رواية جديدة لحادث مقتل جنود الكوماندوز الإسرائيلي بلبنان
تل أبيب/سوا/ لا يزال حادث مقتل جنود من وحدة الكوماندوز البحري الإسرائيلي في جنوب لبنان، يقض مضاجع الإسرائيليين، رغم مرور عشرين عاما على هذا الحادث. وانتشرت أكثر من رواية حول أسباب مقتل جنود الكوماندوز هؤلاء، بينها أنهم قُتلوا بكمين نصبه حزب الله، وفقا لتقرير للقناة الثانية للتلفزيون الإسرائيلي، أو بسبب خلل يتمثل بعدم تشفير طائرة إسرائيلية من دون طيار تمكن حزب الله من رصدها.
لكن محلل الشؤون العسكرية والأمنية، ران إدليست، كشف في مقاله الأسبوعي في صحيفة 'معاريف' اليوم، الجمعة، عن رواية جديدة لما حدث، وشدد على أن كلتا الروايتين اللتين نشرتهما القناتان الثانية والعاشرة ليستا صحيحتين، بل أنهما تأتيان في إطار 'غسيل الحقيقة' ومحاولة إخفائها.
وقع هذا الحادث في الخامس من أيلول/سبتمبر العام 1997، عندما كانت قوة من وحدة الكوماندوز البحري الإسرائيلي، مؤلفة من 15 جنديا، متوجهة إلى قرية في جنوب لبنان بهدف اغتيال قيادي في حركة 'أمل' اللبنانية. وخلال سير جنود الوحدة في الأراضي اللبنانية حدث انفجار أسفر عن مقتل 11 من جنودها إضافة إلى طبيب الوحدة.
ويتطرق إدليست إلى الأجواء التي كانت سائدة في إسرائيل حينذاك. بنيامين نتنياهو كان رئيسا للحكومة، وفي بداية ولايته هذه، عام 1996، رفض التوقيع على المرحلة الثانية من اتفاقيات أوسلو، الانسحاب من الخليل، لكنه اضطر إلى التوقيع على 'النبضة الثانية' في بداية 1997. لكن في غضون ذلك قُتل في الأراضي المحتلة قرابة 100 فلسطيني و17 جنديا إسرائيليا. وكانت العمليات ضد أهداف إسرائيلية متواصلة حينها، بينها إطلاق جندي أردني النار وقتل 7 طالبات مدرسة دينية يهودية قرب طبرية، عملية تفجيرية كبيرة في القدس ، ثم مقتل أكثر من 70 جنديا إسرائيليا في تحطم مروحيتين عسكريتين.
ويرى أدليست أن عملية اغتيال القيادي في حركة 'أمل' كانت بمثابة قصة فشل معلن. وأن الحكومة الإسرائيلية وافقت على تنفيذها في محاولة منها لكسب تأييد سياسي في الشارع الإسرائيلي، الذي بدأ يفقد الثقة بنتنياهو وحكومته على ضوء الوضع الأمني المتردي في البلاد.
كذلك الأمر بالنسبة للجيش الإسرائيلي. فقد حاولت قيادة الجبهة الشمالية للجيش وكذلك الكوماندوز البحري تنفيذ عدة عمليات عسكرية، فشلت جميعها بسبب خلل في الألغام التي كانت معدة لاغتيال قياديين في المقاومة اللبنانية.
وسعت وحدة 'ييفتاح' (وحدة تطوير الأسلحة) تطوير اللغم الذي حمله جنود الكوماندوز البحري، من خلال إصلاح الخلل التقني فيه الذي تسبب بفشل عمليات عسكرية. وأشار إدليست إلى أن سلاح الجو الإسرائيلي رفض المشاركة في عملية اغتيال القيادي في 'أمل' ولذلك توجهت قيادة الجبهة الشمالية إلى الكوماندوز البحري، وحصل على موافقة قائد سلاح البحرية حينذاك، أليكس طال.
بعد ذلك صادق على عملية الاغتيال رئيس شعبة العمليات، غابي أشكنازي، ثم رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، أمنون ليبكين – شاحك، ثم وزير الأمن والمجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية ورئيس الحكومة نتنياهو.
وأشار إدليست إلى أن قائد وحدة الاستخبارات في سلاح البحرية، العميد شايكة بروش، كان الوحيد الذي عارض تنفيذ العملية وتوقع فشلها، ودعا إلى تأجيل تنفيذها إلى بداية فصل الشتاء، حيث الليل يكون أطول.
وأضاف إدليست أنه على الرغم من أن الألغام لم تكن صالحة، إلا أن 'أحدا ما قام بتدوير الزوايا'، وأن رئيس دائرة أمان الألغام في وحدة 'ييفتاح' رفض التوقيع على صلاحية الألغام، وبقي رافضا حتى عشية يوم تنفيذ العملية، 'ليس بسبب إشكالية في الأمان وإنما بسبب التخوف من أن اللغم لن يعمل'. لكن هذا الضابط غير رأيه ووقع على صلاحية الألغام في الدقيقة الأخيرة قبل انطلاق العملية.
وبحسب إدليست، فإن الألغام التي حملها جنود الكوماندوز البحري الإسرائيلي، ثلاثة جنود حملوا ثلاثة ألغام، هي التي انفجرت وأدت إلى مقتل 11 جنديا وطبيب الوحدة. وكتب الضابط إيتاي بركاي، من وحدة إزالة الألغام، الذي وصل ضمن فرقة إنقاذ إلى موقع الحادث في جنوب لبنان' أنه 'كخبير متفجرات عسكري، بإمكاني القول إن اللغم الذي تم إعداده من أجل تنفيذ هذه العملية العسكرية لا يتلاءم مع حمله على ظهر الجنود، وهو مبني بصورة غير مهنية وتشكل خطرا على حامليه'.
وكتب إدليست أن عدة لجان تحقيق أقيمت في أعقاب هذا الحادث، وجميعها لم تستدعي بركاي للإدلاء بإفادته. وأضاف أن 'الجيش الإسرائيلي وصناع القرار السياسيين قضوا على إمكانية إجراء تحقيق عميق في أسباب الانفجار بواسطة الرقابة العسكرية إثر ’التبعات الدولية’. وبعد ذلك بدأت تعمل ماكينة الغسيل العسكرية من أجل أن تثبت أن هذه ليست ألغامنا'.
وتابع إدليست أن حزب الله لم يكن يعلم بوجود قوة الكوماندوز الإسرائيلية في الأراضي اللبنانية، وأن 'الوحدة 8200'، وهي وحدة التصنت التابعة لشعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، اعترضت محادثات بين مقاتلين ونشطاء في حزب الله، بعد الانفجار، ويتساءلون عمَ يحدث. وأضاف المحلل أنه لو كان حزب الله يعلم بوجود هذه القوة في الأراضي اللبنانية لحولها إلى هدف لنيرانه.