من "كرامة" ب2015، عام بعد الحربِ حي الشجاعية يتزينُ بالسجادةِ الحمراءِ التي اخترقت الأحياءَ المدمرة، إلى " بدنا نتنفس" في 2016 عام آخر استمرت فيه موجةُ الحصارِ الإسرائيلي للقطاعِ وارتفعَ فيه سقفُ البحثِ عن بابِ الحرية، وصولاً إلى 2017م عام جديد في انتظارِ الحرب.

ينتظرُ عشاقُ أفلامِ حقوقِ الإنسانِ مهرجانَ "السجادةِ الحمراء" في قطاعِ غزة على أحرَّ من الجمرِ، القائمون على المهرجان يختارون في كلِّ عامٍ اسماً يليقُ بالأفلامِ التي تعرضُ في دورِ عرضٍ ليست مخصصةً لذلك، فقطاعُ غزة لا يوجدُ به دورٌ للسينما، إلا اثنتين فقط توقفتا عن العملِ مع بدايةِ انتفاضةِ الحجارةِ في العامِ 1987م، ولا زالت المباني قائمةً لحتى اليوم، ويتمُّ عرضُ سلسلةِ أفلامِ مهرجان "السجادةِ الحمراء" في كلِّ عام في قاعاتٍ صغيرةِ الحجم، لا تتناسبُ مع ذوقِ عشاقِ الأفلام، ولكن ما يميزُ المهرجان أن فقراءَ المدينةِ وأغنياءَها يسيرون جنباً إلى جنبٍ على "السجادةِ الحمراء"، في مشهدٍ لا يتكررُ إلا في غزة.

ما يحملُه مهرجانُ "السجادةِ الحمراء" هو الرسالةُ الإنسانيةُ لمجموعِ الفقراءِ والمهمشين في "مدينةِ الظلام"، فقد تمَّ فرشُ السجادةِ في العامِ 2015م ، على أنقاضِ بيوتِ سكانِ "حي الشجاعية"، في رسالةٍ إلى العالمِ أجمع أن إعادةَ إعمارِ قطاعِ غزةَ تسيرُ كالسلحفاة، أما ما سعى إليه القائمون على المهرجان بأن يكونَ تنظيمُ اللقاءِ في عام 2016 في ميناءِ غزةَ لإرسالِ رسالةٍ واضحةٍ للعالمِ أجمع أن الحصارَ الإسرائيلي لازال جاثماً على أنفاسِ مليوني إنسانِ وأن البحرَ هو أحدُ الحلولِ المنتظرةِ لتخفيفِ الحصارِ عن القطاعِ من خلال وجودِ ميناءٍ بحري يخدمُ المواطنين.

المهرجان وضعَ له موضعَ قدمٍ في سماءِ المهرجانات العربية من خلال الحفاظِ على دوريةِ الانعقادِ ورمزيةِ المكانِ ومضمونِ الأفلامِ التي تُعرضُ في كلِّ عام، إلا أن هذا العامَ يبدو مختلفاً للقائمين على المهرجان، بعد حصولِهم على العضويةِ الكاملة في الشبكةِ العالميةِ لمهرجانات حقوقِ الإنسان الإنسان (H.R.F.N) التي تتخذُ من مدينةِ أمستردام في هولندا مقراً لها.

في هذا العامِ تتعددُ الخياراتِ الموضوعية أمام منظمي المهرجان فهناك متطلباتٌ عديدةٌ لسكانِ القطاعِ بدءاً من " الميناء والمطار والمعابر والكهرباء والماء " كل ذلك يمثلُ أولوياتٍ للمواطنِ في حين أن هذا العامَ له دلالاتٌ مختلفةٌ على صعيدِ التطورات السياسية والجغرافية، فنحن على أعتابِ مئويةِ الوعدِ المشئوم "وعد بلفور"، وربما يتوجه القائمون على المهرجانِ لإيصالِ رسالةٍ إلى المملكةِ العظمى بأنه بعد مائةِ عامٍ لازال هناك شعبٌ معذبٌ في الأرضِ نتيجةَ هذا الوعدِ الذي أعطى مالا يملكُ لمن لا يستحق.

في الثاني عشر من مايو / أيار ننتظرُ أن تفرش الأرضُ بالسجادةِ الحمراءِ وننتظرُ أيضا مجموعةً مميزةً من الأفلامِ الحقوقية والإنسانية التي تُذهبُ عنا مظاهرَ الحصار ِوتخففُ من وطأتِه على نفوسِنا. 

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد