هل سمعت بمبدأ باريتو أو مبدأ 20/80؟ هل تعرف ما هي مميزات مبدأ 20/80؟ هل تحاول إنجاز القليل من العمل ببذل القليل من الجهد؟ كيف يستطيع القائد بناء فريق يعمل بمبدأ 20/80؟

ينسب مبدأ باريتو إلى الاقتصادي وعالم الإحصاء الإيطالي فلفريدو باريتو، حيث لاحظ باريتو أن 20% من المصانع تنتج 80% من الإنتاج ، وعليه يعتقد باريتو أن 20% من الجهد يحقق 80% من الأهداف. قام باريتو بتطبيق النظرية على عينات ومجتمعات أخرى ولاحظ تشابهاً كبيراً في النتائج. لم يستطع العلماء تفسير هذه النظرية أو تفنيدها، وربما هذا هو السبب وراء عدم وجود شعبية كبيرة لهذه النظرية وعدم توظيفها في حياتنا اليومية.

يقوم مبدأ باريتو على فكرة استثمار أقل المعطيات لتحقيق أكبر المخرجات أو اعتماد كثير من النتائج على القليل من المسببات. وعليه فإن 20% من وقتنا يساهم في 80% من أسباب نجاحنا أو فشلنا أو بكلمة أخرى 20% من قراراتنا هي السبب في سعادتنا أو تعاستنا. إن توظيف مبدأ باريتو في حياتنا لا يسهم في تغيير شخصياتنا بالضرورة ولكنه يساعد في تحليل الوقائع في بيئة العمل مما يساعد في تحليل نتائج أدائنا ومقارنتها مع نتائج أداء الآخرين.

هناك العديد من الأساليب المستخدمة في توظيف مبدأ 20/80 في بيئة العمل، هذه الأساليب لها أثر كبير على سلوك القائد داخل الفريق، ومن هذه الأساليب:

التدقيق

ويعني اهتمام القائد بكل صغيرة وكبيرة، والحرص على معرفة مصدر كل معلومة، فالقائد المدقق لا يصدق كل ما يسمع بل لديه رغبة ملحة لاستكشاف وتحري الحقائق.  فالحرص على تحري مصداقية المعلومات قبل اعتمادها يقلل من نسبة الخطأ عند التنفيذ. فعلى سبيل المثال يعرف عن اليابانيين استغراقهم وقت كافٍ في التخطيط لأعمالهم قبل البدء بتنفيذها، وعندما يبدأ التنفيذ يصبون كل جهودهم على التنفيذ بأقل نسبة من الأخطاء. فإعطاء وقت جيد للتخطيط وتحري مصداقية المعلومات يسهل مراحل العمل القادمة.

 

 

تشبيك العلاقات

قد تأتي أفضل النجاحات بمحض الصدفة كالحصول على وظيفة أو ابتكار فكرة جديدة تقدم خدمة نوعية لمجتمعك.  فالقائد الشبكي يمتلك شبكة كبيرة من المعارف على اختلاف ألوانهم وأعمارهم ومستوياتهم وخلفياتهم العلمية ومجال عملهم، مما يحقق له استفادة كبيرة وتمكنه من الحصول على قدر كبير من المعلومات القيمة التي لا تتوفر له في أي مكان آخر. ولتصبح قائداً شبكياً عليك توطيد علاقتك مع الأشخاص الناجحين لاسيما الأشخاص الذين يطبقون مبدأ 20/80 والأشخاص الذين يمتلكون وجهات نظر مختلفة عن نظرتك، فالفرد يتعلم ممن يختلف عنه. ويجب على الفرد أن ينضم إلى فرق العمل التي تضم أفراداً من تخصصات مختلفة لأن هذا يساعد في توسيع دائرة علاقاتك. ومن أهم الطرق التي تزيد من دائرة علاقاتك هو عدم الثبات في مكان عمل واحد لفترة طويلة من الزمن، فالتنقل بين الوظائف يساعدك في التعرف على المزيد من الأشخاص والتخصصات الجديدة. احرص على التفاعل مع القطاعات التي تتطلب تفاعلاً مع الجمهور كخدمة العملاء أو العلاقات العامة وغيرها.

القائد المعلم

يذكر ريتشارد كوخ في كتابه قاعدة 20/80 أن أقل من 20% من مدراء المؤسسات هم معلمون مؤثرون، وأن هذه الفئة هي المسئولة عن نجاح 80% من الناس والمنظمات. ويرى كوخ أن ترسيخ مبدأ القائد المعلم في أي مؤسسة يمكن تحقيقه بجعل النجاح في مستوى أداء أعضاء الفريق جزءاً من تقييم أداء القائد المسئول عنهم.

التأثير في الآخرين

يقصد بالتأثير هو دفع أعضاء الفريق لرفع مستوى أدائهم مما يساعدهم في تحقيق نتائج كبيرة في عملهم ببذل أقل جهد ممكن. والقائد المؤثر هو الذي يلهم أعضاء فريقه لاستنباط أفكار غير تقليدية ومؤثرة ليرفع بذلك مستوى أدائهم وكفاءتهم، والقائد المؤثر هو الذي يشيع روح الثقة بالنفس في كل عضو من أعضاء الفريق ويمتن علاقة قائمة على الثقة بينه وبين أعضاء الفريق فيصبح قائداً ومعلماً وملهماً ومؤثراً في نظرهم. فيميلون لتقليده واتخاذه قدوة لهم.

تمكين أعضاء الفريق

للقادة طريقتين مختلفتين في إدارة أعضاء الفريق: النظرية س، والنظرية ص. أما النظرية س تنطلق من حقيقة أن أعضاء الفريق لا يعملون  إلا إذا شعروا بالرقابة والسيطرة أو إذا تم تحفيزهم بمكافآت مالية بينما النظرية ص تنص على أن العامل المحفز لأعضاء الفريق هو الفضول والرغبة في العمل والإنتاج والتعرف على عوالم جديدة وتوسيع دائرة علاقاتهم. فيكون الابتكار هو الحافز لديهم. وإذا أمعنّا النظر نرى أن النظرية ص تعتمد على مبدأ 20/80 أي أن 20% من المجهود يحقق 80 % من النتائج.  ومما تجدر الإشارة إليه أن تطبيق النظرية ص ليست بالأمر الهين لأن تخفيف الرقابة عن أعضاء الفريق  وإطلاق العنان لهم للابتكار والاختيار ليس بالأمر السهل على قائد الفريق. لذلك فإن تطبيق النظرية ص يحتاج لقائد متفتح، ولديه القدرة والمهارة ليخرج أفضل ما في الفريق من طاقات ومهارات، والرغبة في تطبيق أفضل المقاييس. ومع أن تطبيق هذه النظرية أمر صعب نسبياً إلا أن الأمر يستحق العناء.

البحث عن معنى

يخضع هذا الأسلوب لمبدأ 20/80 حيث إن قليل من الأشخاص يدركون المعنى الحقيقي لحياتهم وعملهم وهؤلاء الأشخاص هم المسئولون عن دفع عجلة التطور والتقدم في العالم. وتشمل هذه الفئة الأشخاص الذين يحققون من يضعونه من أهداف، فهذه الفئة هي التي تصنع الفرق في العالم ومن دونهم لا يعني العالم شيئاً. فعلي سبيل المثال، كان ستيف جوبز المدير التنفيذي لشركة آبل يطمح لأن تكون منتجات الشركة مميزة لأبعد الحدود وغير قابلة للتقليد. وبرؤية ثاقبة وعقل مبتكر، تمكنت شركة آبل بفريقه الاستثنائي بإطلاق أجهزة تفوقت على منافسيها لتكون الأولى في عالم الهواتف الذكية وغيرها. فمتى ما ذكرت الهواتف الذكية ذكرت آبل والعكس صحيح. وينطبق الأمر تماماً على شركة فيسبوك وكل الشركات التي لها بصمة خالدة في عالمنا. وعلى الرغم من كونهم هم قلة إلا أنهم هم المؤثرون الحقيقيون في العالم.

 

القائد تعنيه القيمة لا الوقت

يثبت الواقع العملي للمؤسسات الناجحة أن القادة الذين لا يهابون ضياع الوقت هم الذين يمتلكون عصا سحرية للتعامل مع الضغوط، فالضغوط تنتج عن إعطاء أهمية كبيرة للوقت لا للنتائج والإحساس بالذات والآخرين. فقيمة الوقت تكمن بما نملأه بالعمل ذا معنى وقيمة. والقائد الناجح يحرص على تحديد أولوياته والبدء بإنجاز الأهم ثم المهم والابتعاد عن مضيعات الوقت والمشتتات.

تبسيط الأعمال

القائد الناجح يحرص على تبسيط الأعمال من خلال تحديد أولوياته والبدء بالعمل المهم وتقسيمه هذا العمل إلى مهمات صغيرة يتم تنفيذها في إطار زماني محدد لكي يسهل التعامل معها. ويكون تبسيط العمل من خلال التفاعل الجيد مع أعضاء الفريق وتفويض المهام التي يمكن تفويضها ليتمكن من الاضطلاع بالمهام المطلوبة منه.

الهدوء والاسترخاء

يذكر ريتشارد كوخ في كتابه قاعدة 20/80 أن الأشخاص الأذكياء والطموحين يغلب عليهم الهدوء والاسترخاء، فنشاطهم يشتعل من الداخل أما مظهرهم الخارجي فيغلب عليه الهدوء والرزانة. فالقائد المميز يعمل بأريحية وذكاء من خلال الاهتمام بالأمور ذات الأولوية. ويستغني عن الأمور التي تشتت العقل وتجعله في حالة من الفوضى . فالقائد الناجح يستغل جزء يسير من طاقته لإنجاز الكثير.

كما تلاحظ عزيزي القارئ، إن تطبيق مبدأ 20/80 باستخدام الأساليب السابقة يساعد القائد على تحقيق الاستغلال الأمثل من جهود الفريق لتحقيق أكبر قدر من النتائج. فيكمن ثقل مبدأ باريتو في كيفية تقليل الجهد للحصول على النتائج المثالية فالعبرة ليس بعدد الساعات التي نقضيها وراء مكاتب العمل بل بكم الإنتاج والتقدم الذي يعود علينا أفراداً ومؤسسات.

إيميل الكاتب: emad@apextac.net

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد