هآرتس: ادارة ترامب تدرس تطبيق خطة أوباما الأمنية في مناطق السلطة الفلسطينية

الأمن الفلسطيني

القدس / سوا /  قالت صحيفة هآرتس الاسرائيلية ان مبعوث الرئيس الامريكي للشرق الأوسط جيسون غرينبلت أجرى عدة لقاءات مع شخصيات أمنية أمريكية لها علاقة بخطة الرئيس الامريكي السابق باراك اوباما حول الترتيبات الأمنية في مناطق السلطة الفلسطينية.

وبحسب الكاتب الاسرائيلي بالصحيفة عاموس هرئيل أنه وفي أحد هذه اللقاءات حصل المبعوث الامريكي على عرض شامل للخطة الأمنية التي بلورتها الإدارة الامريكية السابقة لإقامة الدولة الفلسطينية والتي اطلق عليها اسم خطة (آلان) على اسم الجنرال الامريكي جون آلان والذي أعد هذه الخطة ، بناءاً على طلب الرئيس اوباما لعلاج هذه القضية بشكل شخصي.

الى نص التقرير كما ورد في هآرتس.

بعد دخول ترامب الى البيت الابيض، أجرى مبعوثه الخاص للشرق الأوسط، جيسون غرينبلت عدة لقاءات مع شخصيات أمنية أمريكية لها علاقة بخطة الرئيس الأمريكي السابق باراك اوباما حول الترتيبات الامنية في مناطق السلطة الفلسطينية.

وفي أحد هذه اللقاءات حصل غرينبلت على عرض شامل للخطة الامنية التي بلورتها الادارة الأمريكية السابقة لإقامة الدولة الفلسطينية، والتي اطلق عليها اسم خطة “ألان”، على اسم الجنرال الأمريكي  جون ألان ، والذي أعد هذه الخطة ـ بناءا على طلب الرئيس براك اوباما علاج هذه القضية بشكل شخصي.

خطة “ألان” التي عمل عليها عشرات الضباط والخبراء الامريكيين والإسرائيليين، لأشهر طويلة لم يتم الاعلان عنها أبدا، وبقيت اغلبية تفاصيلها سرية، حتى بعد المحادثات التي أجرتها ادارة اوباما مع إسرائيل والسلطة الفلسطينية في العامين 2013 – 2014 لم يتم الإعلان عنها.

ولقد قدم أحد المسؤولين السابقين في ادارة اوباما توصياته لغرينبلت، بضرورة التعمق في تفاصيل الخطة، لأنه اذا اصبحت المفاوضات بين الطرفين جدية برعاية وموافقة ترامب، فان الادارة ستحتاج الى خطة مشابه، تستجيب لاحتياجات إسرائيل الامنية.

خطة “ألان” تتعلق بأمور كثيرة ، منها: اقامة مطار مدني للفلسطينيين في الضفة الغربية، تقوية الجدار على الحدود مع الاردن، والتعاون الاستخباري بين إسرائيل والولايات المتحدة.

اجزاء كبيرة من هذه الخطة عرضت في ذلك الوقت على نتنياهو ووزير الجيش موشيه يعلون ومسؤولين في هيئة الاركان العامة للجيش الاسرائيلي. كانت في اسرائيل مواقف مختلفة: الخطة حظيت بمباركة المستوى العسكري، لكن تم رفضها من قبل يعلون، ونتنياهو انتقدها.

اليوم الادارة الامريكية الجديدة بقيادة ترامب، مهتمة بهذه الخطة، والدليل على ذلك هو حقيقة أن مستشار الامن القومي في ادارة ترامب، الجنرال هيربرت ماكماستر قرر تعيين كريس باومان مسؤولا عن الموضوع الاسرائيلي الفلسطيني في مجلس الامن القومي، وهو كولونيل متقاعد في سلاح الجو الامريكي، وكان ضمن الطاقم الرفيع الذي عمل على اعداد “خطة ألان”

صحيفة “هآرتس” تحدثت في الآونة الأخيرة مع عدد من المسؤولين في اسرائيل وفي الولايات المتحدة، كانوا مطلعين على الخطة. الضباط الكبار الذين تواصلوا مع الامريكيين قالوا للصحيفة إنه يمكن اعتبار خطة “ألان” وثيقة مشتركة للولايات المتحدة واسرائيل، وثمار عمل مشترك للبنتاغون والجيش الاسرائيلي، والدليل على ذلك أن عشرات الضباط الاسرائيليين شاركوا في المشاورات، في عدة طواقم وفي مستويات مختلفة، وعملوا مع نظرائهم الامريكيين. وحسب بعض المصادر الاسرائيلية، المحادثات بين الطرفين كانت عميقة جدا وتمت ادارتها بمستوى عال من الانفتاح، بطريقة مكنت كل طرف من فهم تخوفات وتحفظات الطرف الآخر.

حسب بعض المشاركين في المحادثات، قدم ضباط الجيش الاسرائيلي للأمريكيين وثيقة فيها 26 نقطة، تم من خلالها تحديد مصالح اسرائيل الامنية في المناطق. وطلبت اسرائيل من الطاقم الامريكي ايجاد حل ناجع لكل نقطة من النقاط الـ 26. وحسب بعض الضباط رفيعي المستوى، الذين شاركوا في النقاشات، فان جميع النقاط تقريبا كانت الاجابة عليها ايجابية من الطرف الامريكي.

رئيس قسم التخطيط في هيئة الاركان العامة في الجيش الإسرائيلي، في تلك الفترة، الجنرال نمرود شيفر، الذي شارك في المباحثات عن الجانب الاسرائيلي، يرى ان الخطة تسهم في الحفاظ على مستوى أمني معقول بالنسبة لإسرائيل بعد الانسحاب الواسع من الضفة الغربية، الذي سيكون مقرونا باتفاقيات شاملة مع الولايات المتحدة والسلطة الفلسطينية والاردن.

ورئيس الاركان في حينه، بني غانتس، كان يميل الى موقف الجنرال شيفر. وقال مسؤول امريكي سابق للصحيفة إن “ألان” ومساعديه كانوا يقدرون اسهام الجنرال غانتس الذي أيد استمرار الاتصالات وشجعنا على الاستمرار في البحث عن حلول، ايضا عندما كانت هناك عقبات وعدم توافق بين الاطراف.

اذا كان المستوى العسكري قد وافق على الاقتراحات الامريكية، فلماذا كان رد رئيس الحكومة نتنياهو ووزير الجيش يعلون مختلفا؟

خلال المحادثات مع الامريكيين تم طرح امكانية انشاء مطار فلسطيني في الضفة الغربية، يمكن الفلسطينيين من حرية الحركة نحو الخارج بشكل مباشر، وليس عن طريق اسرائيل. وفي اسرائيل عارضوا الفكرة رغم أن ألان وفريقه اقترحوا حلول تكنولوجية واستخبارية. وتحفظت اسرائيل من فكرة امريكية اخرى – تمكين الفلسطينيين من اقامة اسطول مروحيات غير مسلحة من اجل تمكين القوات الامنية التابعة للسطلة من الوصول بشكل سريع الى الاماكن التي قد يكون فيها محاولات لتنفيذ عمليات أو مظاهرات عنيفة.

وقد أشار الامريكيون الى أن إسرائيل تطلب من السلطة التدخل السريع، لكنها تقوم بوضع عقبات امام الاقتراحات التي يفترض أن تجعلهم يحققون هذا الطلب. واقترح طاقم “ألان” تشكيل ما يشبه الممر او “نفق جوي” محدود فيه فقط تتم حركة المروحيات الفلسطينية، تحت الاشراف الاسرائيلي الكامل، وتكون لإسرائيل قدرة على الرد الفوري على أي انحراف فلسطيني خارج نطاق “النفق” المتفق عليه.

الأمريكيون أكدوا على أن الدولة الفلسطينية ستكون منزوعة السلاح في أي اتفاق مستقبلي. لذلك فان المروحيات التي سيحصل عليها الفلسطينيون ستكون من النوع الذي تستخدمه قوات الشرطة في ارجاء العالم، وليست مروحيات ذات قدرة هجومية. “في حالة الطوارئ، السيطرة على المجال الجوي تنتقل بشكل اوتوماتيكي وفوري الى إسرائيل”، قال مسؤول امريكي سابق للصحيفة، “الرسالة الموجهة للفلسطينيين في اطار الخطة كانت بسيطة – من يشذ عن خط الطيران سيتم اسقاط طائرته”. وأضاف المسؤول بأن الامريكيين قد اقترحوا اجراء اختبارات تصنيف أمني مرة كل سنة للطيارين الفلسطينيين بمشاركة اسرائيل.

الأمريكيون الذين شاركوا في المشاورات يتذكرون أحد اللقاءات التي شارك فيها نتنياهو ويعلون ورئيس الاركان غانتس، التي في سياقها فاجأ وزير الجيش الحضور عندما أعلن بأنه لا يتفق مع نتنياهو على أن الجيش الاسرائيلي يجب أن يبقى في غور الاردن مدة اربعين سنة بعد التوقيع على اتفاق السلام. ولكن التفاؤل الامريكي تلاشى في لحظة عندما قال يعلون إن على الجيش الإسرائيلي البقاء في غور الاردن مدة 80 سنة. وقد اقترح “ألان” وطاقمه فترة أقصر، واعتقدوا أن الطرف الفلسطيني قد يوافق على فترة عقد من الزمن.

إن طاقم “ألان”، بشكل عام، خصص جزء كبيرا من عمله لإيجاد حل أمني لمنطقة غور الاردن بعد انسحاب الجيش الاسرائيلي. وقد شملت الخطة غرفة عمليات امريكية ومجسات وطائرات بدون طيار واستخدام صور الاقمار الصناعية اضافة الى تقوية الجدار الحدودي القائم على طول نهر الاردن. واقترح الامريكيون ايضا اقامة جدار آخر مواز في الجانب الاردني من الحدود. واعتقدت اسرائيل أنه لا حاجة الى ذلك: طالما أن الملك عبد الله في الحكم، فان اسرائيل تعتمد عليه. اذا كانت العائلة المالكة لا تسيطر في الاردن فان الجدار الحدودي في الجانب الاردني لن يفيد.

في اطار البحث الذي قام به مساعدو ألان، ذهبوا الى غور الاردن والى ما وراء الحدود القائمة الآن بين اسرائيل والاردن. وحسب اقوال المسؤولين الامريكيين السابقين، فان الطاقم الامريكي قام بهز الجدار مدة ربع ساعة، الى أن جاءت دورية اسرائيلية ولاحظت وجود النشاط الاستثنائي.

المسألة التي بقيت بدون اجابة هي مستوى التعاون الاستخباري بين إسرائيل والامريكيين بعد التوقيع على اتفاق السلام مع الفلسطينيين. ولم يتوصل الطرفين الى اتفاق مفصل في هذه النقطة. مسؤول امريكي رفيع سابق قال للصحيفة إن المشاورات استمرت، لكن الاحداث التي جرت في منتصف 2014 – لا سيما انهيار محادثات وزير الخارجية الامريكي جون كيري حول السلام، واندلاع عملية الجرف الصامد في غزة – أدت الى وقف المحادثات قبل الاتفاق على جميع المواضيع.

يعلون أمر بوقف المحادثات مع الامريكيين، ومنع ضباط الجيش من ارسال اوراق العمل أو اجراء لقاءات اخرى. كان موعد توقف العمل المشترك، حسب بعض المشاركين، هو قبل عدة اسابيع من امكانية التوصل الى مسودة كاملة للوثيقة المشتركة وتسليمها للمستوى السياسي في إسرائيل والولايات المتحدة.

الخطة المعدلة تم تقديمها في اللقاء الذي جرى في بداية 2014 في مكتب رئيس الحكومة. وشارك في هذا اللقاء نتنياهو ويعلون والسكرتير العسكري في مكتب نتنياهو، الجنرال ايال زمير، ووزير الخارجية الامريكي جون كيري والجنرال ألان. وقد طرح نتنياهو ويعلون في اللقاء اسئلة انتقادية كثيرة. قام كيري بتسجيلها ووعد بالرد عليها. ولكن عمليا، لم يحدث لقاء آخر لأن المشاورات توقفت بعد فترة قصيرة. “كان شعورنا طوال الوقت هو أن المستوى الرفيع في الجيش الإسرائيلي يتعامل مع هذه المواضيع كأمور مهنية وينظر اليها فقط من زاوية أمنية”، قال مسؤول امريكي سابق للصحيفة. “في المقابل، المستوى السياسي في إسرائيل، لا سيما نتنياهو ويعلون، قرر افشال المشاورات”.

لقد اعتقد يعلون أن خطة ألان غير كاملة. وحسب رأيه فان الامريكيين عالجوا فقط الانتشار المخطط في غور الاردن والعلاقة الامنية بين اسرائيل والاردن، وليس القضايا المتعلقة بالحفاظ على الامن في الضفة الغربية. أهم ادعاءات يعلون ونتنياهو كانت أن الخطة لا تمنع اطلاق قذائف على مطار بن غوريون، ولا تضمن استمرار حرية العمل التنفيذية للجيش الاسرائيلي بطريقة تمنع استخدام المعلومات التنفيذية في نابلس من اجل انتاج الصواريخ مثل التي يتم صنعها في غزة، ولا يوجد جواب حول ما سيحدث عندما لا تلتزم السلطة الفلسطينية بتعهداتها في الاتفاق، ولا تقوم باعتقال مطلوبين في جنين. وهل يحق لاسرائيل العمل بدلا منها؟.

في اوساط الضباط في الجيش الإسرائيلي ايضا كان هناك من طرح اسئلة حول بعض البنود في الخطة الامريكية. كان انطباع بعض الضباط أن الامريكيين يبالغون في التفاؤل حول قدرة الاجهزة الامنية الفلسطينية، خاصة أن خطط امريكية مشابهة لم تنجح عندما تم اعطاء الصلاحيات للأجهزة الامنية المحلية في العراق وافغانستان.

"لم يفهموا بشكل كاف تأثير صدمتنا مما حدث في اعقاب اوسلو ومرورا بالانفصال عن غزة وعدم وجود استقرار اقليمي في اعقاب الهزة العربية”، كما قال أحد المشاركين في الطرف الإسرائيلي. الرد الامريكي على هذا الادعاء كان أن الادارة اقترحت على إسرائيل حلول ناجعة بكلفة مليارات الدولارات في منطقة جغرافية صغيرة قياسا بالعراق وافغانستان. اضافة الى ذلك، حسب اقوال المسؤول الامريكي السابق للصحيفة، “قدرة إسرائيل على العمل بسرعة وقوة ستبقى طالما فشلت باقي البدائل”.

في جولات كيري في كانون الثاني 2014 حدثت ضجة عندما نشرت صحيفة “يديعوت احرونوت”، بدون موافقة يعلون، نبأ يقول إن يعلون اعتبر كيري “مسيحاني مهووس″ في محاولاته التوصل الى السلام. وكانت في اقوال يعلون ايضا انتقادات شديدة لخطة “ألان” الامنية. وخلافا لما قاله عن كيري الذي لم يسعى أبدا الى الاصلاح، فان يعلون اعتذر بشكل شخصي أمام الجنرال ألان، وقال له إنه رغم الاختلافات في الرأي، إلا أنه يحترمه ويحترم جهوده من اجل ايجاد حلول لمصلحة أمن اسرائيل. ومؤخرا، اثناء وجود يعلون في واشنطن، التقى الاثنان، ويبدو أنه على المستوى الشخصي تم تقريب وجهات النظر.

وردا على سؤال “هآرتس” قال ألان إنه هو وطاقمه “شعروا طوال الوقت أن القيادة العسكرية في الجيش تؤيد الخطة. رغم وجود خلافات حول بعض التفاصيل، واعتقدنا دائما أن هناك حاجة لاستمرار المفاوضات على الامور المختلف عليها. الأمن لم يكن عقبة في التقدم في محادثات السلام”.

لا توجد لدى ادارة ترامب خطة شاملة لاستمرار محادثات السلام، واقوال الرئيس تلخصت في أنه يريد “السلام والحب” في الشرق الاوسط. ومع ذلك فقد التقى مسؤولين في ادارة اوباما مع منظمة “ضباط من أجل أمن إسرائيل” التي بلورت خطة أمنية لليوم الذي يلي التوقيع على الاتفاق الاسرائيلي الفلسطيني والتي تعتمد جزئيا على خطة كيري. وقد طلب موظفو الادارة سماع الخطة، لكنهم لم يقولوا إنه سيتم تبنيها، واشارة اخرى جاءت من مستشار ترامب للامن القومي، ماكماستر، في الشهر الماضي في مناسبة يوم استقلال إسرائيل، التي جرت في واشنطن، حيث قال إن ادارة ترامب ستعمل على تحقيق السلام في الشرق الاوسط مع الحفاظ على أمن اسرائيل. وبقي الآن أن نرى كيفية قيام ادارة ترامب بالربط بين الموضوعين، وهل ستساهم الخطة التي وضعت في زمن اوباما في ذلك.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد