131-TRIAL- تسمح الإتفاقية المنشئة للمحكمة الجنائية الدولية للدول الموقعة على نظامها ألأساسى عبر حكوماتها والمصدقة عليها من قبل برلماناتها بملاحقة مجرمى الحرب ومحاكمتهم .أكثر من 120 دولة وقعت على معاهدة روما ، وعدد غيرقليل رفض التوقيع مثل الولايات المتحدة وإسرائيل، هذا ووقعت أربعة عشر دولة عربية على معاهدة روما ، وفقط اربع دول صدقت عليها وهى ألأردن وتونس وجيبونى وجزر القمر، رغم إن الدول العربية من تتعرض لإستخدام القوة ، ومواطنيها من تنتهك حقوقهم، وعلى أرضها ترتكب العديد من جرائم الحرب متعددة المصادر الداخلية والخارجية ، وهى من تعانى من الظلم بكل أشكاله ومصادره. 
وقد يأخذ الوضع خصوصية معقدة بالنسبة للفلسطينيين، فالعقدة تكمن في إسرائيل التي تمارس حربا مستمره على الشعب الفلسطينيى في غزة وفى الضفة الغربية ، وتمارس ضده كل أشكال إنتهاك حقوق الإنسان الموثقة في إتفاقات جنيف، وهو من تحتل ارضه، ويحرم شعبه بسبب الإحتلال من ممارسة حقوقه الأساسية الموثقة في العديد من الإتفاقات الدولية.وإسرائيل من ترفض السلام، وتنتهك ميثاق الأمم المتحدة الذي احد أهم شروط قبول العضوية فيه الإلتزام بالسلام، وهو ما لم تلتزم به إسرائيل. 
وإسرائيل من تنتهك إتفاقات جنيف الأربعة بإنتهاكها الحقوق الأساسية للإنسان الفلسطينى ، من إعتقال إدارى غير قانونى ، ومن أسر للآلاف من الفلسطينيين فى سجونها ، ومن حواجز ومنافذ الذل الإنسانى الإنسانى التي حولت فيها ألأراضى الفلسطينية إلى كانتونات عنصرية ، وبممارستها كل اشكال الفصل العنصرى ، كل هذه السياسات قد تكون مبررا لمحاكمة إسرائيل أمام المحاكم الدولية . 
ولكن الصورة ليست بهذه الصورة السهلة . ولقد زادت قضية التوقيع على الأتفاقات الدولية ، والإنضمام للمنظمات الدولية بعد حصول صفة دولة مراقب في الأمم المتحدة . وهنا الهدف والغاية ليس الحصول علي هذه العضوية التي تسعى فلسطين إلى أن تحولها إلى دولة كاملة العضوية . وألسؤال الأهم لماذا هذ العضوية ؟ وما الغاية منها؟ بالتأكيد الحصول على هذه العضوية هو نقل الصراع مع إسرائيل إلى ساحة الشرعية الدولية ، والمحاكم الدولية ، وتحميل المجتمع الدولى مسؤولياته في إنهاء الإحتلال الإسرائيلى ، وفى محاسبة إسرائيل عن أى سلوك فيه إنتهاك لحقوق الإنسان الفلسطينى . المقصود هنا هو تفعيل دور الدولة الفلسطينية بحرب أو بدون حرب.
 ولعل من أهم هذه المعاهدات والمحاكم معاهدة روما والمحكمة الجنائية الدولية لما لها من إختصاص مباشر بالنسبة لمحاكمة الدول والأفراد عن جرائم حرب ترتكب ضد دول وشعوب أخرى . وهنا تأتى وتبرز أهمية التوقيع ، لماذا لأن إسرائيل هى الطرف المباشر، والعلاقة مع الفلسطينيين وخصوصا في غزة بسبب تواجد المقاومة وسيطرة حماس الحرب، فمنذ سيطرة حماس على غزة وفى غضون ست سنوات شهدت العلاقة ثلاثة حروب، آخرها الحرب الحالية التي راح ضحيتها أكثر من ألفى شهيد، وتدمير عشرات الآلآف من المنازل المدنية ، وجل هؤلاء الشهداء من ألأطفال والنساء والمدنيين ، وهو ما يعطى الحق للسلطة الفلسطينية أإن تذهب لمحاكمة إسرائيل على ما أرتكبته من جرائم. 
في الحرب الأولى عام 2008 والتي إستمرت 21 يوما وراح ضحيتها أكثر من ألفى شهيد، وتدمير للمنازل والبنية المدنية شكلت لجنة جولد ستون والتي حملت إسرائيل والمقاومة المسؤولية المتبادلة . في هذه الحرب والتي واجهت إسرائيل إنتقادات دولية كثيرة ، وخصوصا من اللجنة ألأممية لحقوق الإنسان ، يثار من جديد جدلا فلسطينيا هل نذهب للتوقيع على معاهدة روما ، والنظام ألأساسى للمحكمة الجنائية الدولية ، هناك من يرى أن هذا قد يخضع قادة المقاومة للمسآلة كما إسرائيل، وبالتالى ستترتب عليه تداعيات خطيرة جدا علي مستقبل المقاومة ، وهناك من يرى تأجيل ذلك بالحصول علي دولة كاملة تكون لديها القدرة على إتخاذ القرار. 
ويرى أن الذهاب للتوقيع يعنى تعرض السلطة الفلسطينية لضغوطات دولية وخصوصا من الولايات المتحدة وإسرائيل في المجال المالى وهو ما قد يشكل إنهيارا للسلطة الفلسطينية ومؤسساتها،ويرى أنصار هذا افتجاه إن هناك وسائل كثيرة من خلال تشكيل لجان تحقيق دولية تصدرها الجمية العامة للأمم المتحدة ، او لجنة حقوق الإنسان. وفى المقابل هناك من يرى عكس هذا الإتجاه وهو ضرورة الذهاب إلى هذا المسار مهما كانت النتائج لأنه قد يعرى وجه إسرائيل، ويعرضها للمرة ألأولى للمسائلة الدولية ، وقد يكون رادعا لها للقيام بالحرب فى المستقبل، وقد يعجل في إنهاء الإحتلال.كلا الرأيين قد تكون له حججه ومنطقه، ولكن في النهاية هذا مسار مهم ، وهو أحد اهم وظائف الدولة الفلسطينية ، وتفعيل المسار الدولى ، لكن علينا أن ندرك كل المحاذير التي يمكن إن تترتب على ذلك ، فالمحكمة ليست فقط من اجل فلسطين ، فهى مفتوحة لجميع الدول، وان ندرك التداعيات التي قد تترتب علي ذلك ، وأقصد بذلك وضع الخيارات المتوقعة والبديلة ، وأن نأخذ في الإعتبار العلاقة بين مفهوم الحرب العادلة وبين الذهاب للمحكمة . 
وفى النهاية هذا حق للفلسطينيين لا ينبغى ه إضاعته، ولكن المهم تحمل الجميع لمسؤلياته ، ومن هنا كان قرار الرئيس بمشاركة كل الفصائل وحركة حماس لهذا القرار ليتحمل الجميع تباعاته السياسية والقانونية . المطلوب في النهاية توحد في القرار الفلسطينيى . وترشيد للخيارات الفلسطينية ، فمعركة الشرعية الدولية مهمة ، وتحتاج منا إلى ترشيد خياراتنا وقرارتنا وأسلوب وآليات مقاومتنا . وأخيرا التوقيع على معاهدة روما يحتاج إلى سلطة فلسطينية شرعية للتصديق. وهذا ما ننتظره. فالقضية ليست أفخاخ نقع فيها ونحفرها بيدنا.
drnagish@gmail.com 26

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد