هآرتس: “إسرائيل” تلفظ أنفاسها الأخيرة

صحيفة هارتس

تل ابيب/سوا/ يمكن أن يكون كل شيء ضائعاً، ويمكن أننا اجتزنا نقطة اللاعودة، ويمكن أنه لم يعد من الممكن انهاء الاحتلال ووقف الاستيطان وتحقيق السلام، ويمكن أنه لم يعد بالامكان اعادة اصلاح الصهيونية وانقاذ الديمقراطية وتقسيم البلاد. اذا كان الوضع كذلك، فانه لا طعم للعيش في البلاد، وليس هناك طعم للكتابة في «هآرتس»، ولا طعم لقراءة «هآرتس».

يجب فعل ما اقترحه روغل ألفر قبل عامين وهو مغادرة البلاد. اذا كانت الاسرائيلية واليهودية ليستا عاملا حيويا في الهوية، واذا كان هناك جواز سفر اجنبي، ليس فقط بالمعنى التقني، بل بالمعنى النفسي ايضا، فقد انتهى الأمر. يجب توديع الاصدقاء والانتقال الى سان فرانسيسكو أو برلين. من هناك، من بلاد القومية المتطرفة الالمانية الجديدة، أو بلاد القومية المتطرفة الأميركية الجديدة، يجب النظر بهدوء ومشاهدة دولة “إسرائيل” وهي تلفظ أنفاسها الأخيرة. يجب أن نحطو ثلاث خطوات الى الوراء لنشاهد الدولة اليهودية الديمقراطية وهي تغرق. يمكن أن تكون المسألة لم تضع بعد.

ويمكن أننا لم نجتز نقطة اللاعودة بعد. ويمكن أنه ما زال يمكن انهاء الاحتلال ووقف الاستيطان واعادة اصلاح الصهيونية وانقاذ الديمقراطية وتقسيم البلاد. اذا كان الوضع على هذا النحو، فان من واجب الكتاب في «هآرتس» وقُراء «هآرتس» عدم نشر الكراهية وعدم الهجرة، بل النضال. في الدولة التي ما زالت ديمقراطية، فان الطريقة الوحيدة للنضال هي التحدث مع مواطنيها، لا احتقار المواطنين أو التعالي عليهم، بل احترامهم والاستماع اليهم والتحدث معهم، من أجل اقناعهم. لأنه براك اوباما وهيلاري كلينتون ليسا هما اللذان سينهيان الاحتلال. وليست الامم المتحدة والاتحاد الاوروبي هما اللذان سيوقفا الاستيطان. القوة الوحيدة في العالم القادرة على انقاذ اسرائيل من نفسها، هم الإسرائيليون أنفسهم.

ما الذي يريده الاسرائيليون؟ أمور أساسية، دولة يهودية، تعبر عن حق الشعب اليهودي في تقرير مصيره، تدافع عن حياته وتحافظ على إرثه، دولة ديمقراطية تحترم حقوق مواطنيها وتحافظ على المجتمع الحر الذي نشأ هنا. دولة قوية تعرف كيفية مواجهة المحيط الفظيع الذي نعيش فيه. دولة متنورة، تُمكّن كل ولد وكل بنت يولدان هنا من العيش باحترام داخل أمة هي جزء من العالم الحر في القرن الواحد والعشرين. إذا أقنع الوسط – اليسار المجتمع الإسرائيلي بأنه يقترح دولة يهودية، ديمقراطية، قوية وحديثة فانه سينتصر. واذا تحدث الوسط – اليسار عن السلام الفاضل غير القابل للتحقيق وعن دولة بدون طابع قومي غير موجودة في الواقع، فانه سيخسر. هذا هو كل شيء، وهذه هي القصة.

حكومات اليمين ليست قدَرا، وهي ليست خطيئة ايضا. حكومات اليمين هي العقاب لأن الوسط – اليسار لم يعرف كيفية التحدث مع الاسرائيليين باللغة التي يفهمونها ويحترمونها. إن ابتداع لغة سياسية جديدة، تتحدث الى قلوب الاسرائيليين، هو الشرط الضروري لانهاء الاحتلال ووقف الاستيطان واعادة اصلاح الصهيونية وانقاذ الديمقراطية في “إسرائيل”.

الخطوة الفكرية التي طرحتها في هذه الصحيفة في الاسابيع الاخيرة، وفي السنوات الاخيرة، ليست صدفية. فهي تنبع من الشعور بعدم وجود الوقت. وهي تنبع من الالتزام بانقاذ البيت. وتنبع من التقدير بأن اليسار الراديكالي يضر دون ادراك بجهود الوسط لانقاذ “إسرائيل”.

لكن اليسار الراديكالي ليس مهماً بالفعل. من لا يعتبر أن الاسرائيلية واليهودية عاملان حيويان في هويته فهو ليس جزءًا من اللعبة، لهذا فانني أقبل هجومه بحب وتسلية. ولذلك سأستمر في السعي الى ما هو جوهري: البحث عن الطريق الثالثة واللغة الإسرائيلية من اجل البقاء على قيد الحياة هنا وعدم الموت.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد