2014/10/16
104-TRIAL-
يتكون النظام السياسي الفلسطيني من منظمة التحرير الفلسطينية التي أسست عام 1964م، والسلطة الفلسطينية التي خرجت نتيجة لاتفاق (أوسلو) عام 1993م، والحركة الوطنية التي بدأ بزوغ فجرها في عشرينيات القرن الماضي، ومؤسسات المجتمع المدني.
ما سبق هي مكونات النظام السياسي الفلسطيني الذي يعاني من أزمة ومعضلة بنيوية حقيقية، قد تكون أحد أهم مسببات الانقسام السياسي، والتفسخ المجتمعي، وعلى المدى الأبعد قد تكون أحد مسببات إطالة أمد الاحتلال الصهيوني.
فما هي معضلة النظام السياسي الفلسطيني؟، وما هي سبل العلاج؟ خصوصية الحالة الفلسطينية تتمثل بوجود الاحتلال، وبذلك إن نواة ومركز النظام السياسي الفلسطيني هي حركات التحرر الوطني، وصحيح أن التنافس حالة صحية في المجتمعات الأخرى، إلا أن التنافس في الحالة الفلسطينية في بعض الأحيان ساهم في وجود معضلة النظام السياسي، وزاد من تشوهاته؛ لأنه كان تنافسًا على الهيمنة والانفراد، فمنظمة التحرير الفلسطينية _على سبيل المثال_ تهيمن حركة فتح على القرار السياسي فيها منذ 1968م، حتى أصيبت مؤسسات المنظمة بأمراض الترهل والبيروقراطية، وتركز القرار بيد الفرد أو الزعيم على حساب المؤسسة، مع وجود اللجنة التنفيذية، وهناك شواهد ودلائل تؤكد ما سبق ذكره.
ثم أسست منظمة التحرير السلطة الفلسطينية، وبسبب رفضها اتفاق (أوسلو) ومخرجاته رفضت القوى السياسية المشاركة بمؤسسات السلطة، وهذا مهد الطريق لحركة فتح كي تهيمن على مؤسسات السلطة، وانتخب الرئيس ياسر عرفات رئيسًا للسلطة، وبذلك يصبح الراحل عرفات رئيسًا للمنظمة وللسلطة ولحركة فتح، وهذا الحال مع الرئيس محمود عباس ، وربما يشكل هذا الخلط أحد أهم أشكال معضلة النظام السياسي؛ لأن المزج بين المؤسسات الثلاث وجعلها بيد فرد واحد كان تأثيرهما سلبيًّا على مكونات النظام السياسي، فحركة فتح تأثرت، ومنظمة التحرير تراجع دورها لحساب السلطة الفلسطينية التي عانت من أمراض عدة، أهمها الفساد والمحسوبية.
وفي مطلع 2006م أجريت انتخابات تشريعية فازت فيها حركة حماس ، وربما هذا الفوز كشف الأزمة البنيوية للنظام السياسي الفلسطيني، فلم تستطع مؤسساته التكيف مع الواقع الجديد، ولم تفلح حركة حماس في إحداث تغيير جوهري في بنيته، ورب قائل يقول: إنه من المفترض في حالات كهذه أن تكون مؤسسات المجتمع المدني هي الناظم والمؤثر في إحداث التغيير داخل المجتمع الفلسطيني، ولكن _يا للأسف_ أغلب مؤسسات المجتمع المدني هي مؤسسات ظل لخدمة أحزاب وفصائل وجهات مانحة، وبذلك فقدت دورها المحوري في تعزيز الديمقراطية والحكم الرشيد، وفرض التغيير على كل مكونات النظام السياسي بقوة تأثيرها في المجتمع الفلسطيني.
ويبقى السؤال الأهم: ما هي سبل العلاج؟ هناك مشكلة مجتمعية تتعلق بالمجتمع الفلسطيني نفسه، فالمجتمع الفلسطيني من أكثر المجتمعات ثقافةً وتعلمًا، فالثقافة السياسية هي أحد المركبات الجينية للفلسطينيين بالضفة الغربية وقطاع غزة والشتات، ولكن لم ينتقل ذلك من النظرية إلى التطبيق، بمعنى أن المشكلة الرئيسة تتمثل في إحداث تغيير داخل المجتمع، وعلى وجه الخصوص داخل المنظومة الحزبية في فلسطين، فإعادة تقويم التعبئة الحزبية أو التربية الحركية أحد أشكال العلاج، والانتقال من الثنائية الحزبية التي تمثلها فتح وحماس إلى التعددية السياسية الوازنة، ومن حكم الفرد إلى حكم المؤسسة، وتعزيز سبل التعايش والمشاركة على حساب الهيمنة، كل ما سبق هي فرص حقيقية للعلاج، ولكن الأهم من ذلك أن يبدأ المثقفون والمستقلون بتأسيس شبكة مؤسسات مجتمع مدني لا ترمي إلى خدمة الأشخاص أو الأحزاب، وإنما خدمة النظام السياسي الفلسطيني والمشروع الوطني التحرري، ولتكون عنصر ضغط لمحاربة حالة الفساد والهيمنة، وتعزيز روح الوطنية، ما يؤسس لشراكة حقيقية، ولعمل مشترك يساهم في العودة والتحرير. 183
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية