غزة: موت سريري للمشاريع الصغيرة بعد أزمة الكهرباء
غزة / أحلام الفالح / خاص سوا / بحث الشاب حسين التتري خريج إعلام وعلاقات عامة من جامعة غزة عن وظيفة تناسبه دون كلل أو ملل الا انه اصطدم بشبح الإحباط بعد فشل كل محاولاته وتأكد ان الحصول على وظيفة في ظل هذه الظروف صعب للغاية.
الشاب الغزي نهض من حالة الإحباط التي سيطرت عليه وبدأ التفكير في مشروع صغير يعيله ويعيل اسرته كذلك ، الا ان استقر على افتتاح محل ألعاب كمبيوتر للأطفال ،حيث لجأ الى الاقتراض من مؤسسة شركاء السلام والتنمية من أجل الفلسطينيين لتمويل مشروعه الصغير.
قرر الشاب التتري شراء أجهزة الكمبيوتر، والطاولات، ومكتب وجميعها كانت بحالة جيدة، وأخذ ما يتوفر في المنزل من كراسي، واستدان إيجار المحل إلى أن افتتحه وكان إيراده جيداً يغطي تكاليف الإيجار والقرض.
لم يكن يعلم أنه سيواجه مشكلة الكهرباء التي تقطع لساعات طويلة فينقطع معها الرزق، بعدها بفترة اشترك بمولد كهربائي تجاري، ولكن فاتورته عالية في ظل أزمة شديدة تصل ل 300 شيكل شهرياً، خاصة أن الدخل الشهري لمشروعه بات لا يغطي تكاليف المحل بعد أزمة الرواتب وسوء الأوضاع الاقتصادية بغزة .
يذكر أن أزمة الكهرباء بدأت في قطاع غزة منذ عم 2006 م وتفاقمت الأزمة في مراحل متعددة وتجددت قبل أيام بتقليص ساعات وصل التيار الكهربائي إلى 4 ساعات يومياً، نزولا من 6 و8 ساعات سابقا.
بداية الانهيار
الخريج خليل الحناوي قسم خدمة اجتماعية من الجامعة الإسلامية لم يكن بالحال الأفضل لسابقه خاصة أنه لجأ إلى المشاريع الصغيرة بعد عناء البحث عن الوظيفة، التي بائت محاولته بالفشل، فقرر افتتاح مني ماركت ليعاتش منه.
تحدث الحناوي بنبرة حزن عن الكهرباء وقال: "نحن نحتاجها بشكل دائم لنستطيع تدبير مشاريعنا الصغيرة، حيث أن الكهرباء باتت تزور المواطنين كضيف خفيف أربع ساعات وصل وعشرين ساعة قطع".
وذكر أنه تخلص اليوم من الكثير من المواد الغذائية التي توضع بالثلاجة بعد فسادها بسبب انقطاع الكهرباء التي زادت أزمتها مع مجيء موجة الحر، بالإضافة إلى تلف الكثير من الأسكيمو التي قام بشرائها الفترة السابقة ولم يتوقع أن تسوء حالة الكهرباء.
وضع يده على خده وسرح قليلاً ثم قال: "الخسارة التي خسرتها في هذه الأيام لم يعوضني إياها أحد، وظروف المواطنين باتت أسوأ من قبل لذلك قل الدخل وزادت الخسارة ولا يوجد لي دخل آخر، لا أعلم ماذا أفعل"؟
وأكد الدكتور معين رجب الخبير الاقتصادي أن انقطاع الكهرباء لفترات طويلة يؤثر على جميع مرافق الحياة في قطاع غزة، وضررها على المشاريع الصغيرة صاحبة الإمكانيات المحدودة أكبر، خاصة أنها لا تستطيع توفير مولدات كهربائية لأنها مكلفة من حيث السعر واستهلاك الوقود والصيانة فيكون عبؤها على المشاريع الصغيرة كبيراً .
وقال رجب إن للكهرباء أهمية كبيرة، وتفاقم الأزمة يؤثر على حركة إنتاج المشاريع الصغيرة ويحرم أصحابها من القيام بأنشطتهم المعتادة مما يعيق نشاطهم، ويلحق بهم خسائر لعدم قدرتهم على التكييف مع انقطاع الكهرباء، الأمر الذي قد يؤدي لانتشار حالة الفقر والعوز بينهم وربما تتضاعف عليهم الديون وتزداد مديونيتهم اتجاه الغير فلا يستطيعون الوفاء بها.
وأشار إلى أن كثرة المشاريع الصغيرة تؤثر بشكل سلبي على النشاط الاقتصادي بمجموعه، وبالتالي تؤثر على حجم الإنتاج ومعدل النمو من فترة لأخرى، وهذا الأثر يكون واضح لأن أعدادها كبيرة جداً، يتجاوز 70% من حجم المؤسسات في القطاع.
ونوَّه إلى أنه في ظل استمرار سوء الأوضاع في القطاع من الطبيعي أن تزداد المعاناة وتصبح أشد لا يتحملها أصحاب هذه المشاريع، ويتعرض بعضها للإفلاس، والإغلاق، مما يؤدي لتباطؤ الحركة في الأسواق .
ويوصي بأن تكون هناك جهة حاضنة للمشاريع الصغيرة داخل الإدارة العامة للصناعة في وزارة الاقتصاد الوطني، ولابد أن تكون هناك جهة حكومية وجهة غير حكومية مسؤولة عن رعاية هذه المشاريع والاهتمام بها وتقديم ما يمكن تقديمه من خدمات لهذه المشاريع .