هآرتس: لهذا السبب تتغاضى إسرائيل عن جرائم المستوطنين

مستوطنين

القدس / سوا / نشرت صحيفة "هآرتس" الاسرائيلية مقالا مهما للكاتبة "عميرا هاس" المتخصصة في الشئون الفلسطينية وجرائم المستوطنين.

وكشفت "هاس" في مقالها غض طرف سلطات الاحتلال شرطة وجيش وإدارة مدنية عن انتهاكات المستوطنين في الضفة الغربية بحق السكان الفلسطينيين أصحاب الأرض، معبرة  بذلك عن عنصرية منقطعة النظير من قبل الاحتلال، وسياسة راسخة هدفها تفريغ الأراضي الفلسطينية من سكانها وإحلال المستوطنين محلهم.

إلى نص المقال..

تعالوا نسأل أنفسنا: ليس عجزا، عندما لا تمنع سلطات القانون والنظام هجوما معروفا بشكل مسبق يشنه المستوطنون، وعندما لا تسارع لإلقاء القبض على المشتبه بهم- مثلما حدث نهاية الأسبوع، بعد الهجوم على نشطاء تعايش والهجوم على فلسطينيين في حوارة  وعوريف، تلك القرى التي دفعها حظها العاثر لإقامة مستوطني يتسهار مواقعهم المنتشرة على أراضيها. السؤال ليس أين سلطات تطبيق القانون، بل لماذا لا يشكل هذا صدمة لغالبية الإسرائيليين اليهود.

لدى السلطات الإسرائيلية بالضفة (بما في ذلك بالقدس الشرقية) وللمستوطنين على اختلاف مشاربهم، هدف مشترك: طرد الفلسطينين من أراضيهم. إن لم يكن للأردن فللمنطقة A وB، هذا الهدف غير المكتوب يتجلى في الممارسات اليومية للجيش والشرطة والشاباك وحرس الحدود والإدارة المدنية.

في الحقيقة. تجاوزت عملية انقضاض سرية الهجوم اليهودية العنف الذي اعتاده ناشطو منظمة تعايش حتى الآن. لكنها لم تتجاوز ما عايشه ويعايشه الفلسطينيون. هذا بالضبط هو السبب في أن تعايش، الأبطال المعاصرين، قرروا قبل 17 عاما مرافقة الفلسطينيين في عدد من البؤر التي هي عرضة لهجمات المستوطنين (جنوب جبل الخليل والآن أيضا في غور الأردن). يتطوعون أسبوعيا ليشكلوا "درع بشري"، على افتراض أن وجودهم سيلزم تدخل الشرطة والجيش. ما عادوا يحصون عدد المرات التي تعرضوا فيها للهجوم على يد المستوطنين خلال المرافقة، والمرات التي وقف فيها الجنود موقف المتفرج، أو التي أذعنوا فيها لأوامر المستوطنين بإبعاد الفلسطينيين ومرافقيهم.

أي عنف من قبل المستوطنين يجرى الحديث عنه إعلاميا، خاصة ضد جنود وإسرائيليين آخرين، لكن هناك عشرات الهجمات الجسدية واللفظية لا يتطرق لها الإعلام الإسرائيلي، لأن من يتعرضون للهجوم فلسطينيون. في الكثير من الحالات- وعندما يتجرأ هؤلاء على الدفاع عن أنفسهم في مواجهة مثيري الشغب، يتدخل الجيش ويهاجمهم بقنابل الغاز المسيل للدموع وقنابل الصوت. هكذا لا تجد الشرطة متهمين وتغلق التحقيق. أو تلقي القبض على فلسطينيين.

هذا ما حدث بتعليمات أو بإيحاء من مستوطني المواقع غير الشرعية بالقرب من قاعدة "كفير" العسكرية بالغور، حين أُلقي القبض على رعاة غنم، وتم إبعاد قطعانهم، ومصادرة حميرهم.

هذا الموقع الاستيطاني وغيره موقع آخر إلى الشمال منه- وكلاهما أقيما منذ شهور معدودة فقط- يتوسعان رغم أوامر وقف العمل التي أصدرتها الإدارة المدنية ضدهما. ويواصل مستوطنو هذه المواقع بث الرعب بين الرعاة والمزارعين في الجوار لطردهم من أرضهم.

رقصة التانجو هذه مستمرة منذ عشرات السنين. عمرها من عمر الاحتلال. في عام 81، و82 درس طاقم برئاسة يهوديت كيرب، التي كانت وقتها نائبة المستشار القانوني للحكومة، التعامل مع شكاوى الفلسطينيين من عنف المستوطنين. وقتها وجد الطاقم "عيوبا" في أداء الشرطة. وقتها جاء في تقرير الطاقم، أن المشكلة ليست فنية بل جوهرية- وهي فهم سيادة  سلطة القانون.

اليوم يمكن القول بشكل مباشر: المشكلة في الهدف الأعلى منذ عام 1948: أقل ما يمكن من الفلسطينيين، على أكبر ما يمكن منحه من الأراضي لليهود.

حول لامبالاة الشرطة يمكن التعلم من مقال جي هيرشفيلد، أحد ناشطي تعايش، المنشور على موقع "سيحا مكوميت". يقول إنهم وعندما أخبروا الشرطة يوم الجمعة الماضي باقتراب مهاجمين يهود، قيل لهم في الشرطة أنهم سيحرصون على توثيق الواقعة. المصابون في الواقعة (وليس بإصابات خفيفة كما قيل بإهمال، استنادا على بيان الشرطة)، تأخروا تقريبا ، لأنهم لم يوافقوا على تقديم شكوى في الحال.

لا تعمل سلطات القانون باسم قانون مجرد ونظام عالمي. فهي تمثل الإسرائيلي اليهودي المتوسط، الذي يعرف أن في انتظاره بأراضي الضفة الغربية منزل بحديقة ودعم كبير ومنظر  خلاب. المشكلة المنسية أن أصحاب الأراضي (الخاصة والعامة) هم الفلسطينيون، يحلونها بقوة الذراع. المستوطنون فقط تعزيز لعنف الدولة. والمواطن اليهودي يكسب من ذلك.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد