كاتب إسرائيلي: في إسرائيل "العربي الجيد هو العربي الميت"

الكاتب الإسرائيلي المعروف جدعون ليفي

القدس /سوا/ "عربي جيد، عربي ميت"، عنوان مقال جديد لـ"جدعون ليفي" أحد رموز ما يسمى اليسار المتطرف في إسرائيل، نشرته صحيفة "هآرتس" الخميس 8 يونيو ردا على الممارسات العنصرية لقوات الاحتلال ضد فلسطيني 48.

المقال تطرق فيه "ليفي" لاستشهاد الشاب محمد طه من مدينة كفر قاسم في الداخل  الفلسطيني المحتل مساء الاثنين الماضي خلال تظاهرة نظمها شباب المدينة، معتبرا أن لم يقتل لأنه تظاهر، أو أحرق عربة شرطة إسرائيلية، لكن فقط لأنه "ولسوء حظه" كان عربيا.

 

إلى نص المقال

لنفترض أن المتظاهر الذي قتل رميا بالرصاص على يد الجندي كان يهوديا. لنفترض أنه كان متظاهرا حريدي (متدين) أو إثيوبي أو مستوطن. من الصعب تخيل ذلك لأنه لم يحدث في السابق. لكن لو قُتل متظاهر يهودي بالرصاص على يد قوات الأمن، لكانت إسرائيل قد ضجت، ولحدث ذلك أيضا وفقا لتصنيف عرقي- سياسي محدد سلفا: قتيل إثيوبي -أقل، قتيل حريدي- أكثر، ومستوطن قتيل- نهاية العالم. العناوين الرئيسية، لجنة تحقيق، بؤرة استيطانية على اسمه "كما هو متوقع"، ويوم ذكرى لوفاته، محدد في القانون.

 

لكن لسوء حظ محمد طه، فقد وُلد عربيا. ليس مستوطنا، أو حريدي أو حتى إثيوبي، لسوء حظه أنه كان عربيا في حياته وفي موته أيضا. لذلك جرى التعتيم على موته في وسائل الإعلام الإسرائيلية ولم يعتبر كارثة.


كانت قصة المعلم الذي يشتبه في تحرشه بتلميذاته أكبر كثيرا أمس الأول، لأن الحديث يدور عن أطفالنا اللطفاء والأعزاء. أما المواطنون العرب فهم لطفاء وأعزاء بشكل أقل كثيرا بالنسبة لنا. لذا فإن قتل متظاهر عربي أمر يتم تهميشه. أمر لا يصدق: الشرطة تقتل متظاهرا فيصبح الأمر قصة ثانوية، فقط لأنه عربي.


يا لها من مصادفة مذهلة: المتظاهرون الذين يقتلون بالرصاص في إسرائيل دائما عرب. كذلك اللصوص الذين يقتلون بالرصاص دائما عرب تقريبا. مصادفة مذهلة، يتم تبريرها بالقول مثلا إن "إسحاق رابين قتل في ميدان رابين".

لكن أيضا الـ 13 شهيدا الذين قتلوا في أكتوبر 2000 كانوا عربا، ويعقوب أبو القيعان كان عربيا، وكذلك محمد طه كان عربيا. قتل 55 مواطنا عربيا منذ أكتوبر 2000 على يد قوات الأمن ومواطنين يهود، وفقا لمعطيات مركز مساواة.

 

ومثلهم كانت عربية الفتاة نوف أنفيعات، التي قتلها الجنود برصاصهم الأسبوع الماضي، مثل كل فتيات المقص وأطفال السكاكين التي تقتلهم قوات الأمن عبثا.

 

مجرد مصادفة بائسة أدت لقتل العرب على وجه التحديد. لكن الحقيقة هي أنه لم يولد الجندي الذي كان ليطلق النار على وجه متظاهر يهودي من داخل موقع حراسة محصن فقط لأنه "رأى الموت بعينيه".

 

لدى الإسرائيليين ميل فطري لرؤية الموت في كل مرة يرون فيها عربا. لذلك يفتحون عليهم النار ويقتلونهم. قُتلوا جميعهم ليس لأنهم تظاهروا، ألقوا حجارة، أحرقوا دوريات، أو حاولوا طعن جنود- قتلوا أولا وقبل كل شيء لأنهم عرب. لو لم يكن الأمر كذلك لما قُتلوا هكذا بسهولة مخزية.

 

وليس من قبيل الصدفة أيضا ألا يلحق الأذى أبدا تقريبا بقاتليهم، ويتحول معظمهم إلى أبطال الساعة. "لن نتخلى عن مطلق النار"، قالوها أمس في الشرطة. أصبح مطلق النار هو الضحية التي لا يجب التخلي عنها، حتى قبل فتح تحقيق، لن يُفتح أبدا.

 

لكن الحديث لا يدور فقط عن مصير قتيل، أو استخفاف رهيب بالدم العربي، الذي لا يوجد أرخص منه في إسرائيل. المذهل في كل هذا التسلسل هو أنه ولشدة العنصرية لا أحد يرى الخطر على الديمقراطية. لشدة العنصرية، لا يعتقد أحد أن عناصر الشرطة والحراس الذين يطلقون النار في وجه متظاهر عربي بهدف قتله سيفعلون ذلك ذات يوم في متظاهر يهودي. وربما كانت العنصرية أعمق من هذا، فلا يحدث ذلك، ويتم حفظ الديمقراطية فقط لليهود في الدولة اليهودية غير الديمقراطية.

 

كان يتعين على عناصر الشرطة في إسرائيل التعامل مع كفر قاسم بتقديس خاص. كان يجب على إسرائيل منذ وقت طويل الانحناء في خجل وشعور بالذنب كلما برز اسم المدينة على جدول الأعمال.

 

كان على الدولة أن تطلب المغفرة منذ وقت طويل من المدينة التي ذبحت الشرطة ذاتها 43 من سكانها قبل 60 عاما، بينهم 9 سيدات و17 طفلا وصبيا. كان على شمعون بيريز أن يعتذر كرئيس، وكان على الشرطة أن تهتم بأمن سكانها أكثر من باقي المدن الأخرى. بدلا من ذلك حصلنا على مذبحة كفر قاسم صغيرة، هذه المرة بقتل مواطن واحد فقط. لنعترف على الأقل: ما كان هذا ليحدث ليهودي. بهذا قلنا كل شيء

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد