انطلاقا من سيناء.. هل يهاجم داعش إسرائيل قريبًا؟

القدس المحتلة/سوا/ أبدت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية مخاوف أوساط أمنية في إسرائيل من تحول الهدوء على الحدود المصرية إلى جحيم في أية لحظة بعد ما وصف بالهجوم المتزامن لعناصر تنظيم داعش على القوات المصرية بسيناء قبل نحو 10 أيام، وقالت مصادر أمنية في تل أبيب إنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي يعمل إلى جانب القوات المصرية في محاولة لمنع أي هجوم لداعش داخل إسرائيل.

وقال "روعي كايس" محرر الشئون العربية بالصحيفة إنه وبعكس المعارك التي تدور في عمق شمال سيناء، تبدو منطقة الحدود الإسرائيلية المصرية هادئة. لكن هذا الهدوء لا يجب أن يخدع أحدًا؛ إذ يعلم المصريون والإسرائيليون على حد سواء أن هجومًا جديدًا لداعش يمكن أن يكون مسألة وقت فقط واعتبارات استراتيجية.

مصدر عسكري إسرائيلي قال للصحيفة :”في اللحظة التي سينفذ فيها داعش هجوما كبيرا ضدنا سيتعرض لضغوط من قبل إسرائيل ومصر. ليس مؤكدًا أن هذا يناسبهم الآن في وقت يتعرضون لهزائم في أماكن مختلفة بالمنطقة كسوريا والعراق".

بنظرة على الأوضاع على الحدود المصرية تبدو كما كانت، تمر شاحنات البضائع في معبر "نيتسانا" بلا عوائق (معبر بضائع بين إسرائيل ومصر يسمى أيضًا العوجا) وفي المستوطنات المتخمة للسياج الحدودي يزرعون الطماطم، ويحرص منسق الأمن العسكري في إحدى المستوطنات على حالة الكروم هناك. لكن الوضع أكثر تعقيدًا وهشاشة.

في يوم الجمعة قبل الماضية نفذت عناصر داعش بسيناء هجوما ضخما ضد الجيش المصري في كمين البرث، جنوب رفح، على بعد نحو 20 كم من معبر "نيتسانا" والمستوطنات الإسرائيلية الخمسة القريبة. قتل 23 جنديا مصريا بينهم ضابط كبير من القوات الخاصة، وأصيب العشرات في الهجوم الدامي، الذي تضمن استخدام سيارتين مفخختين وانقضاض على الحاجز العسكري، بحسب "يديعوت".

على الجانب الآخر من الحدود لا تلاحظ ميزة معينة. على بُعد بضعة كيلومترات بالخط الجوي يمكن رؤية التجمعات والمحاصيل الزراعية للقبائل البدوية، وفي مقدمتها قبيلة الترابين المهيمنة، التي دخلت مؤخرًا في مواجهات جبهوية مع داعش بسيناء. من إحدى مواقع حرس الحدود تخرج شاحنة إمداد تسير على محور السياج الحدودي على الجانب المصري دون مشكلات خارجة عن المألوف. لكن من تحت السطح اليقظة في ذروتها، كما يقول الإسرائيلي "كايس".

المسئول عن تلك اليقظة في الجانب الإسرائيلي، والذي يستعد لقدوم داعش هي سرية "ساجي" التابعة للقيادة الجنوبية، وتأسست عام 2007 وكان هدفها في البداية التعامل مع مشكلة المتسللين.

خلال العامين والنصف الماضيين، منذ بروز جناح داعش في سيناء الذي عُرف في الماضي باسم "أنصار بيت المقدس"، وكان مواليًا للقاعدة، تغير هدف السرية بشكل كبير. الآن، بعد تغيرات بنيوية، أصبح جزءًا من الحدود المصرية تحت مسؤوليتها، بما في ذلك المستوطنات الخمسة القريبة من معبر "نيتسانا".

ويضيف محرر "يديعوت":”على الجانب المصري يؤدي ذلك الدور قوات حرس الحدود المصرية، التي تكبدت خلال السنوات الماضية الكثير من الخسائر في القتال مع داعش بسيناء. مواقع هذه القوات محصنة بشكل غير مسبوق وتبعد كل واحدة عن الأخرى مسافة نصف كيلومتر. أحد الأشياء التي لا يمكن تجاهلها هو أن أبواب تلك المواقع تجاه إسرائيل".

يقول مصدر عسكري إسرائيلي "المصريون يقفون وظهورهم إلينا ووجوههم صوب سيناء".

مصدر عسكري آخر في منطقة الحدود قال إن تنفيذ داعش هجومًا على الحدود المصرية هو مسألة وقت فقط- وأن الجيش الإسرائيلي يسعى لإحباطها. “المشكلة الرئيسية هنا هي غياب العمق. نحن نرى المصريين، وأنفسنا والجدار، الذي لا يمكنه تعطيل الإرهابيين. الهجوم الذي نفذوه يوم الجمعة، على سبيل المثال، هجوم لا يُخجل وحدة كاملة. هجوم جرى باستخدام سيارات مفخخة وعمليات انقضاض. شارك عشرات الأشخاص في هذا الهجوم"، أضاف المصدر الإسرائيلي من على الحدود الإسرائيلية- المصرية.

“أحد سيناريوهات الرعب الخاصة بنا، يتمثل في محاولة تسلل شاحنة مفخخة لمعبر نيتسانا ثم تسللها داخل إسرائيل. هذا الأمر غير مستبعد"، بحسب ضابط كبير بالجيش الإسرائيلي. في هذا السياق يجب أن نشير إلى أن داعش تبنى مسئولية إطلاق صواريخ على إسرائيل في العام الماضي- وفي إحدى المرات تبنى أيضا مسئولية محاولة إطلاق نار فاشلة على معبر نيتسانا، وفقا لتقرير "يديعوت".

منذ الإطاحة بالرئيس المصري السابق محمد مرسي في يوليو 2013، تخوض مصر برئاسة عبد الفتاح السيسي حربا ضروسا على الإرهاب بسيناء. إسرائيل، كما هو معروف، سمحت لمصر بتجاوز معاهدة السلام، ووصل عدد الكتائب في سيناء من 3-4 كتيبة إلى 20 كتيبة اليوم.

وتابعت الصحيفة :”هذا عدد كبير من القوات، يتضمن جنود مشاة، وعربات قتالية مصفحة، ومدفعية، وسلاح طيران وغيرها. في مواجهة تنظيم تشير التقديرات إلى أن عدده يتراوح بين 700 – 800 عنصر- ووفقا للتقديرات المبالغة 2000”.

وقال المصدر العسكري الإسرائيلي :”يبذل الجيش المصري جهدا، ويجلب مزيدا من القوات. واشتروا مؤخرا طائرات صينية جيدة بدون طيار".

رغم أحقية تحدث المصدر الإسرائيلي عن "إنجازات معينة" للجيش المصري في القتال بسيناء، ما زال الطريق للهدف المنشود طويلا، وهو ما يؤكده الهجوم الأخير.

“مر رمضان بشكل هادئ نسبيا، لكن هجوم الجمعة يظهر أن إنجازات الجيش المصري ليست كافية"، يقول المصدر العسكري، مضيفا "علينا أن نعرف أنه حين تقاتل البدوي وأنت غير بدوي فهذا أمر ليس هينا. يدور الحديث عن سكان جرى إهمالهم على مدى سنوات على يد النظام، ليس لديهم حتى بطاقات هوية. كل قبيلة كيان قائم بذاته، وولاية سيناء في هذا النسيج هي بمثابة قبيلة بدوية جديدة دينية، ترعرعت من داخل نفس القبائل الموجودة. ما يحدث هناك قريب الشبه بما يحدث بالضفة الغربية، والتحدي الماثل أمام الجيش المصريهو الحيلولة دون انضمام السكان لداعش بسيناء".

واعتبر "روعي كايس" أنه :”من الجدير بالذكر أن هناك عناصر على الجانب المصري تحلل الصورة بشكل مغاير وتطرح معطيات تشهد بنظرهم على انخفاض هائل في قدرات جناح "الدولة الإسلامية بسيناء". بما في ذلك زُعم أن الهجوم الإرهابي الأخير- وبخلاف تلك الهجمات التي وقعت قبل عامين- لم يهدف للسيطرة على الأرض، وإنما كان بمثابة "انتحارات جماعية"، لعناصر داعش لتحقيق انتصار معنوي وإعلامي".

وخلصت "يديعوت" إلى أن "تحولاً مثيرًا للاهتمام يحدث مؤخرا في موازين القوى بسيناء. دخلت قبيلة الترابين المهيمنة التي تعيش على التهريب وزراعة المخدرات إلى دائرة الدماء مع داعش بسيناء بعد أن أوقفت "الشرطة الدينية" للتنظيم أبناء القبيلة وأضرمت النار في بضائعهم لأسباب دينية. أدى الخلاف لمعركة حقيقية، لم تُحسم حتى الآن. يعتبر الجيش المصري ذلك فرصة للتعاون مع قبيلة الترابين، التي لديها نوعا ما "جيش" خاص بها، ضد عناصر التنظيم بسيناء، لكن مصدر دخل القبيلة ولاعتبارات جنائية يضع إمكانية التعاون طويل الأجل موضع تساؤل".

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد