وفاء عطاالله.. قصة فنية وطنية بدأت في غزة وازدهرت بألمانيا

وفاء عطاالله

برلين/محمد أبو دون/ المُدرسةُ تطلب من طلابها في إحدى المدارس الألمانية تحديد دولهم على خارطة العالم المعلقة على السبورة، ومن تم الحديث عنها لتعريف باقي الطلاب بها.

خرج الطلبة واحد تلو الأخر حتى وصل الدور للفلسطينية وفاء، وهنا كانت الصدمة لها، ففلسطين ليست على الخارطة، لا يوجد إلا "إسرائيل" ، كان مشهدًا قاسيًا أثر فيها لحد البكاء، لحظاتٌ قليلة استجمعت وفاء وعيها وقوتها من جديد ورسمت علم بلادها وألصقته مكان "إسرائيل" ، وبدأت بالتعريف عن بلدها بكل ثقة وبينت الحقيقة للجميع في الفصل.

وفاء عطاالله (16عام)  ولدت في مدينة غزة وترعرعت فيها  حتى تاريخ 18/8/2015 الذي انتقلت فيه وعائلتها لألمانيا للعيش والاستقرار هناك، برعت وفاء بفن الغناء الوطني منذ الصغر إلى جانب عدد من المواهب الأخرى التي ميزتها عن غيرها.

 

 

شخصية واعية وشغوفة

برز جمال صوتها وعذوبته في المدرسة حين طلبت منها إحدى المدرسات تلاوة القرآن الكريم أمام الطالبات على منصة المدرسة، فحازت موهبتها على إعجاب الجميع، وبدأ الاهتمام والتشجيع من محيطها.

استمرت وفاء بالخروج عبر الإذاعة المدرسية بالأغاني الوطنية، وكذلك تعلمت في المسجد الذي كان بمثابةِ بيت ثاني لها أحكام تلاوة وتجويد القرآن الكريم، مما ساهم في بناء شخصيتها بصورة سليمة وزيادة وعيها.

تقول وفاء: "كنتُ طفلة شغوفة دائمًا ومشاغبة جدًا وشخصيتي معروفة في المدرسة والمسجد، تضيف سعيت بشكل دائم لتطوير موهبتي من خلال قبولي لكافة دعوات الاحتفالات والمناسبات التي وجهت لي في ذلك الوقت لتقديم وصلات فنية فيها".

تتابع "إلى جانب ذلك كنت شاغلة  لوقتي دائمًا بأشياءٍ تسهم في زيادة معرفتي بالقضايا الوطنية وتنمية قدراتي في مجالات مختلفة، وهذا كله تم تحت إشراف عائلتي التي وفرت لي كافة الأجواء المناسبة".

اصطدام بواقع مختلف

 فكرة السفر شكلت مفاجأة لوفاء وعائلتها، كون كل محاولاتهم السابقة فشلت بسبب الحصار والتضييق على غزة، وأدى سفرها لتحول كبير في طريقة تفكيرها وحياتها، وصلت العائلة إلى ألمانيا، وعاشت عطاالله شهرًا من الوحدة في مجتمعها الجديد، شعرت خلاله أنها تقتل أيامها دون إنجاز، ولاسيما أنها تعودت على الإنتاج والتطور بشكل مستمر، فقررت أن تصنع لنفسها كيان في واقعها الحالي.

تكمل  حديثها "توقفتُ قليلًا عند نظرة المجتمع الغربي للعرب، فما أن يذكر الاسم العربي حتى تستحضر مشاهد القتل والعنف والدماء، وكان هذا شيء مؤلم جدًا بالنسبة لفتاة بعمري ووعي، تستكمل الجمعيات والمؤسسات العربية والفلسطينية في أروبا دورها ضعيف جدًا ولم تسهم في تغيير الصورة النمطية بشكلٍ ملموس".

من هنا استشعرت وفاء بضرورة استغلال وقتها بالشكل الصحيح، فبدأت تنشط  في الحملات والمؤتمرات الناطقة باللغات الأجنبية التي تعقد في أروبا للتعريف بفلسطين والوطن العربي، وترسخت لديها في ذلك الوقت قناعة، تفيد بأن كل شخص يجب عليه تقديم ما يستطيع لخدمة قضيته ووطنه حتى لو بشكل فردي.

 

 

استثمار الموهبة

قررت عطاالله استثمار ما امتلكت من موهبة نوعية في خدمة هدفها وإيصال رسالتها، فانتقلت لوسائل التواصل الاجتماعي وخصوصًا موقع انستغرام الذي يقترب عدد متابعيها عليه من الثمانين ألفًا، وتبث من خلاله مقاطع فيديو مدتها أقل من دقيقة بطريقتها وأسلوبها الخاص، تعبر فيها عما بداخلها من أفكار، وتتفاعل مع قضاياها الوطنية المختلفة، فكان الأمر بدايةً عفوي ثم أصبح بعدها منظم، بعدما ما رأت حجم التفاعل معها والثناء الكبير على ما تقدم.

تواصل "هدفي من استخدام مواقع التواصل الاجتماعي هو إيصال رسالتي للمجتمع إلي أنا بعيش فيه حاليًا، وأيضًا التعبير عن مدى شوقي وحبي لأرضى، وأن أبقى على صلة  دائمة بوطني من خلال صوتي وغنائي".

 تردف "بسعى لتغيير الصورة النمطية عن الفلسطينيين في أوربا بشكل خاص والعرب بشكل عام، وتعريف الغرب بأبجديات قضيتي العادلة، ودحض الرواية الاسرائيلية".

حال وفاء مماثل لحال الكثير من الفلسطينين المغتربين خارج وطنهم، لكن ما يميزها هو إحساسها بمسؤوليتها تجاه ذاتها ووطنها في سنٍ مبكر.

وتختم عطالله حديثها بتوجيه عدد من الرسائل  قائلة "خلينا نكون كلنا سلام وحب وأمل من الداخل، الناس بدأت تستوعب رسالتنا فلازم نستمر، خلينا نحارب خطاب الكراهية والعنصرية ونواجهه بالوعي والثقافة، كل شخص فينا لازم يبدأ بتغيير بنفسه للأفضل".

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد