هآرتس: حماس وضعت بالزاوية واسرائيل قلقه من نشوب صراع جديد في الصيف

الجيش الاسرائيلي

القدس / سوا /  قالت صحيفة هآرتس الاسرائيلية ان الأزمة التي تعاني منها دولة قطر حالياً بعد قطع دول عربية واسلامية العلاقة معها دفعت حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة الى الزاوية.

وقال الكاتب الاسرائيلي في الصحيفة عاموس هرئيل ان تفاقم الضائقة في غزة يثير قلق القيادة الأمنية الاسرائيلية قادرتها خلال الأسابيع الأخيرة الى الانشغال بإمكانية اندلاع جولة حرب اخرى في الصيف القريب.

وفيما يلي نص المقال

يكتب عاموس هرئيل، في "هآرتس" ان قطر شكلت في السنوات الأخيرة احدى الدعامات الأخيرة لنظام حماس في القطاع. فالعلاقات بين حماس ومصر تعطلت في صيف 2013، والذي اعاد الجنرالات الى السلطة في القاهرة، وايران قلصت الدعم المالي لحماس (والذي تجدد قليلا في الآونة الأخيرة)، بسبب الخلافات بين السنة والشيعة حول الحرب الأهلية في سورية، وتقلص الاهتمام التركي بغزة في اعقاب اتفاق المصالحة مع اسرائيل وفي ضوء المشاكل الأخيرة التي تواجه الرئيس اردوغان، في البيت ومن الخارج.

وواصلت الامارة الخليجية الصغيرة والثرية، تقديم المساعدات الاقتصادية لحماس، وتجندت في اكثر من مرة لحل ازماتها المالية بشكل مؤقت. يمكن التقدير بأن مبعوث قطر، الذي يمثل، ظاهرا، شؤون بلاده في المناطق، كان، ايضا، وسيطا غير رسمي بين اسرائيل وحماس والسلطة في جملة من القضايا، من الترتيبات غير المباشرة لإعمار القطاع بعد حملة "الجرف الصامد"، وحتى تلمس صفقات بشأن الأسرى والمفقودين. الى جانب ذلك، استضافت قطر ليس فقط رئيس المكتب السياسي السابق لحركة حماس، خالد مشعل، وانما ايضا، المسؤول الكبير في الجناح العسكري للحركة صلاح عاروري.

فعاروري، الذي طردته اسرائيل من الضفة قبل سبع سنوات، وصل مؤخرا الى قطر قادما من تركيا، بعد طرده من هناك بضغط امريكي. وعمل عاروري من تركيا، ومن قطر ايضا، على توجيه نشاطات "قطاع الضفة"، الجهاز الدولي لحماس الذي حول الأموال والتوجيهات لتنفيذ عمليات ضد اسرائيل، وتوجيه جهود التآمر على السلطة الفلسطينية.

وبضغط من الولايات المتحدة والسعودية، ابلغت قطر، في بداية الأسبوع، العاروري ومجموعة النشطاء العاملين معه، بأن عليهم مغادرة الدولة بسرعة. لكن هذه الخطوة بعيدة عن ان ترضي السعوديين، الذين انتقلوا الى فرض المقاطعة الكاملة على الامارة، وجروا معهم مصر والسودان وبعض دول الخليج.

يرتبط الغضب على قطر بمغازلتها المتواصلة للمعسكرات المعادية للسعودية، ومن بينها حركة الاخوان المسلمين والى حد ما ايران. بالنسبة لمصر والسعودية، يشكل الاخوان المسلمين بؤرة خطر حقيقية. والعداء الذي تكنه مصر لحماس ينبع، ايضا، من كونها حركة تابعة للإخوان المسلمين. احد التصريحات التي تم تسريبها والذي اثار غضب مصر والسعودية والسلطة الفلسطينية على قطر، هو قول امير قطر بأن حركة الاخوان المسلمين (أي حماس) هي الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني.

لقد فاجأت الأزمة السعودية – القطرية غالبية اجهزة الاستخبارات الغربية (ومن المؤكد يجب عدم حسد الخبراء الامريكيين الذين سيطالبون الان بتفسير هذا الواقع المعقد للرئيس دونالد ترامب). حاليا، تسمع تقييمات تفيد بأن قطر، التي لم تتوقع كما يبدو قوة الخطوة السعودية ضدها، ستضطر الى التراجع على الأقل بشكل جزئي في ضوء الضغط الذي يمارس عليها. ويمكن لهذا ان يؤثر على علاقاتها مع حماس. قبل عدة أيام سافر يحيى سنوار، رئيس حماس في غزة، وعدد من مسؤولي التنظيم الى مصر، لإجراء مباحثات، كان من المقرر ان يواصلوا بعدها الى قطر، لكن الأزمة القطرية ضبطتهم في القاهرة، التي قطعت الرحلات الجوية مع الدوحة.

لكن هذه تبقى المشكلة الأصغر بالنسبة لحماس. فسنوار واسماعيل هنية ومشعل، سيضطرون الى موازنة خطواتهم في ظل ازدياد الضغط الذي تمارسه مصر والسلطة الفلسطينية على قطاع غزة. وخلافا لتوقعات الغزيين، تقلل مصر من فتح معبر رفح امام حركة المرور من والى القطاع.

في هذه الأثناء يشدد محمود عباس الحصار الاقتصادي على القطاع، من خلال قرارات تقليص الدعم الاقتصادي لمستخدمي السلطة في غزة، وللأسرى المحررين والمطرودين في اطار صفقة شليط، الى جانب تقليص المدفوعات من السلطة لإسرائيل لقاء تحويل الوقود لمحطة الطاقة في غزة ومقابل الكهرباء التي تحولها للقطاع. حكومة نتنياهو تواجه صعوبة كبيرة في الموافقة على تمويل ثمن الكهرباء بدلا من السلطة، لأن هذا الأمر سيعتبر تنازلا لحماس.

في ذروة صيام شهر رمضان ، انخفض تزويد الكهرباء لغزة الى اربع ساعات يوميا، في افضل الحالات، فيما تعتمد الكثير من المؤسسات العامة وبيوت المدنيين على المولدات لتوفير الطاقة. ويزيد انقطاع التيار الكهربائي من ضائقة مياه الشرب ويصعب تطهير مياه الصرف الصحي، الأمر الذي يزيد من مخاطر تلوث شاطئ البحر المتوسط، ومن شأنه ان يؤثر ايضا على الشواطئ الجنوبية لإسرائيل.

ظاهرا، في ضوء المشاكل التي تواجهها حماس، فان قرار السعي لتصعيد الأوضاع مقابل اسرائيل سيكون حماقة تامة. لكن السؤال هو ما اذا كان سنوار، الرجل القوي في القطاع اليوم، وشريكه في الجناح العسكري محمد ضيف، يفكران، بالضرورة، بمصطلحات مشابهة لما يفكر فيه الجانب الاسرائيلي.

لقد تبلورت مفاهيم سنوار خلال اكثر من عشرين سنة قضاها في السجن الاسرائيلي، حتى تم تسريحه في اطار صفقة شليط. معرفته بالمجتمع الإسرائيلي واسعة وعميقة (احد قادة الشاباك قال: "اشتبه بأنه يفهم باليهودية اكثر مني ومنك")، ولكن هذه المعرفة يرافقها العداء الايديولوجي العميق والايمان بقوة الكفاح المسلح.

تفاقم الضائقة في قطاع غزة يثير قلق القيادة الأمنية الاسرائيلية، وقادها خلال الأسابيع الأخيرة الى الانشغال بإمكانية اندلاع جولة حرب اخرى في الصيف القريب، بعد ثلاث سنوات من "الجرف الصامد" وفي ظروف مشابهة جدا. لا يزال من الممكن منع المواجهة، لكن حماس بدأت باللعب بالنار: خلال الاسبوعين الأخيرين تشجع حماس التظاهرات، وبعضها عنيفة، قرب السياج الحدودي مع إسرائيل، بعد ان منعت خلال اشهر طويلة وبقوة كل نشاط كهذا. ويوم امس قتل شاب بنيران الجيش الاسرائيلي في جنوب قطاع غزة، بعد قيام عشرات الشبان بإشعال اطارات بالقرب من السياج الحدودي.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد