مركز حقوقي: المحاكمات السريعة لا تحقق العدل أو القانون

محكمة تعبيرية

غزة / سوا/ أكد  المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان رفضه لسياسة المحاكمات السريعة "مهما كانت الدوافع والمبررات"، مطالبا القضاء العسكري في غزة باحترام القانون الأساسي وإعطاء كافة المتهمين حق الدفاع دون تمييز وبغض النظر عن نوع الجريمة.

جاء ذلك في بيان صحفي أصدره المركز وتلقت (سوا) نسخة عنه، مساء اليوم الأحد، وذلك تعقيبا على إصدار القضاء العسكري بغزة ثلاثة أحكام إعدام بحق مدانين بقتل الشهيد مازن فقها أواخر شهر مارس الماضي.

وحكمت المحكمة العسكرية الدائمة التابعة لهيئة القضاء العسكري بغزة، في جلستها صباح اليوم الأحد، بالإعدام على ثلاثة مُتخابرين مع الاحتلال الإسرائيلي أدينوا بالمشاركة في اغتيال الشهيد القائد مازن فقها في شهر آذار / مارس الماضي.

وأصدرت المحكمة حكماً بالإعدام شنقاً على المدان (أ.ل) القاتل المباشر للشهيد فقها، والإعدام شنقاً للمدان (ه.ع) والإعدام رمياً بالرصاص على المدان (ع.ن).

وأكد رئيس هيئة القضاء العسكري العميد ناصر سليمان خلال مؤتمر صحفي أن أحكام محكمة الميدان العسكرية أحكام نهائية ولا تقبل الطعن والاستئناف، مشيراً إلى أن المحكمة شكلت وفق الأصول وأخذت الوقت الكافي للمحاكمة.

وقال المركز الفلسطيني: " أصدرت "محكمة الميدان العسكرية" في غزة، اليوم الأحد الموافق 21 مايو 2017، أحكاماً بالإعدام على ثلاثة مواطنين بتهمة التخابر مع جهات أجنبية والقتل والتدخل في قتل مازن فقهاء، أحد قادة حركة حماس .، وقد صدر الحكم خلال اسبوع واحد فقط من بدء المحاكمة، عقد خلالها اربع جلسات فقط، في سابقة هي الأولى من نوعها منذ سيطرة حركة حماس على قطاع غزة في العام 2007". 

وأعرب المركز عن قلقه من عدم اعطاء المتهمين حقهم في الدفاع أو المحاكمة العادلة، كما استغرب من "الاستعجال غير المبرر في اصدار الحكم"، مطالباً النائب العام أو اللجنة الادارية في قطاع غزة بعدم إحالة مدنيين للقضاء العسكري، لما يمثله ذلك من مخالفة للقانون، وما يترتب عليه من إنكار للعدالة.

وأضاف البيان أن "محاكم قطاع غزة تستخدم عقوبة الاعدام بإسراف شديد، حيث وصلت أحكام الاعدام الصادرة في قطاع غزة منذ بداية العام (23) حكماً، منها (15) حكماً جديداً، و(8) احكام صدرت تأييداً لأحكام سابقة، وبهذا يرتفع عدد أحكام الإعدام  في مناطق السلطة الفلسطينية منذ العام 1994 إلى (189) حكماً في (189) قضية مختلفة، منها (169) حكماً في قطاع غزة، و(20) حكماً في الضفة الغربية،  ومن بين الأحكام الصادرة في قطاع غزة، صدر (111) حكماً منها منذ العام 2007". 

وأشار المركز إلى أن الاستعانة بـ"محكمة الميدان العسكرية" هي انتهاك للحق في محاكمة عادلة والحق في التقاضي أمام القاضي الطبيعي، مؤكداً أن قانون العقوبات الثوري لسنة 1979 واصول محاكماته هي قوانين غير دستورية وتخالف التزامات السلطة الفلسطينية على المستوي الدولي، وهذا هو موقف المركز منه منذ العام 1995. على حد تعبيره.

وأردف قائلا: " محكمة الميدان هي إحدى الوسائل القضائية التي نص عليها قانون أصول المحاكمات الثوري في المادة (11) منه، وهي محكمة ذات صلاحيات مطلقة تصدر أحكاماً غير قابلة للاستئناف، ويشكل هذا الأمر خرقاً واضحا للقانون الاساسي الفلسطيني، وخاصة المادة (30)، وكذلك انتهاكاً واضحا لالتزامات السلطة الفلسطينية بموجب العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، وخاصة المادة (14)".

وأوضح المركز وفقا لمتابعته  لوقائع الجلسات أن " المتهمين لم يعطوا حق الدفاع بشكل حقيقي، حيث أدعت هيئة القضاء العسكري أن المتهمين رفضوا توكيل محام، ولذا انتدبت المحكمة محام يعمل في النيابة العسكرية، والذي اكتفى بطرح بيناته في جلسة واحدة، دون أن يطلب أي مهلة زمنية لإعداد دفاعاته.  مما يثير شكوك حقيقية حول صورية المحاكمة".

وشدد المركز على "أن المحاكمة العادلة، ولاسيما عند الحكم بالإعدام تعتبر من القواعد الدولية الآمرة الملزمة للجميع، ومخالفتها يمثل انتهاكاً للمعايير الدولية الدنيا لحقوق الإنسان، سيما المادة (6) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الملزم للسلطة الفلسطينية، باعتبار فلسطين دولة منضمة منذ العام 2014". 

وعبر المركز عن رفضه حول  الاصرار على استخدام عقوبة الاعدام، وتصويرها بأنها عقوبة لها ردع خاص يمنع الجريمة، مؤكدا أن إقامة العدل أمر يختلف تماماً عن الانتقام، ويحذر من سيطرة عقلية الانتقام التي تتصدر الرأي العام على الجهاز القضائي.

وتابع البيان: " نُفذ في السلطة الفلسطينية منذ تأسيسها، (38) حكماً بالإعدام، منها (36) حكماً في قطاع غزة، و حكمان اثنان في الضفة الغربية، ومن بين الأحكام المنفذة في قطاع غزة، (25) حكماً نفذت منذ العام 2007 دون مصادقة الرئيس الفلسطيني خلافاً للقانون، منها (6) أحكام نفذت بعد تشكيل حكومة التوافق في يونيو 2014، وقد أدان المركز في حينه تنفيذ أحكام الاعدام دون مصادقة الرئيس، وأكد المركز على أنها مخالفة واضحة للقانون الأساسي الفلسطيني الذي يشترط تصديق الرئيس الفلسطيني للتنفيذ".

وأكد المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان عدم جواز تنفيذ أي حكم بالإعدام دون مصادقة الرئيس الفلسطيني، وفق ما أكدت عليه المادة (109) من القانون الاساسي لسنة 2003، وأي تنفيذ خلاف لذلك يعتبر جريمة قتل خارج إطار القانون.

 

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد