محلل إسرائيلي: عباس المتضرر الأول من تجميد التنسيق الأمني

الرئيس محمود عباس

القدس / سوا/ تحدث "يوني بن مناحيم" محلل الشئون العربية،عن قرار الرئيس الفلسطيني محمود عباس بتجميد التنسيق الأمني مع إسرائيل خلال أحداث الأقصى، مشيرا إلى أن القرار يمثل انتهاكا خطيرا لمعاهدة أوسلو، وأن عباس هو المتضرر الأول من وراء هذه الخطوة.

وأوضح بن مناحيم أن عباس اتخذ القرار من تلقاء نفسه، لكن ولأنه ينطوي على انعكاسات مباشرة على حياة الفلسطينيين بالضفة والقطاع، "سيكون عليه التشاور مع كل الفصائل حيال استمرار التجميد".

وقال المحلل في مقاله اليوم على "مركز القدس للشئون العامة والسياسية"، بعنوان "ماذا بعد الأزمة في جبل الهيكل؟"( المسمى اليهودي للحرم القدسي الشريف): " إن عباس يحاول تحويل التعاون الأمني إلى ورقة ضغط على إسرائيل وابتزازها للحصول على تنازلات سياسية.

وأردف: "استئناف التعاون الأمني ليس أمرا مفروغا منه" يقولون الآن في السلطة الفلسطينية "ليست هناك وجبات مجانية" ويجب تقديم مقابل لكل شيء".

ويرى المحلل أن "أول من سيتضرر من القرار هو الرئيس عباس، الذي لا يمكنه السفر للخارج لتلقي الرعاية الطبية، ومسئولي السلطة الذين يتحركون خارج الأراضي الفلسطينية بواسطة بطاقة VIP تصدرها إسرائيل في إطار التعاون الأمني".

واضاف: " ليست هذه المرة الأولى منذ التوقيع على اتفاقات أوسلو التي يتم فيها تجميد التنسيق الأمني مع إسرائيل. ياسر عرفات أيضًا قام بتجميده في عهد حكومة آرئيل شارون وقتها أقامت المخابرات المركزية الأمريكية (CIA) غرفة عمليات أمريكية نسقت بين الشاباك الإسرائيلي وأجهزة الأمن الفلسطينية، لمنع عمليات إرهابية".

وأشار إلى ان "الرئيس محمود عباس اتخذ هذه الخطوة لترميم مكانته بين الجمهور الفلسطيني ومحاولة إعادة الكرامة الوطنية للفلسطينيين، كون السلطة الفلسطينية تعتبر مقاول التنفيذ الأمني لإسرائيل في أراضي الضفة الأمنية". على حد تعبيره.

وتابع: " الخطوة الجديدة لعباس يمكن فقط أن تعقد الوضع بالضفة الغربية بالنسبة للفلسطينيين وهم الذين سيتضررون أكثر من إسرائيل. لدى إسرائيل دوائر أكثر قوة للحرب على الإرهاب كالجيش والشاباك وتسيطر على كافة المحاور الرئيسية بالضفة والمعابر الحدودية".

وعلى صعيد آخر قال بن مناحيم: " خسرت إسرائيل المعركة الأخيرة للسيطرة على (جبل الهيكل)، واضطرت للتراجع أمام الفلسطينيين وإعادة الوضع كما كان قبل 14 يوليو، بلا بوابات إلكترونية أو كاميرات "ذكية"، لكن حرب السيطرة على (جبل الهيكل) لم تنته، انتصر الفلسطينيون في الجولة الأولى، لكن بدأت المخاوف تساورهم الآن من نية إسرائيل الانتقام منهم بعد هزيمتها والبحث عن طرق جديدة لفرض سيادتها على (جبل الهيكل) بشكل ذكي لا يؤدي لاندلاع انتفاضة شعبية واسعة".

وزاد " بدأت صيحات الفرحة لدى الفلسطينيين في الخفوت، يدركون أنّ إنجازهم في (جبل الهيكل) كان رمزيًا فقط وأن الواقع على الأرض أقوى كثيرًا، ما زالت قوات كبيرة من الشرطة وحرس الحدود منتشرة في (جبل الهيكل) و"الاحتلال" الإسرائيلي مستمر".

وأخذ يقول: " ينشغل قادة الفصائل الفلسطينية الآن بمسألة كيفية الاستفادة من "الانتصار" الفلسطيني (بجبل الهيكل) ليكون نقطة تحول استراتيجية على طريق التحرر من السيطرة الإسرائيلية بالقدس الشرقية وأراضي الضفة الغربية، ثمة نقطتان مهمتان يتعين الانتباه لهما".

وأضاف: " انتصر الفلسطينيون في النضال الأخير على (جبل الهيكل) وأثبتوا أنه رغم السيطرة الإسرائيلية على الموقع ووضع الأردن كوصية على الأماكن المقدسة بجبل الهيكل، فإنّه لا يمكن تجاهلهم وتغيير الواقع الأمني في الموقع دون موافقتهم".

وذكر المحلل الإسرائيلي " يكمن إنجاز الفلسطينيين في أنهم نجحوا في التوحّد حول مسألة تحظى بالإجماع الفلسطيني- مسألة القدس، التي تمثل "خط أحمر" بالنسبة لهم يحظر تجاوزه. أي فصيل أو شخصية سياسية لا تتعاون في النضال على القدس سوف تفقد شرعيتها في عيون الفلسطينيين، لذلك، رغم الانقسام بين الضفة والقطاع والخلافات بين فتح و حماس ، كل الفصائل على حد سواء احتشدت للنضال على القدس وجبل الهيكل".

"بن مناحيم" أكد أن المسجد الأقصى لا يعد فقط قضية دينية حساسة كونه أقدس ثالث مكان لدى المسلمين، لكنه أيضًا قضية سياسية هامة، قدر الفلسطينيون أن إسرائيل تحاول خلق واقع جديد على الأرض استعدادًا لاستئناف المفاوضات برعاية إدارة ترامب التي تريد تنفيذ " صفقة القرن "، وهرعوا لمنع أي تغيير للوضع القائم.

"في النضال على السيطرة بجبل الهيكل تبنى الفلسطينيون استراتيجية محمود عباس "كفاح شعبي سلمي". أثبتت تلك الإستراتيجية فعاليتها في النضال ضد "المحتل" الإسرائيلي بالقدس الشرقية أكثر من الخيارات الأخرى، ومن بينها "الكفاح المسلح"، الذي كان سينظر له فورًا على أنه هجوم إرهابي يجب إيقافه بشكل فوري باستخدام كافة الوسائل". على حد قوله.

وأردف" الدرس الفلسطيني هو عدم فقدان الزخم وإعادة استخدامه في وقت لاحق بحكمة في جبهات جديدة. أدى استخدام القدس في استراتيجية "الكفاح الشعبي" إلى نجاحهم في فرض مسألة جبل الهيكل على جدول الأعمال الإقليمي والدولي، إحدى الخيارات التي تُدرس حاليًا هي استخدام تلك الإستراتيجية لإزالة الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة المستمر منذ ما يزيد عن 10 سنوات".

وذكر: الآن تتبدد النشوة الفلسطينية، وسوف تصطدم بأرض الواقع إذا أوقف الفلسطينيون زخم "الكفاح الشعبي". لذلك لا يمكن استبعاد إمكانية تحول "النصر" الفلسطيني في جبل الهيكل بمرور الوقت إلى حلقة عابرة إذا لم يقم الفلسطينيون بـ"استغلال النجاح".

واختتم بن مناحيم المقال قائلا: "هناك الكثير يتعلق أيضًا باستخلاص الجانب الإسرائيلي الدرس، إذا ما تصرفت إسرائيل بحكمة ومسئولية، خاصة في جبل الهيكل، يمكنها منع مزيد من إنجازات الفلسطينيين ومحو عار الهزيمة في الجولة الأول من النضال على السيطرة في القدس الشرقية (وجبل الهيكل).

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد