مركز حقوقي: النيابة العامة يجب أن لا تكون أداة للسلطة التنفيذية في قمع الحريات

المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان

غزة / سوا/ أكد المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان أن يتابع بقلق بالغ الإجراءات التعسفية في الضفة الغربية وقطاع غزة لقمع الحريات الصحفية، ويستهجن تورط النيابة العامة في إعطاء غطاء قانوني لقمع الحريات.

وقال المركز في بيان صحفي وصل(سوا) إن تحريك دعاوى بشكل تعسفي ضد صحفيين وأصحاب رأي بهدف إعطاء غطاء قانوني لقمع الحريات عمل مدان، ويتعارض مع التزامات السلطة الفلسطينية بموجب العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، سيما المادة (19).

وأضاف أن التعدي على حرية التعبير مخالفة صريحة للقانون الأساسي الذي أكد على حرية التعبير في المادة (19) منه، كما أكد على حرية الصحافة في المادة (27).

وأكد المركز أن تورط النيابة العامة في مسعى السلطات لقمع الحريات العامة يشكل نسف للفصل بين السلطات، وتغييب كامل لسيادة القانون، ويساهم في مزيد من تغول السلطة التنفيذية اعتدائها على الحريات العامة.

ونبه المركز إلى أن غياب المجلس التشريعي والسيطرة على القضاء في الضفة الغربية وقطاع غزة يقوض أي فرصة لتعديل المسار والإصلاح والعودة على طريق بناء الديمقراطية.

وتابع البيان: " يعبر المركز عن شجبه وأسفه للحالة التي وصلت لها العلاقة بين السلطات في الضفة الغربية وقطاع غزة بشكل يمكن القول معه إنه لم يعد هناك إلا سلطة تنفيذية مستبدة تتستر خلف رداء القانون والقضاء، فإنه يؤكد على إن الحرية حق إنساني أصيل وجدت السلطة لحمايته ولا يجوز مصادرة الحريات بأي ذريعة".

وطالب المركز المحكمة المختصة بإطلاق سراح الصحفي بعلوشة فورا، واعتماد المعايير الدولية لحرية التعبير في تفسير النصوص القانونية الوطنية باعتبار إنها الإطار الذي ارتضى به المشرع على المستوى الدولي.

كما طالب السلطة القضائية بالعمل الجاد على استعادة هيبتها واستقلالها، وعدم الانصياع للسلطة التنفيذية، وتحري الدقة في إصدار الأوامر المتعلقة بمباشرة التحقيق أو الحبس على ذمة التحقيق، سيما في قضايا الرأي.

ودعا المركز النائب العام بإصدار قرار يحظر الحجز على ذمة التحقيق في قضايا الرأي، وخاصة إنه بلا مبرر، حيث لا توجد أدلة يخشى من طمسها وغياب إمكانية التأثير على مجرى التحقيق، وهي المبررات التي شرع بموجبها الحجز على ذمة التحقيق.

وقال المركز إنه رصد حالتين في الآونة الأخيرة، يرجح معهما تورط النيابة في سياسة القمع ضد الصحفيين من خلال عدم توخي الدقة في تحديد الحالات التي تستوجب تحريك دعوى وحبس المتهمين على ذمة التحقيق.

"وتتمثل الحالة الأولى في اعتقال الصحفي جهاد بركات في الضفة الغربية لمجرد تصويره موكب رئيس الوزراء إثناء مروره بالقرب من "حاجز عنابة"، وبعدها قامت النيابة العامة بتحريك دعوى جزائية ضده بتهمة التواجد في ظروف تثير الشبهة، ليتم إطلاق سراحه بكفالة، بعد احتجاز دام ليومين، وما زال الصحفي بركات يخوض في دوامة الإجراءات القانونية التي عصفت بحياته لمجرد إقدامه على تصوير موكب رئيس الوزراء"، وفقا للبيان.

كما ورصد المركز اعتقال الصحفي عامر بعلوشة في قطاع غزة على خلفية تعبيره عن آرائه على مواقع التواصل الاجتماعي.  وبالرغم من أن ما يقوم به عامر لا يتخطى حدود حرية الرأي والتعبير كما بينتها المعايير الدولية وحتى القوانين الوطنية، إلا أن النيابة العامة في غزة لم تتورع عن تحريك دعوى جنائية ضده بعدة تهم منها "إساءة استخدام التكنولوجيا"، والتحريض على الحكومة والتخطيط لخروج مظاهرات من خلال وسائل التواصل الاجتماعي.  وقد تم تمديد حجز بعلوشة 15 يوم على ذمة التحقيق، وفق ما أفاد به محاميه، السيد يوسف سالم، لباحث المركز.  وما زال بعلوشة معتقلا حتى إصدار هذا البيان.

وكان المركز قد رصد خلال السنوات الماضية، في تقاريره الدورية عن حرية التعبير، عدة حالات عملت فيها النيابة العامة سواء في الضفة الغربية أو قطاع غزة على تحريك دعاوى ضد صحفيين وأصحاب رأي بالرغم من عدم وجود أساس كاف لمباشرة الدعوى وفي بعض الأحيان بدون تقديم أدلة. 

وأشار المركز إلى أن هذه الإجراءات تهدف إلى وضع الصحفي في دوامة الإجراءات القانونية وحبسه عدة أيام على ذمة التحقيق وذلك لتعزيز حالة الردع الذاتي التي تحاول أن توجدها السلطات في الضفة الغربية وقطاع غزة لكتم الأصوات الناقدة.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد