عندما كان لنا ثورة كنا نسمي السعودية هي الدولة الرجعية المتحالفة مع أمريكا وتقمع أي ثورة وتحرك قومي وطني عربي نهضوي. وحديثا رأينا ولا نزال كيفية التدخل السعودي السافر ودول الخليج في أحداث الربيع العربي، الذي جعلوه خريفاً عربياً يخدم مصالحهم الفردية الأنية ومن خلال دورهم الوظيفي، والأهم المصالح الغربية والأمريكية في تفتيت الوطن العربي وهويته، واخماد اي مشروع عربي نهضوي يناضل من اجل الحرية وبناء المجتمع العربي على أسس ديمقراطية حضارية.
وساهمت دول الخليج في تمويل جماعات الاسلام السياسي الجهادي المتطرف لبث الرعب والخوف في نفوس الشعوب العربية من خلال القتل والذبح والتدمير، وسورية مثال حي على ذلك.
وبعد ان بدأت الصورة تتضح وافشال الربيع العربي بالتدخلات الخليجية والغربية وتمويل وربما صناعة حركات جهادية إسلامية من قبل أمريكا والغرب، وفشل الربيع العربي والخراب والدمار وخشية من انتقاله الى دول الخليج، فلا أحد مستثنى من هذه الفوضى الخلاقة التي ساهمت الأنظمة العربية في صناعتها.
بدأت دول الخليج العربي تستشعر الخطر الداهم عليها وهي الدول الهشة القائمة على القمع ونهب ثروات شعوبها وتغييب الديمقراطية والحريات، وبدل من مراجعة نقدية عربية مجتمعة للسنوات العجاف والخراب الذي تعيشه الدول العربية وغياب المشروع القومي العربي، وبعد ان استدعت الجماعات الاسلامية المتطرفة والتي باتت تهددها وتخشى من هجماتها داخل دولها، وبذريعة محاربتها ومحاربة ايران الذي تستعديها الدول الخليجية، استدعت واستنجدت بأمريكا التي تبتزها وتبحث عن مصالحها وسيادتها خارج حدودها، وشعار الرئيس الامريكي دونالد ترامب أمريكا أولاً.
وبعد ان بدأت دول اوروبا تشعر بأنها مهددة بالهجمات الإرهابية والتي اجتاحت اوروبا منذ العام ٢٠١٥ عندما ضرب الارهاب فرنسا ومن ثم بلجيكا وألمانيا، وغيرها من الدول الأوربية المهددة، كان اخرها بريطانيا والتي شهدت خلال الأيام الماضية عدد من الهجمات الارهابية التي ستضرب دول وأماكن اخرى. فأمريكا وأوروبا تبحثان عن مصالحهما وتحاول ان تعيد مشروعهما الذي ارتد عليهما بطريقة اخرى.
وكأن لعنة العراق وسورية تلاحق دول الخليج خاصة قطر والامارات والسعودية التي عملت بكل قوتها خلال سنوات الربيع العربي وتشددت في دعم وتسليح الثورات العربية خاصة في سورية، ووضعت كل امكاناتها لإزاحة النظام السوري ليس ايمانا بحرية السوريين ودعم نظام ديمقراطي، انما استجابة لرغبات شخصية ومصالح مشتركة مع اوروبا وهي الدولة الأكثر تخلفا ورجعية وقمعا لحقوق الانسان وللحريات، ومع تغيير النظام وبوجود الامير بن سلمان وسياساته العنجهيه الصبيانية ضد ايران ومحاولته محاربتها بشتى الطرق واستجلاب فوضى داخل ايران وإشغالها في اليمن وسورية، وعقد تحالفات بعقد صفقات السلاح الضخمة، والتحالف مع اسرائيل والتطبيع معها.
هذه المرة تعود السعودية من جديد وتعيد صياغة الشرق الأوسط بفجور ومن دون خجل بذريعة محاربة الإرهاب على حساب القضية الفلسطينية والمشروع العربي، وحسب رؤية أمريكا واسرائيل. فالدول العربية التي شاركت في قمم السعودية مع ترامب جعلت من نفسها أدوات في خدمة المشروع الامريكي الاسرائيلي. والسؤال ما هو الفرق بين السلطة الفلسطينية أو السعودية أو الإمارات او قطر والبحرين، وهل اختلف الدور القطري عن الدور السعودي او الإماراتي، وعلاقتهم جميعا بإسرائيل التي ستصبح شفيقة وتتجذر على حساب القضية والمشروع الوطني، وما يجري يصب في خدمة اسرائيل وأهدافها وأطماعها التوسعية.
اسرائيل هي المستفيد الاول والأخير من هذا الفراق العربي، فالمشكلة ليست في قطر وحدها واتهامها بأنها تمول الإرهاب المتهمة بالتغريد خارج السرب السعودي الذي يعتبر المفرخ والممول الرئيسي للإرهاب والتطرف وجميع هذه الدول تتسابق في ان تكون ادوات لأمريكا والغرب للحفاظ على انظمتها.
ومع كل هذا الوضع والتخلف والمصالح الفردية للسعودية كان ولا يزال بإمكانها هي وباقي الدول العربية ان تعقد قمم عربية إسلامية للم الشمل العربي بدل من قطع العلاقات مع دولة قطر والتي لعبت دورا أكبر منها بمباركة السعودية وغيرها من دول الخليج.
وليس بعقد الصفقات والتحالف مع أمريكا واسرائيل اللواتي تبحثان عن مصالحهما وتجذر من وجود اسرائيل على حساب المشروع العربي الغائب عن الفعل في ظل المشاريع المتصارعة على السيطرة على الوطن العربي، واعادة تشكيله وصياغته من جديد.
ولا يزال بالإمكان ان يشكل المشروع العربي رافعة لو استغلت ثرواته وقدرات أبناؤه في بناء الوطن العربي وفق رؤية عربية نهضوية لها مصالحها الخاصة بها مع العالم.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية