نظام السيسي يعمّق جراح مجلس الدولة قبل الفصل بالجزيرتين

وائل شلبي يمين واعضاء الدولة مع السيسي

القاهرة / وكالات  أفصح قرار حظر النشر الصادر من النائب العام المصري، نبيل صادق، في القضية المعروفة إعلامياً بـ"الرشوة الكبرى في مجلس الدولة" عن السبب الحقيقي وراء السماح للصحف الحكومية والخاصة المؤيدة للنظام بتناول القضية ونشر معلومات عنها نقلاً عن مصادر بهيئة الرقابة الإدارية والنيابة العامة طوال الأيام الخمسة الأولى من تفجيرها، والفاصلة بين القبض على مدير توريدات مجلس الدولة المرتشي جمال اللبان، وبين إعلان "انتحار" المتهم الرابع في القضية القاضي السابق، وائل شلبي، الذي أجبر على تقديم استقالته من القضاء بعد العثور على أدلة اتهام ضده.

جميع ما نشرته الصحف المصرية والصفحات الخاصة بناشطين وصحافيين على موقع "فيسبوك" كان يهدف إلى التشكيك في مجلس الدولة كهيئة قضائية مستقلة، عرفت بارتفاع منسوب ثقة المواطنين فيها، منذ أواخر عهد الرئيس المخلوع، حسني مبارك، لما أصدرته من أحكام عديدة تنتصر لحقوق وحريات المواطنين وتلزم الدولة بتغيير سياساتها، وآخرها حكم بطلان نقل تبعية جزيرتي تيران وصنافير من مصر إلى السعودية بموجب اتفاقية ترسيم الحدود البحرية الموقعة بين البلدين قبل أشهر.

ويثير الحكم الأخير تحديداً شائعات في الأوساط القضائية والحكومية مفادها أن الدائرة المخابراتية-الرقابية المحيطة برئيس الجمهورية، عبدالفتاح السيسي، اتخذت قضية الرشوة تكأة للتشهير بمجلس الدولة وزعزعة ثقة المواطنين فيه، خصوصاً بعدما تم ضم واحد من أشهر قضاته إلى القضية. بل إن وائل شلبي الذي أعلنت السلطات انتحاره كان يعتبر أقوى رجل في مجلس الدولة خلال العقد الأخير، ويعرف بعلاقاته الوطيدة بالأجهزة الأمنية والهيئات الحكومية، والرضا الرسمي عنه لدرجة توليه عضوية مجالس إدارة العديد من الجهات الحساسة كالجهاز القومي للاتصالات وجهاز حماية المستهلك..

ويأتي تفجير هذه القضية بالتزامن مع إحالة اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين مصر والسعودية من الحكومة لمجلس النواب، ما يعني عدم اهتمام السلطتين التنفيذية والتشريعية بما ستصدره المحكمة الإدارية العليا (أعلى محاكم مجلس الدولة) من قرارات تخص جزيرتي تيران وصنافير في 16 يناير/ كانون الثاني الحالي.
وتعتبر مصادر قضائية عديدة داخل المجلس أن تفجير هذه القضية، بتفاصيلها المعقدة، والتشكيك في مجلس الدولة وقضاته "مقدمة لحملة إعلامية للتشكيك في أي حكم يصدر ضد الحكومة في قضية الجزيرتين، ووصفه أنه حكم انتقامي بسبب ما تعرض له مجلس الدولة من تشهير أو ما حل بوائل شلبي من تطورات انتهت بإعلان انتحاره في ملابسات غير معروفة، حتى الآن، وفي قلب هيئة الرقابة الإدارية التي تعتبر من أكثر الأماكن حساسية في مصر.

وبالإضافة لذلك، فإن الطريقة التي أعلنت بها الرقابة الإدارية عن الرشوة كانت "سينمائية" بدرجة كافية لتحميل الواقعة أكثر مما تحتمل. وترى المصادر أن الرقابة الإدارية خلطت، عن عمد، بين واقعة الرشوة التي قال الموظف المتهم في التحقيقات، إنها عبارة عن مبلغ 150 ألف جنيه (الدولار يساوي 18.9 جنيهاً)، وبين واقعة العثور على مبالغ نقدية محلية وأجنبية بما يعادل 160 مليون جنيه مصري في منزله، أثبتت التحقيقات لاحقاً أنها نتيجة تجارة الموظف في العملة الأجنبية بالسوق السوداء. ونتيجة هذا الخلط انطلق بعض المراقبين المصريين في تحليلاتهم إلى التشكيك في سلامة الإجراءات القانونية لجميع الأعمال الإنشائية والمشتريات التي قام بها مجلس الدولة في السنوات الخمس الأخيرة.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد