هل تعود السلطة للمفاوضات المباشرة مع اسرائيل في عهد ترامب؟
غزة /خاص سوا/إيهاب أبو دياب/ تسعى الادارة الامريكية الجديدة برئاسة دونالد ترامب الى إعادة إحياء عملية السلام المتوقفة بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي.
ووجه ترامب الجُمعة، دعوةً رسمية للرئيس عباس لزيارة البيت الأبيض قريباً؛ لبحث سُبل استئناف العملية السياسية مع إسرائيل، وذلك خلال أول اتصال هاتفي يجري بينهما منذ تنصيب الأول رئيساً للولايات المتحدة.
وأكد ترامب خلال اتصاله اعتقاده الشخصي بأن السلام مُمكن وأن الوقت قد حان لإبرام اتفاق تاريخي، معتبراً أن اتفاق سلام كهذا يجب أن يتم التفاوض عليه مباشرة بين الطرفين، وأن الولايات المتحدة ستعمل بشكل وثيق مع القيادة الفلسطينية والإسرائيلية لتحقيق تقدم نحو هذا الهدف.
وأكد الرئيس عباس لترامب تمسكه بالسلام كخيار استراتيجي لإقامة دولة فلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل.
وكشف أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير د. صائب عريقات ان مبعوثا خاص للرئيس ترامب سيصل الى الاراضي الفلسطينية الثلاثاء المقبل للتحدث مع القيادة الفلسطينية حول ترتيبات اللقاء وموعده .
واستقبل الرئيس عباس، مساء امس السبت، بمقر الرئاسة في مدينة رام الله ، القنصل الأميركي العام دونالد بلوم. وجرى خلال اللقاء، متابعة ما جرى من حديث خلال المكالمة الهاتفية بين الرئيس عباس، والرئيس الأميركي دونالد ترامب، بالإضافة إلى الإعداد للاتصالات القادمة بين الإدارة الأميركية والقيادة الفلسطينية.
الرئيس عباس قال مؤخراً أن الاستيطان يُشكل العقبة الكبرى أمام تحقيق السلام، مؤكداً تمسكه بحل الدولتين للتوصل إلى السلام، فيما تُشدد الإدارة الأمريكية على موقف الحكومة الإسرائيلية بأن الاستيطان لا يُشكل لب النزاع مع الفلسطينيين، كما أنها أكدت دعمها لأي حل يتفقان عليه، سواء كان حل الدولتين أو حل الدولة الواحدة.
محللان سياسيان فلسطينيان أعرباً خلال حديثهما مع وكالة "سوا" الإخبارية عن قلقهما من إمكانية عودة المفاوضات المُباشرة برعاية أمريكية أو غير المباشرة مع الجانب الإسرائيلي، في ظل مواقف الإدارة الأمريكية "المُنحازة" للسياسة الإسرائيلية.
المُحلل طلال عوكل، رجح عدم عودة المفاوضات المُباشرة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي خلال الفترة المقبلة، معتبراً أنه "في حال عودتها ستكون مُصيبة ومُجرد مضيعة للوقت".
وأشار عوكل خلال حديثه لـ"سوا" إلى أنه "رُبما يُشكل الاتصال الذي جرى بين الرئيسين عباس وترامب، بادرة إلى أن الأخير بات لديه تقديراً آخراً غير الذي كان لديه أثناء حملته الانتخابية وبداية حُكمه".
ويرى أن الرئيس الأمريكي يُريد أن يكون لإدارته دوراً احتكارياً في العملية السلمية بين الطرفين "لذلك لا يستطيع أن يتجاهل الطرف الفلسطيني"، مستدركاً بقوله : "لكن المواقف المُعلنة من قبله وإدارته لم تُقدم حتى الآن شيئاً مُبشراً؛ وتتبنى كل السياسة الإسرائيلية".
وأوضح عوكل أن المواقف المُعلنة لا تشير إلى أن الاتصال الذي جرى يعني أن هناك عودة على الأقل بالسياسة الأمريكية إلى الحد الأدنى الذي كان خلال مرحلة ما قبل ترامب.
واعتبر أن الاتصال واللقاء الذي سيجمع الرئيسين في البيت الأبيض، هما محاولة لمواصلة الولايات المتحدة لاحتكار الدور أولاً ثم تشكيل غطاء وتمرير الكثير من الوقت في خدمة المشروع الإسرائيلي الذي ينفذ على أرض الواقع ولا يصل لحل الدولتين أو يقترب منه.
وعبّر عوكل عن خشيته أن يكون الطرف الفلسطيني أمام مرحلة أخرى من الوعود الكاذبة واستنزاف المزيد من الوقت الذي تستفيد منه إسرائيل.
ويعتقد عوكل أنه "لا يوجد مجال للمفاوضات بالشرط الفلسطيني".
أما المُحلل السياسي خليل شاهين، فيرى أنه "من المبكر الحكم على اطلاق مفاوضات مباشرة قبل اتضاح طبيعة المقاربة التي سوف تعتمدها إدارة ترامب"، لافتاً إلى أن "هناك مبعوثاً سيأتي للمنطقة وهو منحاز لصالح اسرائيل بل يعتبر من تيار الاستيطان".
ويعتقد شاهين أن "سياسة الانتظار تتطلب ابقاء الوضع القائم على حاله، ولكي يبقى يُفترض أن تكون هناك عملية سياسية حتى ولو كانت فارغة المضمون؛ من أجل عدم تدهور الوضع أو الذهاب لمواجهة ميدانية".
وأشار شاهين إلى أنه "بات واضحاً أن إدارة ترامب لا تزال تحاول بلورة سياساتها في الشرق الأوسط ومن ضمنها الصراع الفلسطيني الاسرائيلي"، منوها إلى وجود مواقف ومؤشرات لدى إدارة ترامب لا يُمكن تجاهلها.
وأشار إلى أنه رُبما "تشهد الفترة المقبلة جولات مكوكية من قبل إدارة ترامب عبر مبعوثيها ما بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، ومُمارسة ضغوطات عربية ودولية على السلطة الفلسطينية من أجل العودة إلى طاولة المفاوضات سواءً كانت مباشرة أم غير مباشرة"، مُستدركاً : "لكنه ليس واضحاً إذا ما كانت الضغوطات سوف تسفر عن استئناف المفاوضات بشكل مباشر وسريع".
ولفت شاهين إلى وجود مؤشرٍ لا يمكن تجاهله ويتمثل في أن الطاقم الأساسي المُعين للتعامل مع منطقة الشرق الأوسط وبشكل خاص الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، يتبنى الرؤية الإسرائيلية.
ويرى أنه إذا تولى ذاك الطاقم مهمة الإشراف على العملية التفاوضية، فإن النتائج ستكون عبارة عن ضغط أمريكي للقبول عملياً بالمقاربة التي يطرحها نتنياهو والتي تتمثل في العمل على اتخاذ خطوات لبناء الثقة "حتى وإن تم ذلك تحت شعار زائف وهو حل الدولتين، دون اتخاذ أي خطوات عملية لتطبيقه وكذلك دون أن تمارس الإدارة الأمريكية ضغوطات على إسرائيل.
ويعتقد شاهين أن الضغوط على السلطة ستتركز لأجل التوصل الى تسوية قائمة على تحقيق كل شيء أو لا شيء، ما يدفع بعض مستشاري ترامب لتبني مقاربات تقوم على تحقيق المُتاح وهو ليس حل الدولتين إنما حكماً ذاتيا تُديره السلطة وسيطرة أمنية إسرائيلية على المنطقة.
وأوضح أن "الجوهري في الأمر ان القيادة الفلسطينية لا تزال تراهن على المفاوضات، لتتفادى أي مواجهة رغم أن المواجهة قد تُفرض على الجانب الفلسطيني وخصوصا إن تم اتخاذ خطوات من قبل إدارة ترامب تمس بمكانة القدس ".
ولا يرى شاهين أن هنالك إمكانية للتوصل إلى أي حلول، معبراً عن خشيته من أن ينجر الفلسطينيون إلى شكلٍ ما من المفاوضات المُباشرة أو عبر وسيط أمريكي، بما يؤدي في نهاية المطاف إلى دخول إسرائيل من بوابات التطبيع للمنطقة العربية ونقل علاقاتها السرية مع بعض الدول العربية إلى العلن، وفي المقابل فإن مصير القضية الفلسطينية سيكون الحلول الجزئية أو اعادة انتاج "أوسلو" بشكل جديد.
وتوقفت المفاوضات الفلسطينية -الإسرائيلية، التي كانت ترعاها الإدارة الأمريكية في إبريل/نيسان 2014، بعد رفض "إسرائيل" وقف الاستيطان، وقبول حدود 1967 كأساس للمفاوضات، والإفراج عن معتقلين قدماء في سجونها، وما زالت اللقاءات الرسمية لبحث استئناف المفاوضات متوقفة.