عندما ينفخ الجيش الإسرائيليّ العضلات على الحدود الشماليّة ويتحدّث عن هزيمة حزب الله في حملةٍ عسكريّةٍ، نوصي بالعودة إلى العام 2006 كي نحصل على بعض التوازن بالنسبة للفجوة التي بين الخطاب وقدرة التنفيذ.

وأوضح فيشمان، الذي اعتمد كعادته على مصادر أمنيّةٍ رفيعةٍ في تل أبيب، أوضح قائلاً مع أنّه من المهم جدًا أنْ تُبدي إسرائيل شدّةً في مواجهة الحكم اللبنانيّ وحزب الله، وتؤكّد الرسائل والنوايا، ولكن محظور أنْ نسير أسرى خلف المناورة النقيّة التي حملت اسم مئير دغان، رئيس الموساد السابق والذي تُوفّي العام الماضي، والتي ينفذها الجيش هذه الأيام، ومن شأنها أنْ تُدخل الجمهور الإسرائيليّ في حالةٍ من عدم المبالاة  ورضا عن النفس، بحسب تعبيره.

ولفت المُحلل الإسرائيليّ أيضًا في سياق تحليله إلى أنّ أحد الأحداث التي أكّدت حقيقة الأداء الفاشل للجيش في حرب لبنان الثانية بصيف العام 2006 وقع بالذات في مؤتمر عقده الجيش قبل نحو سنةٍ لإحياء ذكرى 10 سنوات على حرب لبنان الثانية.

الجمهور، بالطبع، تابع فيشمان، لم يُشارك في الدروس التي استخُلصت في ذلك المؤتمر، لافتًا إلى أنّه في إحدى الندوات جلس قادة الفرق في تلك الحرب، وعرضوا على مسامع جمهور الضباط دروسهم الشخصيّة. وأمامهم جلس اثنان اتهموهم بعدم تنفيذ  الأوامر. لم يكن المتهمان نائبين متحمسين أوْ صحافيين ساعيين إلى ترك الأثر، بل رئيس أركان تلك الحرب الجنرال في الاحتياط دان حالوتس، ورئيس الأركان الحالي الجنرال غادي آيزنكوت، الذي كان في العام 2006 رئيسًا لشعبة العمليات، وكان عمليًا مَنْ اصدر تلك الأوامر لقيادة المنطقة الشماليّة، والتي لم تُنفذ.

وتابع معلق الشؤون العسكرية في الصحيفة قائلاً إنّ حالوتس وآيزنكوت” زعما بأنّ قادة الفرق، الذين يجلسون معهم على المنصة، تلقوا أمرًا بتنفيذ هجومٍ تُشارك فيه فرقتان، ولأسبابٍ محفوظةٍ لديهما لم يفعلا ذلك، ومع أنّ الهجوم بالفرقتين على سلسلة جبال الحمامص (الخيام) بدأ ظاهرًا، ولكن سرعان ما توقف بعد أنْ قرر احد قادة الفرق بأنّ الظروف لا تسمح له بتنفيذ المهمة، وطلب من قائد المنطقة الشمالية التوقف، فتوقف الهجوم.

وأردف المعلق العسكري قائلاً إنّه لا شكّ بأنّه في أثناء المناورات التي سبقت تلك الحرب، نفذ قائد الفرقة عينها المهام بشكلٍ استثنائيٍّ، وفي كلّ الظروف، ودمر العدو، مؤكّدًا على أنّه هنا تكمن الفجوة بين خطاب رجال الجيش وكفاءة التنفيذ، مُوضحًا في الوقت نفسه أنّه على الرغم من أنّ رئيس الأركان توصلّ إلى الاستنتاج بأنّ ضباطه لم ينفذوا أوامره، إلّا أنّه تمّت ترقيتهم إلى رأس الهرم.

كما لفت فيشمان إلى أنّ المناورة الشاملة في قيادة المنطقة الشماليّة، والتي تجري هذه الأيام تحل في واقع الأمر محل المناورة الاركانية التي يجريها الجيش الإسرائيليّ كلّ سنةٍ، مُعتبرًا أنّ هذه السنة تقرر لأسبابٍ ماليّةٍ أوْ تنظيميّةٍ على ما يبدو، تنفيذ مناورة شاملة، وإنْ كانت بحجمٍ أوسع من المعتاد، إلّا أنّها لا تزال في مستويين تحت الرؤيا الاركانية، فالمناورة الحالية لا ترى سوى ساحة قتاليّة واحدة، أكّد فيشمان.

بالإضافة إلى ذلك، أوضح أنّه في تقديرات الوضع المتفائلة فإنّ القتال حين سينشب سيضم ساحتين على الأقل: الفلسطينيّة واللبنانيّة، وذلك في الوقت الذي ما يعتبر اليوم الساحة السورية هي ثانوية للقتال، والتي من شأنها أنْ تصبح أساسيّةً في المواجهة.

وخلُص المُحلل الإسرائيليّ إلى القول إنّ المناورات هامّة، والإعلام هام، والردع هام والدعاية لهذا الغرض محتمة، شرط ألّا نقوم بتشويش عقولنا فقط، بحسب تعبيره.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد