إنَّ فوز آفي غباي، الوجه الجديد، قليل الخبرة، زعيما لحزب العمل يوم 10-7-2017م حرَّضني على ربط هذا الفوز بفوز، رجل الأعمال قليل الخبرة، دونالد ترامب في أميركا، وماكرون في فرنسا، هذا الفوز يعكس ظاهرة جديدة في العالم، وهي امتعاض الجماهير من السياسيين التقليديين، ورغبتهم في تجديد أنهار الأحزاب بوجوه جديدة لها علاقة بالحياة والاقتصاد، والبيئة، وليس بأحابيل السياسة! غير أن التجديد في إسرائيل له طابعٌ قد يختلف عن الدول الأخرى، فآفي غباي، المغربي الأصول لم يكن يوما يساريا، أو يمينيا، بل كان مسؤولا كبيرا في شركة بيزك، فهو رجل أعمال، كما أنه اعترف بأنه انتخب حزبَ الليكود العام 2001 برئاسة شارون، ودعم إسحق رابين زعيم حزب العمل بعد ذلك، وهو داعمٌ رئيس للمستوطنين، وهو نصير تسيبي ليفني، وهو من أعضاء حزب كولانو، بزعامة موشيه كحلون، عُيِّن وزيراً للبيئة، حقق فيها إنجازات مهمة، منها، تخفيض استهلاك أكياس البلاستيك، ونقل خزانات الأمونيا من حيفا، وتخفيف تلوث محطة إنتاج الكهرباء، ثم انفصل عن الحزب ليلتحق أخيرا بحزب العمل! هذه السيرة تشير إلى هذا الانقلاب في رؤية الجماهير للقادة!
الأحزاب في دول العالم تتراوح بين؛ أحزاب وطنية خدماتية، هدفها الوصول لقيادة عربة الوطن، لخدمة راكبي قطار الوطن، بتخفيف أجرة الركوب، وزيادة عدد المقاعد الوثيرة في العربة، لهذه الأحزاب لجانٌ تتولى ابتكار محرك جديد للعربة، يخلو من الضجيج، وله كفاءة عالية في الأداء والسرعة، هذه اللجان تعمل ليل نهار لتحقيق غاياتها، ولتنافس بها غيرها من الأحزاب الأخرى!
أما النوعُ الثاني من الأحزاب، فهو أحزاب الاحتكارات، هذه الأحزاب تركب عربة الوطن، من أجل الاستيلاء على هذه العربة وضمها إلى مقتنيات الحزب، لا، لتحسينها وتطويرها، بل لجني أجرة الركوب من المسافرين على متنها، وإعفاء منسوبي الحزب من أجرة الركوب، واحتكار بيع تذاكر السفر والتجارة للأقارب والأتباع فقط، وفي مرحلةٍ متقدمة من هذا الطور، يتولى مسؤولو الحزب الاحتكاري مطاردة منافسيهم في العربة، وعندما يفشلون في تطويعهم يقومون بإلقائهم من نافذة العربة وهي مسرعة!
لم نستفد، نحن الفلسطينيين والعربَ، من تجارب العالم في المجال الحزبي، بل أدخلنا النظام الحزبي بيت الطاعة العربي القبلي، وألبسناه العباءة العربية، ليحقق هدفين: الأول، هو حمايةُ المريدين والأنصار، ليس من الأعداء، بل، من الأهل والأتباع، والثاني أن نسبك من الحزب تاجا جديدا يُضاف إلى ميداليات الفخر والاستعلاء، وجلب الثروة، والحظوة، والرفعة، والانتشاء!
القائد، ورئيس الحزب في إسرائيل يجب أن يمر بعملية إعادة تدوير، فلا بد أن يكون جنرالا عسكريا، وناشطا مدنيا، ومتحدثا لَبِقا بلغتين أو أكثر.
إنَّ صناعة تدوير الزعماء في إسرائيل قادرةٌ على تغيير صورة الجنرالات العسكريين، مرتكبي جرائم الحرب، إلى صورة جديدة أخرى، دعاةِ سلامٍ وتعايش بين الأجناس، وقد يبلغ النجاحُ ذروته، حين تنجح صناعة التدوير في تحويل هؤلاء الجنرالات إلى زعماء عالميين بارزين، وناصحين، ومسؤولي جمعيات حقوق الإنسان، مثلما حدث مع أشهر حكماء العالم، وناصح رؤساء العالم، الراحل شمعون بيريس، وكذلك الحال مع رفيق بيريس، المفكر التسعيني داعية السلام! موشيه أرنس، حتى عمير بيرتس المهزوم في انتخابات حزب العمل كان من مؤسسي حركة السلام الآن الحقوقية المطالبة بإنهاء الاحتلال، هو نفسُه المسؤول الأول عن حرب لبنان الثانية 2006 ..وغيره كثيرون!!
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية