المطالبة بإعادة صياغة رؤية شاملة للعمل الأهلي ومضامينه الوطنية والمجتمعية
غزة / سوا/ حذر ممثلو منظمات أهلية وحقوقية من التداعيات الخطيرة للعجز المالي الذي تمر به المنظمات الاهلية وبخاصة على قدرتها على توفير مختلف الخدمات للقطاعات التي تعمل فيها في ظل تقليص الكثير من الجهات المانحة لدعمها اضافة الى زيادة الاحتياجات الناجمة عن تدهور الاوضاع الانسانية والاقتصادية والاجتماعية في قطاع غزة مطالبين بضرورة بضرورة إعادة صياغة رؤية شاملة للعمل الأهلي للتعامل مع هذا الواقع الصعب.
ودعا المشاركون/ات في ورشة العمل التي نظمتها شبكة المنظمات الاهلية بالأمس تحت عنوان "منظمات العمل الأهلي بغزة في مواجهة أزمة التمويل الخارجي" ضمن مشروع تعزيز الديمقراطية وبناء قدرات المنظمات الأهلية بالشراكة مع المساعدات الشعبية النرويجية إلى الاسراع في وضع استراتيجية وطنية من اجل تعزيز الصمود والمحافظة على سبل العيش واستدامة الموارد.
وفي كلمتة قال مدير شبكة المنظمات الاهلية أمجد الشوا ان الأوضاع الاقتصادية والمعيشية التي يعيشها أكثر من مليوني مواطن في قطاع غزة تتدهور بشكل متسارع، وأن منظمات العمل الأهلي غير بعيدة عن هذه الاوضاع السيئة التي يعيشها شعبنا في ظل ارتفاع غير مسبوق في نسب البطالة والفقر.
وأشار الشوا بان الواقع يتحدث عن نفسه بخاصة مع العدوان الاسرائيلي 2014 وما تبعه من مؤتمر المانحين في القاهرة وعدم ايفاء الدول المانحة بوعودهم، وادعاءات واستخدام الانقسام الداخلي الفلسطيني وما يحدث في الإقليم سببا لما يحدث في تقليص المانحين للدعم المالي بشكل واضح لقطاع غزة سواء على الصعيد الانمائي أو الإنساني في ظل ازدياد الحاجة مقابل ما يتوفر من تمويل.
وأشار الي أن شبكة المنظمات الاهلية حاولت رصد قضية عجز التمويل من خلال استبانة وزعت على المؤسسات الأعضاء في الشبكة لقياس مدى عجز التمويل في المنظمات الاهلية الفلسطينية، وأظهرت النتائج أن هناك عجزا واضحا بدأ يأخذ تأثير ومنحي خطير على واقع المنظمات الأهلية ودورها لذلككان لابد من اعداد ورقة سياسات حول "منظمات العمل الأهلي في قطاع غزةنحو سياسات تمويلية بديلة وخلاقة في مواجهة أزمة التمويل الخارجي".
وبدوره استعرض معد الورقة الباحث في الشؤون التنموية م.تيسير محيسن قائلا إن منظمات العمل الاهلي الفلسطيني في قطاع غزة تشهد قلقا متزايدا بشأن قضية التمويل الخارجي، وهي قضية لا تنفصل عن تراجع الدعم الخارجي للأراضي الفلسطينية المحتلة عموما، موضحا أن الفجوة التمويلية لموازنة الحكومة الفلسطينية هذا العام تبلغ نحو 465 مليون دولار، وتعاني موازنة الأونروا من عجز مالي بحوالي 115 مليون دولار.
وأشار محيسن إلى أن الانفاق على إعادة الإعمار لم يتجاوز 40% من مجموع التعهدات، كما أن أزمة التمويل تفاقم من أزمات قطاع غزة الأخرى في قضايا اساسية مثل (الكهرباء، الرواتب، المياه، الأمن الغذائي، البطالة" وتزيد من تدهور الحالة الإنسانية بصورة غير مسبوقة.
وأوضح محيسن أن انخفاض تمويل المنظمات الأهلية قدرته بعض المصادر غير الرسمية في قطاع غزة خلال عام 2016 بانه انخفض إلى النصف تقريبا مقارنة بعام 2015 حيث أن حوالي 70% من هذا التمويل يذهب للقطاع الاجتماعي (كفالة أيتام، إغاثة وطوارئ، رعاية مسنين وذوي الحاجات الخاصة"، ونسبة تمويل المنظمات الأهلية تبلغ حوالي 10% من حجم التمويل الخارجي لفلسطين.
وبناء على نتائج الاستبانة التي اعدت من قبل الشبكة فان حوالي 60% من منظمات العمل الأهلي غير قادرة على تغطية نفقاتها ومصاريفها، وما لا يقل عن 80% من المنظمات ترى أن عجز التمويل يؤثر على جودة الخدمات المقدمة بشكل كبير.
كما أشارت النتائج بأن أبرز ما تأثرت به المنظمات الاهلية نتيجة عجز التمويل: توقف بعض المشاريع، عجز في تشغيل الأجهزة، تقليص المساعدات المقدمة للمرضى الفقراء (الأدوية، مستلزمات طبية أخرى)، وانعدام القدرة على الاستجابة لحاجات جديدة لدى الفئات.
ولمواجهة مشكلة عجز التمويل من قبل المنظمات الاهلية أظهرت النتائج ان 30% من المنظمات قلصت نفقاتها التشغيلية، 56% تبحث عن مصادر تمويل بديلة (جديدة)، 58% استغنت عن خدمات بعض عامليها، 22% قلصت من رواتب العاملين، 18% تفكر في إيجاد مصادر تمويل ذاتي.
إلى ذلك، اشتملت استراتيجيات أخرى للمواجهة على ما يلي: توقيف التوظيف الجديد (اعتماد سياسة التشغيل المؤقت وتشجيع التطوع)، التشجيع على الاستقالة الطوعية، إيقاف العلاوات والترقيات السنوية، فرض رسوم رمزية على بعض الخدمات المقدمة للجمهور، تقنين المشتريات، تشجيع المجتمع المحلي على المشاركة، كتابة مزيد من مقترحات المشاريع، الطلب من وزارة العمل الفلسطينية المساعدة في تشغيل بعض أفراد كادر المنظمات لفترات مؤقتة, في حين أن بعض المنظمات بدأت تقلص أو توقف بعض القطاعات أو فترات العمل وبعضها يبحث عن مشترين للخدمات .
كما أشار محيسن بأن النتائج أفادت بأن 15% من المنظمات يعزو الأزمة إلى تبدل في سياسات التمويل، 25% يربط بين الأزمة واندلاع الحروب في المنطقة وتزايد حاجة شعوبها إلى المساعدات والدعم الخارجي. 20% ترد الأزمة إلى الانقسام السياسي بين الفلسطينيين وما ترتب عليه من وجود حكومتين ، 6% من المنظمات أفاد أن السبب يعود إلى الاعتماد المطلق على التمويل الخارجي وانعدام أي مصدر ذاتي للتمويل.
وحول سبل التغلب على الأزمة والدور المتوقع من شبكة المنظمات الأهلية كان هناك عدة توصيات منها: ضرورة قيام الشبكة بحملة منظمة ومخططة للتأثير على أجندة وسياسات المانحين ، أن تساعد الشبكة في البحث عن مصادر تمويل بديلة أو إضافية حول العالم وبناء شراكات تدعم في هذا الاتجاه، إصدار نداءات استغاثة عاجلة، وأيضا تدريب طواقم المنظمات وإكسابهم المهارات اللازمة لكتابة المقترحات وجلب التمويل ، واخيرا إجراء دراسات مسحية واستطلاعية حول احتياجات المنظمات والفجوات التمويلية وكذلك احتياجات المجتمع في كافة القطاعات.
كما أوصى محيسن أيضا لضمان استمرار المنظمات الأهلية في القيام بأدوارها الوطنية والديموقراطية والتنموية في تعزيز الصمود والمحافظة على سبل العيش واستدامة الموارد والتعبئة الاجتماعية فلابد من تبني السياسات والإجراءات العامة التالية: أن تشكل الشبكة خلية أزمة، تتحول لاحقا إلى وحدة إدارية، لمقاربة موضوع التمويل من كل جوانبه ، أن تشرع المنظمات الأهلية في وأخيرا فتح حوار مع السلطة الفلسطينية ومع القطاع الخاص حول الأدوار المنوطة بكل طرف، و التركيز على التمويل التضامني وليس التمويل المرتبط بعملية التسوية الوهمية، ربط التمويل الإنساني بأبعاده التنموية من ناحية والوطنية من ناحية ثانية.