لقد بات من الواضح التطور الحاصل لدى المقاومة الفلسطينية من خلال التكتيك وتقدير الموقف السليم والاستخدام الامثل للموارد وتوظيف التخصصات في المعركة لم تعد تلك المقاومة العشوائية التي تعمل وفق هوى معين او كلما لاحت فرصة ولم تعد تلك المقاومة التي كانت اسرائيل تستطيع التغلب عليها بتوجيه الضربات المباشرة بكل سهولة .

لقد وجهت المقاومة للجيش الاسرائيلي ضربات موجعة غير ان الاخير من المعروف عنه الاستفادة من اخطائه فمع كل تطور للمقاومة كان الجيش الاسرائيلي ولا يزال يطور من وسائله ودفاعاته لكبح جماح اخطار تلك التطورات وفق منحنى يتزايد مع تزايد نمو اداء المقاومة .

فمثلا سلاح المدرعات عند الجيش الاسرائيلي والذي يعتبره الجيش اهم الاسلحة والركيزة الاساسية له بالمعركة تطور هذا السلاح مع تزايد الاخطار المحدقة به بعد امتلاك المقاومة اسلحة جديدة ونوعية ففي السابق لم يكن التدريع الخاص بالدبابات والمدرعات كبيرا مقارنة بما هو موجود من سلاح مع المقاومة آن ذاك حتى استطاعت الاخيرة امتلاح الاسلحة النوعية والموجهة لكن مقابلها طورت اسرائيل اجيال دباباتها وصولا لميركافا 4 التي تتميز بالقدرة على التغلب على هذه الاسلحة الموجهة بأنظمة الدفاع الايجابية لها كنظام تروفي الذي يدمر المقذوفات قبل وصولها للدبابة فضلا عن التدريع القوي لها.

الحاجة للأنفاق

الانفاق هي احد التطورات التي جرت على تكتيك المقاومة في القتال ضد الجيش الاسرائيلي والذي جاء كاستفادة من حزب الله اللبناني الذي استخدم هذا التكتيك في قتال اسرائيل ونجح فيه من خلال الاختفاء عن منظور الطائرات وانظمة الرؤية الحديثة في الدبابات التي يمتلكها الجيش الاسرائيلي وتمكنت المقاومة حينها من توظيف هذا السلاح في البدايات لتنفيذ العمليات الهجومية او التفجيرية ضد مواقع وتحصينات الجيش الاسرائيلي في قطاع غزة ونجحت بذلك في ايقاع خسائر فادحة لم تكن بالحسبان.

بعد الانسحاب الاسرائيلي من قطاع غزة بسبب تزايد الاخطار على المستوطنين الجاثمين على القطاع ومع الحروب التي شنها الجيش على القطاع استخدمت المقاومة الفلسطينية الانفاق لعدة استخدامات منها ما هو معد لإطلاق الصواريخ ومنها للعمليات الهجومية والانزال خلف الخطوط ومنها للعمليات الدفاعية والقتال داخل القطاع .

اسرائيل وعندما فشلت استخباراتيا في كشف هذه الانفاق وخاصة التي تسببت بعمليات هجومية ناجحة في الحرب الاخيرة على قطاع غزة مثل عملية ناحل عوز وعملية ابو مطيبق وغيرها ادركت خطورة هذه الانفاق وبالتحديد الممتدة داخل الخط الفاصل .

بدء التفكير لديها بإيجاد حلول من خلال البحث المتواصل عن هذه الانفاق من خلال الحفارات التي استمرت بالعمل في محيط اغلب المواقع الاسرائيلية والتي لم تأتي بأي نتيجة حتى الان وصولا للإعلان عن عزم الاحتلال بناء جدار اسمنتي على طول الحدود مع قطاع غزة للقضاء على الانفاق .

الجدار

كما اعلنت اسرائيل فإن الجدار الذي ستبنيه سيقضي على سلاح حماس الاستراتيجي وهو بعمق 40 مترا تحت الارض وبطول 6 امتار فوقها وسيمتد على طول القطاع بمسافة 64 كيلو متر وتكلفته ستصل لثلاثة مليارات شيكل .

ان استمر العمل بهذا الجدار وفق هذه المعلومة فالتقديرات تشير انه سيكون ناجحا في كشف عدد من الانفاق الممتدة داخل الخط الفاصل لكن بالعودة لعنوان المقال هل هذه الانفاق هي سلاح حماس الاستراتيجي ؟؟

وفق اعتقادي فإني لا اعتبر ان اسرائيل قد وصلت او سحبت كما تقول سلاح حماس والمقاومة الاستراتيجي فلو فندنا بشكل منطقي بعد الحرب الاخيرة على القطاع والعمليات التي نفذها المقاومة مستخدمة هذه الانفاق وتصريحات الاحتلال بخطته الجديدة خلال أي حرب قادمة بإجلاء المستوطنين في المستوطنات المحاذية للقطاع خلال 6 ساعات نجد ان هذه الانفاق رغم اهميتها في المعركة لن تكون ناجعة او مؤثرة سوى بالعمليات المبادرة فقط قبل انطلاق الحرب والمعركة وبالتالي سيكون هذا الاستخدام الوحيد لها حسب اعتقادي او حسب ما يكون متاحا خلال المعركة .

اما الركيزة المهمة والاعتماد الاكبر سيكون على الانفاق الموجودة داخل القطاع وهي الانفاق الدفاعية والانفاق المستخدمة لإطلاق الصواريخ وهنا مربط الفرس الصواريخ .

ان اهم سلاح تمتلكه حماس اليوم هو الصواريخ والتي توفر عليها الكثير من العناء في المعركة واحداث اكبر قدر ممكن من الاذى بالخصم وهو ما شهدناه بالمعركة الاخيرة لدرجة تحدي القسام الواضح بعدم قدرة القبة الحديدة التي  صنعتها اسرائيل من اسقاط صواريخ المقاومة بمدياتها المختلفة .

التجارب الاخيرة على صواريخ المقاومة والتي كانت بشكل دوري بعد الحرب الاخيرة على القطاع تثبت بشكل قوى ان المقاومة لا تزال تطور من امكانيات هذه الصواريخ التدميرية وايضا تطوير قدرتها على تجاوز القبة الحديدية حتى تكون بمثابة عامل مؤثر خلال المعركة.

اذا الصواريخ هي سلاح حماس الاستراتيجي وليست الانفاق التي سيتم انشاء الجدار لأجلها  وان كان الاحتلال قد برع في استغلال الحدث لإحداث صدمة وخيبة امل للخصم لكن نذكره بخط بارليف الذي تباهى به وبقوته وتمكن الجيش المصري حينها من تجاوزه بخراطيم المياه .

اعتقد ان المقاومة الفلسطينية لن تعجزها الوسيلة ولن يقف هذا الجدار الذي وضع كترسيم لحدود دولة محتله ولفصل قطعة من الارض وهي قطاع غزة عن باقي فلسطين لن يقف حائلا امام تطلعات شعب لازال يحلم بالعودة لأرضه وللصلاة بقدسه دون شروط او قيود.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد