الكشف عن وثيقة المصالحة بين بيرس ورابين
القدس / سوا / كشفت صحيفة "يديعوت احرونوت"، ولأول مرة، "وثيقة المصالحة" التي تم توقيعها بين يتسحاق رابين وشمعون بيرس في 1995، قبل ثلاثة اشهر من قتل رابين.
وقد رتب ذلك الاتفاق علاقات العمل بينهما، في حال انتخاب رابين لدورة اخرى كرئيس للحكومة، في الانتخابات التي كان يفترض ان تجري في منتصف 1996.
وحسب الاتفاق، فان بيرس لن ينافس رابين على رئاسة الحزب ومن ثم كمرشح لرئاسة الحكومة، وفي المقابل يتسلم بيرس منصب وزير الخارجية، وينسق معه رابين كل خطواته امام الفلسطينيين ودول المنطقة، ويطلعه على كل التقارير السرية التي ستصل اليه.
وكان المحامي غيورا عيني، الذي حظي بثقة رابين وبيرس هو الذي شق الطريق امامهما نحو الاتفاق، وتحول الى جسر بينهما خلال فترة رابين الثانية كرئيس للحكومة.
وكتب الصحفي شمعون شيفر في تقريره حول هذه الوثيقة انه تعرف على تأثير عيني على رابين وبيرس، خلال احدى الازمات القبيحة جدا بينهما، التي حدثت في 12 ايلول 1993. ففي واشنطن كانوا يعدون لمراسم توقيع اتفاقيات اوسلو بين اسرائيل والفلسطينيين، برعاية الرئيس بيل كلينتون. وقد خطط رابين للامتناع عن المشاركة في المراسم، وقال للمقربين منه: "فليذكروا بان بيرس هو الذي كان هناك مع عرفات، عندما سينهار كل شيء". كما ان بيرس، الذي ادار في حينه المفاوضات السرية مع قادة منظمة التحرير كان يعتقد بأن رابين يجب ان يبقى في البيت، وانه هو الذي يجب ان يوقع الاتفاق "لأني استحق ذلك" كما قال في حينه.
لكن الامريكيين اقنعوا رابين، بالمشاركة في المراسم. وعندما سمع بيرس، من اذاعة صوت اسرائيل، عن قرار رابين السفر، سارع الى الاتصال بغيورا عيني واتهم رابين بأنه يدمر حياته ولا يتركه منذ 16 سنة.
ويكتب شيفر انه تواجد مع زميله ناحوم برنياع في حينه في مكتب بيرس، لإجراء لقاء معه. وطلب منهما بيرس الخروج وتحدث مع عيني لمدة 20 دقيقة. وحسب شيفر فقد نسي المسجل مفتوحا في مكتب بيرس، وهكذا اكتشف اهمية عيني في جوهر العلاقات بين رابين وبيرس.
ويكتب ان عيني هذا نجح بالتوصل الى وثيقة المصالحة بين بيرس ورابين، والتي تم توقيعها من قبلهما. وقد رفض رابين تسليم نسخة من الرسالة لبيرس لانه تخوف من قيامه بتسريبها و"تشويه معناها". وتمت الاشارة الى هذه الوثيقة في كتاب السيرة الذاتية لرابين "يتسحاق رابين – جندي، سياسي وزعيم" الذي ألفه البروفيسور ايتمار رابينوفيتش، وصدر مؤخرا.
في الرابع من تشرين الثاني، في التاسعة صباحا، وبعد عدة اشهر من توقيع الوثيقة، وصل عيني الى بيت رئيس الحكومة رابين، والذي اشتكى له بأن بيرس ابلغه بان الاتفاق لاغ بسبب رفض رابين تسليمه المسؤولية عن منظمة "ناتيف" التي تركز العمل بين الجاليات اليهودية في دول الاتحاد السوفييتي السابق. واقترح عيني تسوية: المسؤولية الشاملة عن "ناتيف" تبقى خاضعة لصلاحية رئيس الحكومة، لكن المسؤولية المباشرة عنها تخضع لوزير الخارجية بيرس. وقد تحفظ رابين من هذه التسوية في البداية، لكنه وافق عليها.
في الخامسة بعد الظهر، قبل ساعات قليلة من تظاهرة السلام، وصل عيني الى ساحة ملوك اسرائيل، ووجد بيرس يجلس في الصف الخامس من المقاعد التي تم تركيبها على شرفة البلدية. وكان بيرس يجلس هناك فيما حاول رجال رابين تجاهله.
واقترب عيني من بيرس وحاول اقناعه بالتسوية التي توصل اليها مع رابين. ورد بيرس بغضب: "ما الذي فعلته له حتى يكرهني الى هذا الحد؟ لست مستعدا للتلقي اهانات من قبله." لكن عيني نجح باقناع بيرس بالموافقة على الاتفاق.
ووصل رابين الى الساحة وهولا يقل غضبا عن بيرس. وعندما نزل رابين عن المسرح بعد ادائه مع بيرس وقادة حزب العمل لنشيد "السلام"، تقدم منه عيني وقال له بأن بيرس اعرب عن موافقته المبدئية على الاتفاق.
ويكتب شيفر ان رابين سأله لماذا سارع لإنهاء الموضوع؟ وقال له: كان بمكنك الانتظار لمدة اسبوع مع هذا الاتفاق، ثم اتجه نحو سيارته. وعندها اطلق عليه يغئال عمير ثلاثة عيارات وقتله.