نعيش في عصر اختلط فيه الحابل بالنابل، والغثُ بالسمين، وأكل القوي منا الضعيف، وأصبح الحليم حيران، واتِّسعت فيه رقعة الظالمين، وتمدد ليل الغادرين، واستفحل شر المجرمين، والكثير من الناس في هذا الزمان يقولون ما لا يفعلون!؛ يدعون التقوي، ويقفون مع الأقوى، ولو كان ظالماً، ويقهرون المظلوم!، وما أكثرُ الناس اليوم ولو حرصت بمؤمنين؛ يُصّلُون وكأنهم لا يُّصلون، وكذلك يصُّومون ويحجُون، ويزكون، وكأنهم لا يحجون؛ فيصلون ولكن صلاتهم لا تنهاهم عن الفحشاء والمنكر!، فلا صلاة لهم بحكم كلام النبي المعصوم صل الله عليه وسلم؛ كما أن بعضهم يصومون عن الطعام الحلال، بينما يأكلون لحوم الناس بالغيبة والنميمة، ومنهُم من يرفت ويفسق؛ ويأكل مال الأجير والعامل عنده بالباطل، ويعامله معاملة العبيد!!، وتقول لهُ: "أعطي الأجير أجرهُ قبل أن يجف عرقهُ"، فيقول لك بعصبية إني صائم فلا تكلمني الأن!؛ والبعض من الناس يُحج بيت الله الحرام، بمالٍ وزادٍ حرام فيهتفون علي جبل عرفات قائلين: لبيك اللهم لبيك، فيكون الرد الرباني علي من يفعل ذلك:" لا لبيك ولا سعديك، وحّجُك مردود عليك، ارجع مازوراً غير مأجور"، وبعض أغنياء العرب والمسلمين اليوم يتصدق بصدقة فيكتب مسجد الحاج فلان ابن فلان سُمعةً ورياءً، ولو تصدق وأنفق القليل علي فقير، أو مسكين، يذلهُ بها، وخاصة حينما يجاهر بصدقتهِ ليراهُ الناس متصدقاً، ليُقال عنه كريم، ومنفق، ألا وقد قيل: فيكون أول من تصعر بهم النار يوم القيامة والعياذ بالله؛ وهمُ: (ثلاثة عالم ومُنفق متصدق، وشهيد)، كان هدفهم السمعة والرياء والنفاق!!، ومن الناس من يقف خطيباً  يوم الجُمعة علي منبر رسول الله وينادي الناس تارةً تلميحاً وأخُري تصريحاً ، حباً في حزبه وتنظيمه وقد اتبع الههُ هواه من التنظيم أو الحركة أو الحزب"، فيقول صائحاً ومنادياً وصارخاً بأعلى صوته أيها الناس: عليكُم بالصبر، فاصبروا وصابروا، وكلوا الزيت والزعتر والدقة، وعليكم بأن تكونوا صابرين، لا ماكرين، وعليكم بالعدل، كعدل سيدنا عمر بن الخطاب الفاروق رضي الله عنهُ، وأن تكونوا متُقين محتسبين، كما كان النبي صل الله عليه وسلم في حياتهِ، ويذكر نموذجاً في الصبر غزوة الأحزاب (الخندق)، حيث كان الحبيبُ النبي يربط حجرين علي بطنه الشريف، والصحابة الكرام يربطون حجراً علي بطُونهم من شده الفاقة والحاجة والجوع، والخطيب المتكلم صادق في هذا الحديث عن النبي ولكن منهم كذاب!، النصُ لهُ نص العُلماء والفِعُل كفعل الشياطين!،  ولو أنه لبس الجلابية القصيرة وأطلق لحيته علي هدي سُنة الحبيب النبي!، لأنه يطالب الناس بالمعروف ولا يأتيه وينهاهم عن المنكر ويأتيه!؛ ويأمر الناس بالصبر، وهو قد انتفخ بطنه وتكرش حتي أصبح بلا رقبة، من شده الشبع وأكل الشحوم واللحوم وما لذ وطاب، وبيتهُ مملوء بالخيرات، والكهرباء لا تعرف للانقطاع سبيلاً عن بيته، لأنه يعتبر نفساً قائداً أو مسؤولاً أو أميراً للمؤمنين!!؛ بينما غالبية الشعب يسألون الناس إلحافاً، وبالكاد ما يجدون ما يسد رمقهم وجوعهم وفقرهم، وقد انكمشت بطونهم وشحب لونهم من شدة الجوع؛ ويقضون أيام الصيف الملتهب وليلهُ مع شِّدةِ حرهِ بلا كهرباء أو ماء!؛؛ كما أننا نعيش في أيام "" تُلخِّبط الْلخّبطَتانْ و تُبغّْبِغّ  البًّغبغًانْ""، فالأبناء بعضهُم يعق أبيه، وبعض الآباء  يعُقون أبنائُهم، وبعض البنات ترفع صوتها علي أمها، كأن أمها جارية عندها، وبعض الأمهات يظلمن بناتُهن، وبعض الآباء يحرمون البنات من الميراث!، بالرغم من أن بعض من يفعل ذلك يُصلي في الصف الأول في المسجد!، وبعض الأزواج حينما يتزوج زوجتهُ  فيضِربُها ويُهينَها، ولا يتخذ شعاره رفقاً بالقوارير، أو استوصوا بالنساء خيراً، بل شعارهُ مقلوب: استوصوا بالنساء والقوارير قهراً وطلاقاً وظلماً وكأنها عبّدة عندهُ!!، وكثير من الأخوة والأخوات تكون الحرب بينهم مسُتعرة ومشتعلة كأنهم داعس والغبراء، وأما عن زوجات الأخوة من (السلفات)، تكون المعركة بيّنهُن كالمعركة بين الأوس والخزرج قبل دخُولهم في الإسلام، وكثيراً بعض النساء من السلفات يجعلون الأخوة يحاربون بعضهم البعض، ويظلمون بعضهم، ويبغون علي بعضهم!، وكذلك بعض أمُهات الأزواج (الحّْماة)، تتخذ من زوجة ابنها عدوةً لها كأنها ضُرتها!، فتجعل حياتها جحيماً مع زوجها، حتي تتسبب بطلاقها ظُلماً، بينما في المقابل تعامل ابنتها البِكر عندها، أو ابنتها المتزوجة معاملة مثالية مملوءة بالمودة والرحمة، والتقدير والتبجيل والاحترام والانحناء والانطواء والاستواء لابنتها!، فهل نحن نعيش في فتن أخر الزمان؟ فيُقتل بعضنُا بعضاً، فلا يعرف القاتل لما قّتل ولا المقتول فيما قُتِلْ!، ونحن في وقت يحقد الكثير من الأخوة، والأخوات علي بعضهم البعض، بينما مع الأخرين الغُرباء يكون مثالياً!، ونري اليوم أبناء الوطن والدين الواحد والمصير الواحد يتصارعون، ويقتتلُون ليس حباً في الله ورسوله، ولكن دفاعاً عن المال والكرسي والجاه والسلطان، وإن رفعوا شعارات كذباً باسم الاسلام أو الدين، أو الوطن أو الخ..!!، إننا نحيا زمان كثُر فيهِ الشقاق والنفاق، والتفرُق، والخلاف والاختلاف، والانكماش، والانبطاح الرسمي العربي والإسلامي للعدو المتربص بنا جميعاً وهو العدو (الصهيو أمريكي)، بينما نحنُ علي بعضنا أسوداً تزئر وتزمجر، و القدس الشريف أسير يغتصب، وتنتهك حرمته وقدسيتهُ وقداستهُ ليلاً، جهاراً نهاراً، ويغلق من الصهاينة، ويمنع فيه رفع الأذان، وتضع فيه قوات عصابة جيش الاحتلال الإسرائيلي بوابات إلكترونية، ومواد كيمائية سراً من أجل أن تتسبب في تأكل اساساتهِ، فتؤدي لسقوطها!، ليبدوا الأمر و كأنه أمر طبيعي، لا دخل للمحتلين اليهود فيهِ!!؛ والكثير من العرب والمسلمين غارقين في ملذاتِ دُنياهم الزائلة، وحروبهم الداخلية المفتعلة، حتي الشجب والاستنكار فقد غاب عنهم فماتت النخوة العربية، والاسلامية! 

 وأما في فلسطين أصبح الضحية هو الشهيد الفلسطيني المُقتول دفاعاً عن المسجد الأقصى المبارك يوسموه إرهابياً!!، وأما القاتل المحتل الغاصب اليهودي الظالم صار ضحية!!، ولقد نسوا، أو تناسوا العرب والمسلمين أولي القبلتين وثالث الحرمين، مسري النبي صل الله عليه وسلم الذي قال في حقهِ النبي الكريم، وفي حق المرابطين في فلسطين والقدس كما جاء في الحديث النبوي الشريف: "لا تزال طائفة من أمتي على الدين ظاهرين، لعدوهم قاهرين، لا يضرهم من خالفهم؛ إلا ما أصابهم من لأواء، حتى يأتي أمر الله، وهم كذلك، قالوا: يا رسول الله! وأين هم؟ قال: «ببيت المقدس، وأكناف بيت المقدس".

 فلقد انطفأت مصابيح العز والنصر والتمكين والسؤدد العربي، وانكفأت قدورهم، وعادوا من سادةً للأمم إلي قاع وذيل الأمم، وارتدوا من بعد إيمانهم، يضربون بعضهم رقاب بعض، وهربت أبناء شعوبهم لبلاد الغرب ففيها حُكام، وملكٌ، لا يظلم عندهُ أحداً!؛ خرجوا من ديار الإسلام اسمًا!، لأن أفعال بعض الحكام العرب والمسلمين، أفعال الكفر والظلم عملاً وقولاً وفعلاً، ووجد المهجرين المهاجرين العدل في بلاد الكفر وإن كانوا غير مُسلمين ولكن تعاملهم الإنساني يقترب نوعاً ما، مما جاء به الأنبياء والمرسلين في التوراة والإنجيل، والقرآن!!، نتكلم كثيراً، ونقول ونبني أجمل القوافي والهجاء والشعر والنثر، والزجل، ونؤلف أجمل الروايات والقصص، وننفق الملايين، بل المليارات علي الفضائيات والتي يكثر فيها الفيديو كليب من الأغاني وفيها الراقصين والراقصات، وذو علمٍ بين العرب والمسلمين ينام جائعاً علي الثري، يفترش الأرض، ويلتحفُ السماء، وذو جهلٍ مفرشه الحِّرُ والحرير!، يلوم بعضنا الحكام والحاكمين، والملوك والرؤساء والأمراء، ولا غضاضة في ذلك العتبّ، ولكن؟؟ كيفما تكونوا يولي عليكم!، فالأُسرة والعائلات والأقارب، والقبائل والحمائل والشعوب الخ.. الذين يتكون منهم المجتمع والشعب، حينما يلدغون بعضهم  بعضاً، ويكون بأسهُم بينهم شديد، وكلٌ يُغني علي ليلاهُ، وكل إنسان يقول نفسي نفسى، وحينما ينتشر بينهم الظلم ويتفشى السفاح، والظِهار، والغلاء، والوباء، والغرور، والكبرياء، والظلم إجمالاً وتفصيلاً؟ فهل ينتظرون عزاً أو نصراً أو تمكيناً؟؟، وقد ابتغوا العزة بالشرق تارة والغرب تارة، فلم يصنعوا ما يقاتلون به الأعداء، ولم يصنعوا ما يْلّبسون، ولم يزرعوا ما يأكلون، واِثّكلوا، وركنوا للحياة الُدنيا واطمأنوا إليها ورضوا بها، واستيقنتها أنفُسهم ظُلمًا وعلوًا وفساداً، ولم يتوكلوا علي الله، ويقولون ما لنا ندعو فلا يُستجاب لنا، ومالنا وحكامنا بغوا علينا وظلمونا، وكانوا هُم الظالمين أنفسُهم من قبلُ، ومن بعد!، لأنهُم لم يعتصموا بحبل الله جميعاً، وصاروا يعيشون في الانقسام ورضوا معهُ، وتأقلموا بهِ، وتفرقوا أحزاباً وشيعاً، كلُ حزبٍ بما لديهم فرحون!!، ولم يتخذوا كلام الله منهجاً ومنهاجاً ليطبقوه فعلا وعملاً، فلم يلتزمون بقوله سبحانهُ وتعالي: "وأن المساجد لله فلا تعدوا مع الله أحداً"، ولكنهم للأسف دعوا  مع الله الحركة والحزب والتنظيم، واستغلوا كلام الله في غير موضعه في المساجد، فقالوا: " يا أيها الذين أمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكُم لما يحيُيكُم."، صدق الله العظيم وكذبوا وظلموا أنفسهم؛ فالذي كان مقصوداً في الآية ليس الاستجابة للخروج لمسيرة للحزب والتنظيم والحركة، بل الاستجابة لما يحيي الانسان هو تطبيق كلام  الله والشريعة الإسلامية، والعمل بأحكامها وبما أنزل الله عز وجل في القرآن الكريم ففيه حياة للقلوب، وللإنسان المسلم في الدنيا، وللفوز بالجنة في الأخرة، فليس الذي يُحييكم وينصركم ويرفع قدركم ويدخلكم الجنة هو عبادة التنظيم والحركة والحزب!!، وأما ما يحدث اليوم للمسجد الأقصى المبارك فلقد احتضر ضمير الأمة العربية والإسلامية وأصبح في سكرات الموت!؛ وتجاوز الظالمون الصهاينة المدي والخطوط الحمراء، وأردوا شراً، عبر تحويل الصراع مع الاحتلال إلي حرب دينية!! فحفروا الحُفرة وسيقعون فيها، وتكون قبورهم، وسيكون تدميرهُم في تدبيرهم، لأن الله سبحانهُ وتعالي كما هو ربُ البيت الحرام وهو ربُ المسجد الأقصى المبارك كذلك، وهو رب كل شيء وملكيه، وهو معكم أينما كنتم، يعلم سركم وجهركم، ولو تكاسل الجميع عرباً ومسلمين عن نصرتهِ، فللبيت وللأقصى ربٌ يحميهِ ، وأما عن غُلاة اليهود الظالمين أصبحت لديهم الأن الفكر الوحشي، كما قال  لهم كبيرهم نتنياهو الذي علمهم الظلم والسحر، ومن قبله قال لهم الهالك الظالم الميت (شُمعون بيرس) "" لقد وصلنا إلي مرحلة الخنازيرية الصهيونية""؛ سوف ينقلب السحر علي الساحُر، يريدونها حرباً دينية، سيتحول الصراع إلي ديني فهم يقُصرون أجل الصراع ويضعون السيف علي رقابهم، وكل ذلك تحت إرادة الله عز وجل وسمعه وبصره، ليأتي بعد سواد الليل البهيم، وشدة الظلم والظلام، وحلكة الليل في أخر ساعاته، بزوغ الفجر والتمكين والنصر والتحرير، ليتحول وقتها الصراع فعلاً إلي ديني إسلامي وشرعي حينما يأتي وعد الله الحق لا يخلف الله وعدهُ، في قول نبيه الكريم محمد صل الله عليه وسلم، والذي صلي إماماً  بجميع الأنبياء والمرسلين ليلة أُسري به وعرج إلي السموات العلا في رحلة الإسراء والمعراج، مُّسلِمْين الراية له، القائل كما جاء في الحديث الصحيح: "" لن تقوم الساعة حتي ينطق الحجر والشجر يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي فتعال واقتُله، إلا شجر الغرقد فإنه من شجر اليهود"" أو كما قال عليه أفضل الصلاة والتسليم، فبذلك كان في مقالنا هذا  الكثير من الكاشفات الكافيات، الشافيات والواضحات البينات لظُّلُم الظالمين، وغدر الغادرين المحتلين للأقصى الشريف، وللظالمين أنفُسهم من العرب والمسلمين، لمن رجعوا  وارتدوا كفاراً بعد إيمانهم، يضربُ بعضهم رقاب بعض قائلين الله أكبر، والله ورسولهُ بريءٌ منهم أجمعين.. 

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد