القضاء البريطاني: لا يجوز تفعيل عملية خروج البلاد من الاتحاد الاوروبي دون الرجوع لمجلس العموم

جينا ميلر، وهي التي اقامت الدعوى، تتحدث للصحفيين عقب صدور القرار

لندن/سوا/ قضت المحكمة العليا في انجلترا بضرورة تصويت مجلس العموم (مجلس النواب) على ما اذا كان ينبغي للبلاد اطلاق عملية خروجها من الاتحاد الاوروبي.

ويعني قرار المحكمة ان الحكومة ليست مخولة بتفعيل المادة 50 من اتفاقية لشبونة والبدء بمفاوضات الخروج الرسمية مع الاتحاد الاوروبي دون الرجوع لنواب الشعب في مجلس العموم.

وتصر رئيسة الحكومة تبريزا ماي على ان الاستفتاء الذي اجري في الـ 23 من حزيران / يونيو الماضي (والذي صوت فيه 52 بالمئة من المشاركين لصالح خروج بريطانيا من الاتحاد) اضافة الى الصلاحيات التي تتمتع بها الحكومة اصلا كلها تعني انه لا ضرورة للحصول على موافقة البرلمان على خروج البلاد من الاتحاد (وهي العملية التي يطلق عليها مصطلح "بريكسيت")، ولكن المطالبين ببقاء بريطانيا عضوا في الاتحاد يقولون إن ذلك غير دستوري.

وقالت الحكومة إنها ستستأنف القرار امام المحكمة العليا في المملكة المتحدة (محكمة النقض) الشهر المقبل.

من جانبه، حث زعيم حزب العمال المعارض جيريمي كوربن الحكومة على "طرح الشروط التفاوضية التي تنوي اعتمادها مع الاتحاد الاوروبي بشأن اخراج البلاد من الاتحاد امام البرلمان دون ابطاء"، مضيفا انه "ينبغي ان تتحلى الحكومة بالشفافية والمساءلة حول شروط بريكسيت امام البرلمان."

اما زعيم حزب استقلال المملكة المتحدة الداعي الى خروج البلاد من الاتحاد نايجل فاراج فقال إنه يخشى ان يكون القرار "خيانة" للـ 51,9 بالمئة من البريطانيين الذين صوتوا لخروج البلاد من الاتحاد في استفتاء حزيران / يونيو.

 

صوت 48 بالمئة من البريطانيين لصالح البقاء في الاتحاد الاوروبي

وقال فاراج "اخشى الآن ان يعمد الى استخدام كافة الوسائل لعرقلة او تأخير عملية تفعيل المادة 50. واذا كان هذا هو الحال، لا يفقه هؤلاء حجم الغضب الذي سيثيرونه في صفوف الجماهير."

اما تيم فارون زعيم حزب الديمقراطيين الاحرار، وهو من مؤيدي بقاء البلاد في الاتحاد الاوروبي، فقال "في نهاية المطاف، صوت البريطانيون من اجل الخروج ولكنهم لم يصوتوا للوجهة التي ستتخذها العملية، ولذا فمن الضروري منحهم فرصة التصويت على الاتفاق النهائي (مع الاتحاد الاوروبي) ومنحهم فرصة الرد بلا لعملية خروج غير مسؤولة تهدد اقتصادنا وفرص العمل المتاحة لشعبنا."

ويقول مساعد محرر الشؤون السياسية في بي بي سي نورمان سميث إنه، في حال تثبيت القرار الذي صدر اليوم، ستتأخر خطط الحكومة تأخرا كبيرا إذ سيكون عليها تخطي العديد من العقبات البرلمانية وهي عملية قد تستغرق "اشهرا عديدة."

ولكن سميث يتوقع ان يصوت معظم النواب لصالح تفعيل المادة 50 نظرا لأن مؤيدي الخروج حازوا على اغلبية في الاستفتاء.

وكانت رئيسة الحكومة قالت إنها تعتزم تفعيل المادة 50 واحاطة الاتحاد الاوروبي علما رسميا بقرار بريطانيا الخروج من صفوفه بحلول نهاية آذار / مارس المقبل.

وكانت الدول الـ 27 الاخرى الاعضاء في الاتحاد قالت إن المفاوضات المتعلقة بخروج بريطانيا - التي تستغرق سنتين - لا يمكن ان تبدأ ما لم تفعل المادة 50 المذكورة.

وقالت جينا ميلر، وهي سيدة الاعمال التي رفعت الدعوى القضائية التي صدر بشأنها حكم المحكمة اليوم، قالت خارج مقر المحكمة في وسط لندن إن على الحكومة "اتخاذ القرار الحكيم بالامتناع عن استئناف القرار."

وقالت ميلر "القرار الذي اصدرته المحكمة اليوم يمسنا جميعا، وليس متعلقا بي وبفريقي فقط وانما يمس المملكة المتحدة ومستقبلنا جميعا."

"فوضى"

وعقب صدور قرار المحكمة، قال زعماء سياسيون في اسكتلندا وايرلندا الشمالية - اللتين صوتتا للبقاء في الاتحاد الاوروبي في استفتاء حزيران / يونيو - إن القرار كشف عن الفوضى المحيطة بالسياسة التي تعتمدها رئيسة الحكومة ماي لعملية الخروج من الاتحاد.

وقالت نيكولا ستيرجن رئيسة الحكومة الاسكتلندية التي تتمتع بحكم ذاتي إن "القرار مهم للغاية ويسلط الضوء على حالة الفوضى والارتباك في قلب الحكومة البريطانية."

وقالت ستيرجن لبرلمان اسكتلندا في ادنبره "علينا ان نتذكر ان رفض الحكومة البريطانية السماح لنواب مجلس العموم بالتصويت على قرار تفعيل المادة 50 لا يستند على مبدأ دستوري سام، بل هو نتيجة التخبط في المواقف."

واضافت "تعلم الحكومة بأنها لو طرحت الامر على مجلس العموم سيفتضح امرها."

وفي بلفاست في ايرلندا الشمالية، قال نائب رئيس ادارة الحكم الذاتي هناك مارتن مكغينيس إن قرار المحكمة يبرهن على ان طريقة تعامل حكومة ماي مع ملف البريكسيت كان "متخبطا."

واضاف "ليست لدي اي ثقة بأن البرلمان البريطاني سيؤيد الارادة التي عبر عنها شعب ايرلندا الشمالية ديمقراطيا بالبقاء في الاتحاد الاوروبي. ينبغي ان يتخذ اي قرار يتعلق بمستقبل الشعب الايرلندي هنا في الجزيرة الايرلندية."

ندم؟

على صعيد آخر، بين استطلاع للرأي نشرت نتائجه الخميس ان اغلبية البريطانيين سيختارون البقاء في الاتحاد الاوروبي لو استفتوا الآن.

وبين الاستطلاع الذي اجرته مؤسسة BMG ان 45 بالمئة من الذين استطلعت آراؤهم فضلوا البقاء في الاتحاد بينما فضل 43 بالمئة الخروج. ولم يدل 12 بالمئة برأي.

وقال مايكل تيرنر مدير الابحاث في المؤسسة لوكالة رويترز "عوضا عن التحول الى معسكر البقاء، يبدو ان الناخبين الآن اقل ثقة بصحة قرار المغادرة.

وباستثناء الـ 12 بالمئة الذين لم يعبروا عن اي رأي، قال 51 بالمئة إنهم مع بقاء بريطانيا في عضوية الاتحاد الاوروبي، بينما قال 49 بالمئة إنهم مع الخروج.

وشمل الاستطلاع الذي اجري بين 19 و24 تشرين الاول / اكتوبر 1546 بريطانيا بالغا من المقيمين في البلاد.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد