"ماس" يطلق مراجعة لإستراتيجية الأمن الغذائي بالتعاون مع برنامج الغذاء العالمي
رام الله /سوا/ أطلق معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطينية "ماس"، اليوم الاثنين، مشروعا لمراجعة إستراتيجية الأمن الغذائي، الذي ينفذه لصالح برنامج الغذاء العالمي، وذلك في ورشة شارك فيها وكيلا وزارتي: التنمية الاجتماعية محمد أبو حميدة، والزراعة عبد الله لحلوح، والمديرة القطرية لبرنامج الغذاء العالمي دانييلا أوين، إضافة إلى نخبة من المختصين والمهتمين، وفريق البحث المكلف بتنفيذ المشروع.
ويهدف المشروع إلى إعادة صياغة مفهوم الأمن الغذائي، ومراجعة وتقييم الاستراتيجيات والدراسات والأفكار التي صيغت بهذا الشأن منذ إطلاق أول إستراتيجية للأمن الغذائي في فلسطين في العام 2005، بما يتوافق مع أهداف خطة الألفية للتنمية للأمم المتحدة، والتي بدورها تستهدف القضاء على الفقر في العالم بحلول عام 2030.
وبحسب بيانات الجهاز المركزي للإحصاء، فان 27% من الأسر الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة (حوالي 1.7 مليون مواطن) تفتقر للأمن الغذائي، فيما يعيش نحو 26% من الأسر تحت بين فقر وفقر شديد.
وأوضح أن الوزارة تقدم مساعدات نقدية لحوالي 115 ألف أسرة فقيرة، بقيمة تصل إلى 525 مليون شيقل سنويا، بمعدل يتراوح بين 700 شيقل و1800 شيقل للأسرة الواحدة كل ثلاثة أشهر، إضافة إلى 30 ألف أسرة تتلقى مساعدات غذائية من برنامج الغذاء العالمي.
وأضاف: البيانات التي بين أيدينا تقول إن الوضع بات خطيرا للغاية. المساعدات التي تقدمها الوزارة، على أهميتها، لا تحدث الأثر المطلوب، لهذا ارتأت التحول نحو التنمية بتوظيف هذه الأموال في برامج تمكن الأسر من توليد الدخل، وتترك أثرا واضحا على المجتمع، وهي الآن تسير بخطين متوازيين، الأول إغاثي عبر استمرار المساعدات النقدية، والثاني مساعدة الأسر على تعزيز دخلها عبر "برنامج تمكين الأسر" عبر ذراعين الأول ممول من البنك الإسلامي للتنمية، والآخر "صندوق التمكين" التابع للوزارة، واستفاد من هذا البرنامج حوالي 17 ألف أسرة.
وقال "صحيح أن الوزارة تقود عملية التنمية الاجتماعية، لكن النجاح لن يتأتى إلا بشراكة حقيقة مع كافة الأطراف: المؤسسات الحكومة الأخرى، والقطاع الخاص، ومنظمات المجتمع المدني، والمنظمات الدولية، وأنه من الضروري جدا أن نقوم بمراجعة ما نقوم به، سواء على صعيد توفير الغذاء، والوصول إليه، بما في ذلك العمل على استعادة السيطرة على مواردنا.
بدوره، قال لحلوح إن الاحتلال وممارساته، يشكل السبب الرئيسي في انتشار الفقر وانعدام الأمن الغذائي في فلسطين، لافتا إلى تقارير دولية قدرت الوفر الذي قد ينتج عن تمكين الفلسطينيين من الوصول إلى الأراضي المسماة "ج"، واستغلال مواردها، بنحو 3.3 مليار دولار سنويا، كما أن حصول الفلسطينيين على حقوقهم المائية من شأنه مضاعفة المساحة المروية ست مرات، ما يوفر حوالي 200 ألف فرصة عمل، تغني الشعب الفلسطيني عن العمل في إسرائيل.
وقال إن تحدي الفقر وانعدام الأمن الغذائي له خصوصية في الحالة الفلسطينية، فإضافة إلى مشاركة فلسطين دول جنوب المتوسط وغرب آسيا في التحديات الكبيرة التي تواجهها في مجال الزراعة، فان فلسطين تواجه أيضا الاحتلال وممارساته المدمرة.
وأضاف "في المحصلة، فإن عدد المواطنين الذي يفتقدون الأمن الغذائي في الأراضي الفلسطينية يفوق ضعفي السكان الذين يفتقدون الأمن الغذائي في دول منطقة الشرق الأدنى وشمال إفريقيا مجتمعة".
وشدد على أهمية قطاع الزراعة في الحد من الفقر وتعزيز الأمن الغذائي، لافتا الى عدة خطوات اتخذتها الحكومة لتنمية هذا القطاع، أبرزها: صندوق التعويض ودرء المخاطر الزراعية، وصندوق الإقراض، وإعفاء المزارعين من ضريبة الدخل، وإجراءات لحماية المنتج الوطني.
وأضاف: مشكلتنا ليست في عدم توفر الغذاء، وإنما في عدم القدرة على الوصول إليه . الجهود يجب أن تتركز على رفع قدرة الفئات الضعيفة في المجتمع لتمكينهم من الوصول إلى الغذاء.
وقال "المساعدات الغذائية ليست هي الحل. هذه المساعدات يجب أن لا تقدم إلا في الصدمات والكوارث، وبدلا منذ ذلك، يجب التركيز على تعزيز الدخل لدى الأسر الفقيرة".
واتفق كل من أبو حميد ولحلوح، على ان مخرجات مشروع مراجعة إستراتيجية الأمن الغذائي، المزمع تنفيذه، ستعود بفائدة كبيرة على المجتمع، سواء على مستوى المؤسسات، أو على مستوى التدخلات، أو على المستوى القانوني.
من جهتها، قالت أوين إن برنامج الغذاء العالمي يسعى للوصول إلى من هم بحاجة إلى المساعدة، ممن يعانون من الفقر وفقدان الأمن الغذائي، "ولتحقيق هذا الهدف، علينا أن نكون أكثر كفاءة وفاعلية وشفافية".
وأضافت "بعد الانتهاء من وضع أهداف التنمية الألفية، يعمل العالم من اجل إحداث تنمية مستدامة. إستراتيجيتنا، وبنيتنا، وإدارتنا المالية يجب أن تكون منسجمة مع هذه الأهداف، واعتقد أن العام 2017 سيكون مهما في هذا الاتجاه".
وأضافت أن اختيار برنامج الغذاء العالمي لمعهد "ماس" لتنفيذ مشروع مراجعة إستراتيجية الأمن الغذائي، "جاء لخبرته وأبحاثه الاقتصادية والاجتماعية، وعلاقاته المميزة بكافة الأطراف: الحكومة، والقطاع الخاص، والمجتمع المدني، والمنظمات الدولية".
وكان مدير عام معهد "ماس" نبيل قسيس استهل الورشة بكلمة أكد فيها أن المعهد وضع الأمن الغذائي على لائحة أنشطته الأساسية، ويصدر نشرة نصف سنوية حول هذا الموضوع، لما له من أهمية للمجتمع والاقتصاد الفلسطيني.
وقال "يشكل الأمن الغذائي تحديا كبيرا لشعبنا منذ أكثر من عقد من الزمان، وتاريخيا، كان هناك اعتماد كبير لدى مئات الآلاف من أبناء شعبنا بعيد نكبة 48 على العون الغذائي وتزايد العدد مع الوقت قبل أن يتحسن الوضع نسبيا، ثم تفاقم مجددا بعد نكسة 76 وبدء الاحتلال الذي حرم شعبنا ما تبقى من الأرض الفلسطينية ومقدراتها".
وأوضح إن الأمن الغذائي يتقاطع مع الفقر والحماية الاجتماعية والإنتاج الزراعي، الذي تراجع على مدار السنين جراء ممارسات الاحتلال وسيطرته على الأرض والمياه، في الوقت الذي كان فيه المجتمع الفلسطيني زراعيا يأكل مما يزرع.
وفيما يخص مشروع المراجعة، قال قسيس، إن المعهد اتفق مع برنامج الغذاء العالمي على قيادة الدراسة، وتنظيم حوار وطني يضم جميع المعنيين حول كيفية تحقيق الأمن الغذائي في جوانبه الأربعة: توفر الغذاء، وإمكانية الوصول إليه، واستقراره واستدامته، وإنتاجه وتخزينه لجميع الفلسطينيين بغض النظر عن وضعهم ا لاجتماعي أو الفئة العمرية أو المنطقة الجغرافية.
وأضاف أن المشروع يهدف لتمكين الحكومة وخصوصا وزارتي التنمية الاجتماعية والزراعة والوزارات المعنية الأخرى، من الاستفادة من الدروس والخبرة المتراكمة بما يساعد في توجيه الجهود حول القضاء على انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية في فلسطين، بما يلتقي مع الهدف الثاني من التنمية المستدامة.