نيوزويك: إلى متى تستطيع إسرائيل البقاء بدون أميركا؟
واشنطن / سوا / حذر مستشار سابق للأمن القومي الإسرائيلي من تبعات تراجع التأييد لدولة الاحتلال وسط الشباب الأميركيين، وانخفاض معدلات المواليد والزواج المختلط في المجتمعات اليهودية.
وقال نائب مستشار الأمن القومي السابق في إسرائيل والباحث في مركز بيلفير بجامعة هارفارد تشاك فريليتش إن اعتماد إسرائيل على الولايات المتحدةتكرّس أكثر حتى بات احتمال بقاء الدولة على قيد الحياة اليوم من دونه مثار شك.
وتابع فريليتش في مقال بمجلة نيوزويك قائلا إنه على الرغم من أن الدعم الأميركي لإسرائيل يظل كبيرا، فإن التوجهات السياسية وميول الجمهور قد يكون لها تأثير ضار على العلاقات بين البلدين في المستقبل.
وأوضح أن تراجعا في التأييد لإسرائيل قد طرأ وسط الشباب الأميركيين، الذين يبدو أنهم أقل تعاطفا مع إسرائيل اليوم من عامة الأميركيين، وذلك بسبب القضية الفلسطينية خصوصا، مضيفا أن تبعات ذلك على المديين المتوسط والطويل ربما تكون مؤثرة، ذلك أن هؤلاء الشبان -وهم شريحة هامة من الناخبين- يتبوؤون يوما بعد يوم مواقع نفوذ.
ثمة إشكالية مماثلة في طريقها إلى التشكل وسط الشبان من اليهود الأميركيين، الذين يضعف عندهم الإحساس بهويتهم اليهودية وانتماؤهم لإسرائيل بدرجة أكبر بكثير من كبارهم في السن.
كما أن انخفاض معدلات المواليد والزواج المختلط والاندماج في المجتمعات الأخرى كلها عوامل تنال من قوة المجتمع اليهودي، الذي يمثل ركيزة التأييد لإسرائيل داخل الولايات المتحدة. ثم إن الأميركيين من ذوي الأصول اللاتينية -الأقلية الأكبر في الولايات المتحدة اليوم- والأفراد الذين ليس لهم انتماءات دينية يتكاثرون سريعا وهم أصلا أقل الشرائح دعما لإسرائيل.
ومضى الكاتب في مقاله إلى الزعم بأن الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما لم يكن ودودا تجاه إسرائيل مثل الرؤساء من قبله، حسبما يعتقد بعض اليهود الأميركيين والإسرائيليين. وقال إن أوباما نتاج جيل من الأميركيين شبّ عن الطوق بتصور لإسرائيل يختلف كثيرا عن ذلك الذي كانت تحمله الأجيال السابقة، بل يكنون تعاطفا أكبر مع الفلسطينيين.
ويبقى السؤال المهم وهو كيف يتأتى لإسرائيل أن تتكيف مع رؤساء أميركيين قد لا يكنون مشاعر دفء ودعم غريزي مع إسرائيل مثلما كانت لدى العديد من أسلافهم.
ومن النقاط الهامة التي سعى كاتب المقال التأكيد عليها هي أنه من غير المرجح أن "تخسر" إسرائيل أبدا الولايات المتحدة كدولة داعمة لها، فالمؤسسات السياسية والثقافية التي تستند عليها علاقاتهما من القوة بمكان، مما يجعل تخلي أميركا عن إسرائيل أمرا لا يمكن تصوره عمليا.
واستعرض تشاك فريليتش في مقاله مجالات الدعم الكثيرة التي تسبغها الولايات المتحدة على حليفتها إسرائيل. فقد بلغ إجمالي المساعدات الأميركية لإسرائيل منذ العام 1949 وحتى 2016 نحو 125 مليار دولار، مما يجعلها أكبر الدول التي تتلقى مساعدات من واشنطن في حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية.
وبلغت نسبة المعونة الأميركية في الميزانية الكلية لدولة إسرائيل 3%، و1% من إجمالي الناتج المحلي. والحالة هذه فإن إلغاء هذا الدعم إذا ما حصل سيستوجب على إسرائيل شد الأحزمة وإجراء تخفيضات مؤلمة في ميزانيتها فيما يتعلق بتلبية الاحتياجات المحلية.
أما التأثير الواضح فيتجلى في ميزانية الدفاع الإسرائيلية حيث بلغت نسبة المساعدات الأميركية لهذا القطاع حوالي 20% تقريبا من مخصصات الدفاع الكلية.
ورغم كل تلك الحيثيات، فإن مستشار الأمن القومي السابق في تل أبيب يرى أن إسرائيل قادرة، ربما، على الصمود والبقاء على قيد الحياة، "فقد صمدت بل حتى ازدهرت من غير دعم أميركي كبير في سنوات تأسيسها الأولى، كما أن الظروف الإستراتيجية التي تواجهها اليوم رغم قساوتها فإنها أفضل بكثير، وأضحت إسرائيل أقوى عسكريا واقتصاديا بمراحل".