يُشكل المؤمنون بالديانتين الإسلامية والمسيحية السواد الأعظم من معتنقي الأديان السماوية في عالم اليوم حيث لا يشكل أتباع اليهودية إلا بضعة ملايين برغم قدمها مقارنة بالإسلام والمسيحية، فيما الأديان الأرضية من بوذية وهندوسية وسيخية.... وغيرها واللادينيين يمثلون الحيز الآخر رغم افتقادهم لطابع العالمية وغياب الروحانية الحقيقية فيها باعتبارها صنيعة البشر من دون الله الخالق الواحد الأحد.

وفي فلسطين مهد الديانات السماوية الثلاث لطالما تعايش الإسلام والمسيحية واليهودية في لوحة تسامح وعيش مشترك رغم بعض المحطات السوداء في تاريخها، وان كان الإحتلال الإسرائيلي يشكل الأحلك سواداً فيها حيث أسس دولةً عنصريةً قائمة على الظلم وإنكار الآخر، وبقي الإسلام والمسيحية يشكلان نموذجاً مستمراً لذلك رغم المحاولات الحثيثة للعبث بينهما .

1.   الإسلام والمسيحية ... أديان الله

المسيحية التي يعتنقها نحو ملياري نسمة من مؤمني العالم المعاصر بغض النظر عن إيمانهم حقيقةً أو اسماً هي الرسالة التي جاء بها المسيح عيسى بن مريم عليه السلام لبني إسرائيل متمماً رسالة رسولهم موسى وغيره من أنبياء بني إسرائيل " لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء، ما جئت لأنقض بل لأكمل" انجيل متى 17:5 ومن ثم للعالمين، ارتضى الله سبحانه وتعالى الإنجيل لمسيحه لدعوة الناس إلى عبادة الله والخروج من ربقة الشرك والجهل والجحود به، ولقد عانى عيسى وحواريوه ما عانوا في سبيل الدعوة سيما من أبناء جلدتهم اليهود المغضوب عليهم من الله، وانتشرت هذه الدعوة العيسوية حتى نقلت معها الإمبراطورية الرومانية الكبرى من الوثنية إلى إعلان إمبراطورها قسطنطين المسيحية كديانة رسمية لدولته التي لطالما سامت المسيح و رسله أصناف العذاب والويلات لوأد دعوتهم دون جدوى، بل على النقيض لتعم المسيحية الشرق والغرب والشمال والجنوب لتصبح ديانة عالمية لا زالت قائمة ومستمرة حتى تاريخه. 

أما الإسلام فهو الدين الخاتم - عند المسلمين- الذي أنزله الله على نبيه ورسوله محمد بن عبدالله في جزيرة العرب ليكون آخر أنبياء الله ورسله للعالمين، "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً" القرآن الكريم المائدة- 3، جاء الإسلام برسالة التوحيد لله رافضاً بشكل قاطع الشرك به مؤمناً بمن

 

سبقه من الكتب والرسل "آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون، كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله" قرآن كريم:البقرة – 285، وواجه محمد وأتباعه ما واجهوا من عقبات ومؤامرات ودسائس وحروب شتى في مهد الإسلام من قريش وأهل مكة مروراً بجزيرة العرب والإقليم والعالم عموماً، ولكن ذلك لم يفت في عضد الإسلام بل اشتد عوده وانتشر الفاتحون المسلمون في شتى أرجاء الدنيا ليقيموا خلافة إسلامية امتدت لقرون طويلة على مساحات شاسعة من جغرافيا العالم، ولا يزال الإسلام ينتشر بشكل سريع في المعمورة، ويشكل اليوم ديناً فتياً ومن أكبر الأديان في الكون.

 

2.   فلسطين ... المكانة الدينية

 

فلسطين لها خصوصية غير مسبوقة للإسلام والمسيحية على السواء،  ولا يمكن الحديث عن الديانتين ومسارهما وسيرتهما بعيداً عن فلسطين الأرض المقدسة المفعمة باللاهوت المسيحي والزاخرة بالإسلام لتشكل جزءاً من عقيدته، كيف لا وهي مهد الديانات السماوية الثلاث.

 ففلسطين للمسيحيين هي منشأ ومنبع المسيحية الأولى ومنها انتشرت إلى العالمين، هي مهد ميلاد السيد المسيح عليه السلام في كهف مدينة بيت لحم الفلسطينية حيث شيدت الملكة هيلانة أم الإمبراطور الروماني قسطنطين فيها كنيسة المهد أقدس كنائس العالم، وفي ربوعها سيما مدينة الناصرة نشأ وترعرع المسيح الفتى وكانت بشارته الأولى حيث كنيسة البشارة، وباشر المسيح دعوته في مدينة القدس حيث كنيسة القيامة وفيها عانى المسيح من دسائس اليهود ومؤامراتهم ومعهم جلاوزة الحكام الرومان الوثنيين الكثير الكثير، وشهدت فلسطين - وفقاً للعقيدة المسيحية- حادثة صلب المسيح وقيامته بعد ثلاثة أيام ورفعه للسماء وانسكاب الروح القدس على تلامذته، ففلسطين هي البداية والنهاية للمسيحية ولا يكون الحج المسيحي الكوني إلا لفلسطين بقدسها وبيت لحمها.

وفلسطين للإسلام علاقة الروح بالجسد، فالقدس الشريف فيها قبلة المسلمين الأولى وقبلة الأنبياء من قبل، وهي مسرى رسول الإسلام محمد ومعراجه إلى السماء فهي بوابة الأرض إلى السماء، وفلسطين تحتضن المسجد الأقصى المبارك ثالث المساجد بعد المسجد الحرام والمسجد النبوي، حيث حث رسول الله محمد على شد الرحال إليها، وهي أرض المحشر والمنشر يوم القيامة حيث – وفقاً لعقيدة المسلمين- الأرض التي يحشر فيها سائر البشر يوم القيامة عند خروجهم من قبورهم ويعرضون على الله.

وعادة – قبل الاحتلال الإسرائيلي- كانت جموع الحجيج المسلمين من كل أصقاع الدنيا يأتونها ليتمموا حجتهم بعد أداء مناسكها في مكة والمدينة، فلا يمكن الحديث عن الإسلام بمعزل عن فلسطين وقدسها الشريف.

 

3.   اختلاف العقيدة

 

رغم أن الإسلام والمسيحية أديان الله، إلا أن هنالك اختلاف عقدي واضح المعالم بينهما، وهذا الاختلاف العقدي لطالما شكل جداراً سميكاً بين الفريقين مالم يتم التعامل معه بهدوء وبحكمة وموضوعية ممزوجة بروح التنوع على قاعدة " لكل جعلنا منكم شرعةً ومنهاجاً" و قوله تعالى " ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة و لا يزالون مختلفين الا من رحم ربك و لذلك خلقهم " .

فالمسيحية – بعد مجامعها المسكونية التاريخية التي حددت قانون الأيمان المسيحي - ترى في المسيح عيسى رباً مخلصاً وهو أقنوم ثانٍ من الإله الواحد ذي الثلاث أقانيم إلى جانب الرب الأب والروح القدس، وأن مريم العذراء البتول هي أم الإله أو حاملته، وأن المسيح تجسد في صورة إنسان ليعيش بين الناس ويدعوهم للإيمان بالله ويشعر بهم ويحيا حياتهم ويتألم لآلامهم، وأن المسيح بصفته الناسوتية لا اللاهوتية قد صُلب بعد أن أوشى به أحد حوارييه (يهوذا الأسخريوطي) وبعد موته ودفنه في قبره قام بعد ثلاثة أيام ليصعد إلى السماء ليجلس على يمين الرب الأب، حيث انسكبت خلال هذه الرحلة الروح القدس على رسل المسيح وامتلأوا بها ليكتبوا لاحقاً أسفار العهد الجديد التي تشكل مع أسفار العهد القديم الكتاب المقدس للمسيحيين، ويدخل الإنسان المسيحية بعد تعميده رغم التباين في ذلك بين الطوائف المسيحية هل هي للأطفال عند ميلادهم أم عند بلوغهم الرشد؟

كما أن المسيحيين ينكرون نبوءة محمد رسول الإسلام وأن القرآن ليس وحياً سماوياً، وينظرون إلى المسيح على أنه المسيا المخلص الذي سينزل للأرض (المجيء الثاني)  في آخر الزمان لينشر رسالته ودعوته من جديد قبل النهاية الحتمية للحياة الدنيا.

أما الإسلام فعقيدته أن محمد عبد الله ورسوله اصطفاه من خلقه لتبليغ رسالته الخاتمة لبني البشر، وأن من سبقه من الأنبياء والرسل كانوا لأقوامهم خاصة، أما محمد فهو أرسل للعالمين كافة مصدقاً بمن سبقه من الأنبياء والمرسلين ومنهم موسى وهارون واسحق ويعقوب وداود وسليمان وعيسى بن مريم... وغيرهم، وكذلك الكتب السابقة التوراة والإنجيل والزابور، بل جعل الإسلام ذلك جزءاً من الإيمان الإسلامي "أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره" ، وتقوم عقيدة الإسلام على التوحيد وأن الله واحد أحد فرد صمد لا شريك له، ويرفض الإسلام بشكل قاطع ربوبية المسيح ويعتبره بشراً أنسياً اختاره الله رسولاً من الناس شأنه في ذلك شأن نوح وموسى ومحمد ... وغيرهم من رسل الله وأنبيائه، ويعتبر ربوبية عيسى شركاً بالله لا يجوز، كما ينكر الإسلام حادثة صلب المسيح ويعتبر أن من صُلب هو شبيه للمسيح وأن الله رفعه إليه في السماء وأنه سيعود وينزل إلى الأرض في آخر الزمان ليملأ الأرض عدلاً وتوحيداً ويضع حداً للشرك والكفر والظلم في الأرض.

  و يرى الإسلام أن الإنجيل القائم ومعه أسفار العهد القديم قد أصابها التحريف وليست من الوحي المقدس وأن الرسل كتبوها وصاغوها بعقولهم وفلسفتهم ومن بيئة ثقافتهم بعيداً عن الوحي السماوي أو الروح القدس إلى درجة وصفها من أحد علمائهم أنها أقرب للمذكرات الشخصية للرسل منها لنصوص سماوية مقدسة.

 وهذا الاختلاف العقدي لا يلغي الكثير من القواسم المشتركة بين الديانتين رغم التأويل المفاهيمي وفي جوهرها عبادة الله وطاعته وعمل الخير ونبذ الشر واتمام مكارم الأخلاق ، والتسليم بقاعدة " لكم دينكم ولي دين " ، والحديث الشريف " أتركوهم وما يدينون " .

 

4.    الديانتان بين الفلسّطنة والعولمة

 

ونقصد بها هل الدين الإسلامي والمسيحي - باعتبار فلسطين مركز كل منهما - دين محلي أم دين عالمي؟  ويأتي الجواب سريعاً: العالمية والعولمة لكل منهما، فأتباع الإسلام والمسيحية ينتشرون اليوم ويتمددون في قارات العالم الست، و الحركة الدعوية الاسلامية والتبشيرية المسيحية قائمة على قدم و ساق، وأجزم أنه لا توجد دولة كبيرة أو صغيرة في العالم اليوم إلا وتضم مسلمين ومسيحين على حد سواء.

ورغم هذه المركزية لفلسطين لا يمكن الحديث عن مسجد فلسطيني أو كنيسة فلسطينية بمعزل عن عالمية رسالة المسجد الذي يشكل بيت عبادة الله للمسلمين في كل مكان والحال ذاته بالنسبة للكنيسة، بيد أن ذلك لا يلغي وطنية المسجد والكنيسة وادارتهما في الدولة القطرية أو الوطنية التي نحياها اليوم فعصر الإمبراطوريات الأممية ولت وتفككت أخر قلاعها (اتحاد الجمهوريات السوفييتية سابقاً) حتى لا نصل إلى حالة الاحتلال الديني على غرار الاحتلال العسكري أو السياسي أو الغزو الثقافي، ففي الدول القطرية الإسلامية نجد وزارات الأوقاف هي الجهة الرسمية المشرفة على المساجد وإدارة شؤونها المختلفة من عبادة وخطابة وإمامة ودعوة وتحفيظ القرآن الكريم و دراسة السيرة النبوية و تسيير شؤونها الوظيفية والإدارية والمالية، ولا نجد مسلماً سعودياً مثلاً أو إيرانياً أو باكستانياً أو جزائرياً ... الخ يدير شؤون المساجد في فلسطين رغم عالمية الإسلام ودعوته، وهذا خلافاً لما هو قائم في الكنائس في فلسطين حيث تخضع جُل كنائسها التي تتبع أكثر من13 طائفة تتوزع بين عائلات الأرثوذكس والكاثوليك والبروتستانت منها لمرجعيات أجنبية غير فلسطينية أو حتى عربية، فكنائس الروم الأرثوذكس التي تمثل نحو 95% من مسيحيي فلسطين تخضع للإشراف التام ولإدارة الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية ويقف على رأسها في فلسطين البطريرك ثيوفيلوس الثالث بطريرك القدس وهو يوناني وجل كهنة هذه الكنائس يونانيين أيضاً، والحال ذاته في كنيسة أو بطريركية اللاتين حيث يقف على رأسها اليوم المدبر الرسولي الجديد بييرباتيستا بيتسابالا وهو إيطالي خلفاً للبطريرك الأردني فؤاد الطوال وقبله البطريرك الفلسطيني الوحيد ميشيل صباح وهو الأمر الذي فجر مؤخراً صراعاً خفياً داخل البطريركية نتيجة اقصاء النائب البطريركي في الأردن المطران مارون لحام صاحب هذا الاستحقاق والذي انتهى بتقديمه استقالته

 

احتجاجاً على موقف البابا فرنسيس والكرسي الرسولي باستبعاده وتعيين رئيس الأساقفة بيتسابالا، والأمر ينسحب على الكنيسة الفرنسيسكانية (حراسة الأرض المقدسة) ومرجعية الكنيسة الأسقفية (الأنجليكانية) التي يتربع على رأسها مطران فلسطيني "سهيل دواني" ومرجعيتها كنيسة كاتتربري البريطانية ... وغيرها من الكنائس الأخرى.

هذا الواقع المقارن والمضاد بين مساجد فلسطين ذات المرجعية الواحدة (وزارة الأوقاف) وبين كنائسها ذات المرجعيات المختلفة (غير الفلسطينية) يخلق حالة من التنافر الديني مع الفلسطينيين المسلمين والمسيحيين على السواء ويؤجج مشاعر وطنية سلبية تجاهها لدرجة وصفها البعض باحتلال من نوع جديد في اشارة مقارنة مع الاحتلال الإسرائيلي، فيما البعض الأخر وصفها بالامتداد للحملات الصليبية ولكن بثوب ناعم، وهذا ي فتح الباب على مصراعيه في البيت المسيحي الفلسطيني للإجابة على سؤال مشروع حول فلسطينية الكنيسة وضرورة فلسطنتها إدارة وتسييراً وتمثيلاً و تكريس انتماءها الوطني بما لا يتعارض مع رسالتها الروحية العالمية كجزء من امتدادها الديني المسيحي.

كما وأن تشكيل لجنة رئاسية لشؤون الكنائس مؤخراً ( مايو 2012م ) لم يغير في هذا الواقع كثيراً، اذ يقتصر دور اللجنة على الجانب الإشرافي والبروتوكولي فقط وليست لها أية سيادة وطنية حقيقية على هذه الكنائس أو التدخل في إدارتها الروحية أو التسييرية أو المالية أو الرقابة الفعلية عليها.

 

5.   المختلف والمشترك

 

مما لا شك فيه أن هنالك اختلافاً عقدياً- كما أسلفنا- بين الديانتين رغم اتفاقهما في الإيمان بالله وعبادته كأساس لوجود الإنسان على وجه البسيطة، ومن ثم الحساب يوم القيامة في الأخرة، ولا ينفي عاقل أن المسجد بصلواته شيء وأن الكنيسة بطقوسها شيء أخر، ولكن بالمقابل أيضاً كلاهما بيوت لله لعبادته والتقرب إليه، وكذلك لا يخفى علينا أن كل دين منهما يقول بأنه الدين الخاتم وشريعته الناسخة لما قبلها من شرائع ولما بعدها، وأن رسوله خير الرسل وأفضلهم أجمعين، والثابت أنهما أديان سماوية من الله سبحانه وتعالى وأن محمد وعيسى رسل الله للناس لدعوتهم من الكفر إلى الإيمان ومن عبادة العباد والأوثان إلى عبادة الله الواحد القهار.

وعلى مدار مسيرة الديانتين التي امتدت لقرون طويلة ولا زالت مستمرة أدرك قادة وعلماء وفلاسفة الديانتين المختلف والمشترك بينهما وقننوا ذلك وتعاطوا معه وخلقوا ناظم له يقوم على التعاون المشترك في المتفق والأعذار في المختلف فكانت العهود والاتفاقات والمواثيق بدءاً من معاهدة الرسول محمد مع أهل نجران المسيحيين وتكرار ذلك مع أهل أيلة و جرباء وأذرح و من بعده عهود الخلفاء الراشدين و من تبعهم، ولعلها أبرزها وأجملها العهدة العمرية الخالدة للخليفة المسلم الثاني والعادل عمر بن الخطاب مع بطريرك القدس صفرونيوس والتي تشكل نموذجاً متقدماً لهذه العلاقة البينية، وما مفهوم الجزية فيها التي يتطير منها بعض

 

الإخوة المسيحين إلا بمثابة نوع من أنواع الضرائب بالمفهوم المالي والإداري المعاصر يمكن اطلاق عليه "ضريبة الحماية الأمنية"، وأظن أن هذا المفهوم تلاشى اليوم في ظل الدولة المدنية التي تقوم على المواطنة الكاملة والتساوي في الحقوق والواجبات إلى جانب أنه قابل للاجتهاد الفقهي في التطبيق.

6.   نحو البوصلة

 

وفي ظل هدي توافق عمر وصفرونيوس يُطرح السؤال مجدداً عن مستقبل العلاقة من جديد بين الإسلام والمسيحية في الأرض المقدسة (فلسطين) التي يريدها البعض من المتعصبين والمنغلقين من الجانبين المشبعين بروح الحملات الصليبية السابقة وأحقادها – والتي ينبغي تجاوزها اليوم- مواجهة ونزال بين الديانتين، ويريدون أن تمتد الإسلاموفوبيا إلى بلادنا أو أن يمتد النموذج السوري والعراقي إلى مدننا وقرانا ومخيماتنا والإبقاء على حالة تنافر وتوتر مستمرة في مشهد لا يخدم إلا الاحتلال وأعداء شعبنا وأمتنا من مسلمين ومسيحين.

المطلوب اليوم تطبيق القاعدة القرآنية "لكم دينكم ولي دين" أي احترام كل فريق لديانة الأخر وخصوصيته، " فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر" هذا على المستوى العقدي الديني، أما على مستوى المواطنة فشعبنا بمسلميه ومسيحييه شعب واحد وأبناء أمة واحدة وتاريخ عيش مشترك ومعاناة واحدة واكتواء بنار احتلال واحد وهي مسيرة مشتركة تعمدت بالدم والشهادة جيلاً بعد جيل.

أما على مستوى العلاقة البينية فالواجب ترقيتها للتكامل في إطار وحدة التنوع والمواطنة المتساوية " قل يا أهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا و بينكم ألا نعبد الا الله و لا نشرك به شيئا "، والتعاون على تحرير الوطن وبنائه وتنميته واستقراره ونهضته وازدهاره وصون سيادته، على هذا ينبغي أن نعمل معاً (مسلمون ومسيحيون) في هذه الأرض الطاهرة المقدسة بيننا تظللنا المودة والرحمة والقربى لتحصين بلادنا من رياح الإقليم العاتية التي تسعى لاقتلاع أوتاد التسامح والتآخي والعيش المشترك والتاريخي في خيمتنا الفلسطينية الكبيرة، وهذا هو التحدي القائم، فلنحدد البوصلة ولنعمل تجاهها.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد