تل ابيب: التقديرات الروسيّة تؤكّد أنّه عاجلاً أمْ أجلاً ستُوجّه إسرائيل ضربةً عسكريّةً لإيران بسوريّة
القدس / سوا / يُجمع الخبراء والمُختصين ومراكز الأبحاث في إسرائيل على أنّ التواجد العسكريّ الإيرانيّ في سوريّة سيزداد في المُستقبل القريب، كما أنّهم يؤكّدون على أنّ روسيا لن تتنازل قيد أنملة عن شراكتها الإستراتيجيّة مع الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران من أجل مصالح إسرائيل، وفي الوقت عينه يُعبّرون عن امتعاضهم الشديد من قيام واشنطن بترك الساحة السوريّة لموسكو، بحيث بات الرئيس الروسيّ، فلاديمير بوتن، الآمر الناهي في كلّ ما يتعلّق بهذه الدولة العربيّة.
وهكذا في ظلّ فشل جميع رهانات تل أبيب في سوريّة، من تقسيمها إلى دول إثنيّةٍ وعرقيّة، وإقامة منطقة آمنة في الجنوب السوريّ وحتى إسقاط الرئيس د. بشّار الأسد، فإنّ رئيس الوزراء الإسرائيليّ عاد ليُكرر اللجوء إلى الخيار العسكريّ ضدّ إيران في سوريّة، كما فعل في السنوات الماضية عندما درج على تهديد إيران بتوجيه ضربةٍ عسكريّةٍ لمنشآتها النوويّة، حتى دون الحصول على ضوءٍ أخضرٍ من واشنطن، وهو الأمر الذي لم يخرج إلى حيّز التنفيذ.
ولكن، خلافًا للبرنامج النوويّ الإيرانيّ، فإنّ الأمور تختلف كثيرًا في سوريّة، إذْ أنّ القوّات الإيرانيّة ستُرابط على بُعد 10 أو 15 كيلومترًا من القوات الإسرائيليّة في مرتفعات الجولان العربيّة السوريّة المُحتلّة، وهي مدعومة من حزب الله اللبنانيّ، الأمر الذي، بحسب صنّاع القرار في تل أبيب، يُشكّل خطرًا إستراتيجيًا على الدولة العبريّة.
وفي هذا السياق يجب أنْ نأخذ بعين الاعتبار تورّط رئيس الوزراء الإسرائيليّ في قضايا رشا وفساد وخيانة الأمانة، وإمكانية تقديمه للمحاكمة، الأمر الذي يعني نهاية حياته السياسيّة، وبالتالي من غير المُستبعد أنْ يلجأ نتنياهو لمغامرةٍ عسكريّةٍ في سوريّة ضدّ إيران وحزب الله لصرف الأنظار عن قضايا الفساد وحشد التأييد لنفسه من قبل الإسرائيليين، الذين يعتبرون الأمن في المُقدمة، علمًا أنّ التقدير الإستراتيجيّ الإسرائيليّ للعام 2017 أكّد على أنّ حزب الله هو العدّو الأول، تليه إيران، وفي المرتبة الثالثة حركة حماس الفلسطينيّة في قطاع غزّة.
وفي هذا السياق، قال الخبير الإسرائيليّ المُخضرم في الصناعات الأمنيّة والعسكريّة آرييه أغوزي إنّ اللقاء الذي جرى بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأسبوع الماضي أكّد أمرًا واحدًا وهو أن روسيا لن تتخلّى عن أيٍّ من مكاسبها الإستراتيجية في سوريّة من أجل مساعدة تل أبيب. وأضاف أغوزي إنّ نتنياهو قال لبوتين إنّ إسرائيل قلقة جدًا من اشتراك إيران في الصراع في سوريّة.
واعتبر الخبير أنّ روسيا لن توقف ما أسماه بالتوغل الإيرانيّ في سوريّة، مضيفًا أنّ موسكو تعزّز من حضورها العسكري في سوريّة، وتابع أنّ روسيا أقامت نظام حماية جوي متّحد في سوريّة، بتعاونٍ وثيقٍ مع مختصين عسكريين روس وسوريين، لافتًا إلى أنّ مجموعة الدفاع الجوي الروسية في منطقة مطار “حميميم” تشمل كتيبة هندسة اتصالات، بطارية صواريخ دفاع جوي “Pantir-S” ومنظومات إطلاق نار ومنظومات صواريخ دفاع جوي من نوع″ S-400″. وقال الخبير، وفقا لمختصين إسرائيليين إنّ منظومات الـ “S-400 ” قادرة على تدمير أهداف بمدى يصل إلى 400 كلم وبارتفاع يصل إلى 33 كلم.
على صلةٍ بما سلف، فإنّ سفير إسرائيل الأسبق في موسكو، تسفي ماغين، ورئيسة شعبة الأبحاث السابقة في جهاز (الموساد) الإسرائيليّ، سيما شاين، نشرا دراسةً على موقع مركز أبحاث الأمن القوميّ الإسرائيليّ، التابع لجامعة تل أبيب، أكّدا فيها على أنّ التقديرات الروسيّة تُشير إلى أنّ التباينات والخلافات بين طهران وتل أبيب، تصرّفات إيران في سوريّة والخشية الإسرائيليّة من ذلك، سيؤدّيان عاجلاً أمْ أجلاً لعمليّةٍ عسكريّةٍ إسرائيليّةٍ، والتي بإمكانها تغيير الوضع القائم على الأراضي السوريّة، والمسّ بحكم الرئيس السوريّ،د. بشّار الأسد، الذي يُعاني من ضعف كبيرٍ في سيطرته على الدولة السوريّة، علمًا أنّ روسيا تعتمد على الأسد في التوصّل لحلٍّ سياسيٍّ في سوريّة، بحسب الخبيرين الإسرائيليين.
وشدّدّ الخبيران في دراستهما على أنّه يتحتّم على إسرائيل رسم سياستها استنادًا إلى ثلاثة عوامل مركزيّة: الأوّل، يُمنع عليها منعًا باتًّا السماح لإيران بالتغلغل أكثر ف سوريّة وتحويلها إلى دولةٍ تحت رعايتها، الأمر الذي سيوسّع مناطق الاحتكاك بين طهران وتل أبيب. الثاني، العلاقات الإسرائيليّة مع روسيا هم بمثابة كنزٍ إستراتيجيٍّ، وبالتالي على تل أبيب أنْ تجد التوازن بين التهديد بتوجيه ضرباتٍ لمصالح حيويّةٍ روسيّةٍ في سوريّة وبين الرغبة في التنسيق الإستراتيجيّ بين إسرائيل وروسيا، والثالث، الولايات المُتحدّة الأمريكيّة، وهي الحليفة الرئيسيّة والمركزيّة للدولة العبريّة، لن تقوم بالعمل نيابةً عن إسرائيل للحفاظ على مصالح الأخيرة في سوريّة، على حدّ تعبير الباحثين الإسرائيليين.