إسرائيل ترفض تسليم أرجنتيني متهم بجرائم ضد الإنسانية
القدس /سوا/ رفضت إسرائيل طلبا لتسليم مواطنا يحمل الجنسية الإسرائيلية ويدعى تاودرا انيبلا جاطو ويسكن في منطقة المركز للسلطات الأرجنتينية، حيث تنسب له شبهات المشاركة في جرائم ضد الإنسانية خلال فترة حكم العسكري الذي شهده الأرجنتين.
وكانت النيابة العامة الإسرائيلية قد ردت على المحكمة العليا التي نظرت بالطلب الذي تقدم به أحد أفراد عائلة شخص الذي اختطفته الدكتاتورية الأرجنتينية وقامت بقتله خلال فترة الحكم العسكري، حيث كشف النقاب عن أن المدعو جاطو يسكن في كريات بيالك وهرب مع زوجته اليهودية من الأرجنتين وانتحل شخصية يوسف كرمل.
يذكر أن السلطات الأرجنتينية رصدت جائزة مالية بقيمة 500 ألف دولار لمن يساعد بتسليم وإلقاء القبض على جاطو.
وبحسب ما نشره موقع 'واللا'، فإن المدعو جاطو يسكن في إسرائيل منذ 14 عاما، وأنه خلال هذه الفترة لم يكن ضالعا بأي مخالفات جنائية، كما أنه تعمد الكذب على الوكالة اليهودية عندما بلغ بأنه ليس مطلوبا للتحقيق في موطنه الأصلي الأرجنتين، وعليه فإن النيابة العامة الإسرائيلية ستقدم مواد سرية للمحكمة قبل البث النهائي في الطلب.
مقدم الطلب للمحكمة العليا الإسرائيلية ويدعى سلوتسكي، حيث حظي طلبه بدعم جمعيات حقوق الإنسان في الأرجنتين، أبدى استغرابه من الموقف الرسمي لإسرائيل والرافض لتسليم جاطو للسلطات الأرجنتينية، قائلا: 'استغرب من موقف إسرائيل هذا، خصوصا حيال قضية في بالغ الأهمية والحساسية بكل ما يتعلق بالعلاقات ما بين إسرائيل والأرجنتين والجالية اليهودية بالأرجنتين، خاصة وأن جاطو حصل على الجنسية الإسرائيلية عبر التحايل والخداع'.
ونقل موقع 'واللا' عن مقدم الطلب قوله: 'رد السلطات الإسرائيلية حيال انعدام خلفية جنائية للمطلوب مثير للسخرية، فإسرائيل تعاملت مع القضية بإهمال وتغاضت لسنوات عن طلبات الشرطة الدولية لتسليم جاطو'.
من جانبها، عقبت النيابة العامة على الطلب والطعون بالقول: 'على الرغم من وجود أدلة إدارية بأن المدعو كرمل لم يدلي بمعلومات صحيحة ولم يكشف عن الحقائق خلال تعبئة نموذج القدوم إلى البلاد، إلا أنه وبعد مرور 14 عاما على ذلك وبسبب عدم وجود أي مخالفات جنائية في سجله، فمثل هذا الطلب لا يستحق أن يتم إسقاط الجنسية الإسرائيلية عنه وتسليمه للسلطات الأرجنتينية، وبحال تكشفت أدلة جديدة سيتم إعادة النظر بالطلب'.
هذا الطلب ينضم لتساؤلات كثيرة ما زالت تطرح حول ماهية العلاقة التي ربطت إسرائيل أمنيا ودبلوماسيا مع حكم الطغيان العسكري الذي شهدته الأرجنتين طيلة عقود، وعلى وجه الخصوص في الفترة ما بين الأعوام 1967 – 1983.
وشهدت السنوات الماضية المزيد من الشهادات التي تشير لوجود علاقة بين السلطات الإسرائيلية وبين حكم الديكتاتور فيديلا. إذ نشرت صحيفة 'كلرين' الأرجنتينية، عام 2012، شهادات لطيارين وضبّاط جيش أرجنتينيين، وصفوا زيارتهم السّريّة لإسرائيل عام 1982، حيث 'سافروا إلى إسرائيل، ووفق شهاداتهم التقوا مع ممثلي الصّناعات الأمنية ومع رجالات الجيش الإسرائيليّ'.
وسبق أن توجه العديد من الإسرائيليين الذين ينحدرون من أصول ارجنتينية باستلام الوثائق المرتبطة بالعلاقات مع 'سنوات حكم الرصاص'، كما أطلق الأرجنتينيّون على سنوات الحكم الذي جاء عقب انقلاب عسكري للقوات المسلحة، منصبا الديكتاتور الأرجنتيني جورجي فيديلا رئيسا للمجلس الأعلى للقوات المسلّحة، والتي ألحقت القمع، الاضطهاد، التّعذيب والقتل والتشريد لشرائح واسعة من المجتمع الأرجنتينيّ.
واشتمل 'حكم الرّصاص' الذي استمر أكثر من 5 أعوام، على خطوات فظيعة من القتل والتشريد والاعتقال لما يقارب 30 ألف شخص وامرأة وطفل، إذ كانت عمليات خطف المعارضين ضمن سياسة الدولة الممنهجة في ظل النظام العسكري القامع.
وتوجه الإسرائيليون للسلطات في سعي منهم لكشف النقاب عن صفقات السلاح، المعدات الأمنية التي أنشئت من قبل إسرائيل أو صناعاتها الأمنية، المكاتبات بين السلطات في إسرائيل وبين المعتقلين، المفقودين والناشطين السياسيين اليهود، الذين كانوا مطلوبين من قبل السلطة الحاكمة.
وبعد 40 عاما من الانقلاب العسكري الدموي الذي قاده فيديلا، وأودى إلى سنوات من حطم الطاغية، استند إلى القمع، الاضطهاد، الخطف، التعذيب والقتل، يطالب يهود كثر معرفة الحقيقة الكامنة وراء العلاقات الإسرائيلية الأرجنتينية في تلك الفترة، وهل عملت إسرائيل لإنقاذ يهود الأرجنتين ممن انتموا لليسار الراديكالي الذي تمت ملاحقته.
ويشار إلى أنه وفق التقديرات، ما يقارب 30 ألف شخص تم اختطافهم وإخفاؤهم خلال أعوام حكم فيديلا، ومن بينهم 2000 يهودي.
ووفق شهادة وزير الخارجية الأميركي خلال اجتماع لجنة الخارجية في الكونغرس عام 1981، فإنه قبل حظر بيع السلاح الأميركي على الأرجنتين بـ 3 أعوام 'اشترت الدولة من إسرائيل ومن دول أوروبية سلاحا بقيمة 2 مليار دولار'.
وتشير التّقديرات إلى أن التصدير العسكري للأرجنتين فترة الدكتاتورية، قارب 700 مليون دولار.