270-TRIAL- أكثر من عشرين مرة، اجتمع خلالها المجلس السياسي الأمني المصغر في إسرائيل، خلال الحرب التي شنها الاحتلال في مرة ثالثة على قطاع غزة ، ساعات طوال امتدت معظم هذه الاجتماعات لاتخاذ قرارات أو للاطلاع على مجريات الميدان والمباحثات السياسية في العاصمة المصرية، غير أن أحد هذه الاجتماعات كان له أجندة مختلفة بعض الشيء، وهو الاجتماع الأول للكابينيت بعد إقرار الهدنة الثالثة لخمسة أيام، هذا الاجتماع تم تخصيصه لنقاش التصدع بين واشنطن وتل أبيب إثر المكالمة الهاتفية بين أوباما ونتنياهو، هذه المكالمة الهاتفية التي توازت مع ما سربته صحيفة "وول ستريت جورنال" من أن الرئيس الأميركي أرجأ توريد أسلحة وذخائر لإسرائيل، خاصة قذائف تستخدمها طائرات الأباتشي، علماً أن إسرائيل لم تستخدم هذه الطائرات على نطاق واسع في حربها الثالثة على قطاع غزة، ربما لاعتقاد جيش الاحتلال، أن المقاومة الفلسطينية باتت تمتلك أسلحة أرض ـ جو، بما يمكنها من مقاومة وإسقاط طائرات الهليوكبتر التي تحلق على مستوى منخفض، مع ذلك فإن هناك إشارات أميركية واضحة، ان الرقابة على تصدير الأسلحة لإسرائيل سيتجاوز قذائف الأباتشي، إلى كافة أنواع الأسلحة والذخائر، وحتى في حال إقرارها، فإن كل عملية تصدير ستفحص بدقة وتستغرق وقتاً، والتسليم ببطء مدروس وشديد [براك رفيد ـ هآرتس ـ 16/8/2014]. ومع أن إدارة أوباما، سبق وأن كررت، ولا تزال، على أن لإسرائيل الحق في الدفاع عن مواطنيها، إلاّ أن الموقف الأميركي، يتعدى في الواقع تداعيات السلوك التدميري ضد البشر والحجر في قطاع غزة، إلى السلوك السياسي السابق، عندما أفشلت إدارة نتنياهو جهود وزير الخارجية الأميركي جون كيري طوال تسعة أشهر من أجل التوصل إلى اتفاق حول الملف الفلسطيني ـ الإسرائيلي، من خلال استمرار العمليات الاستيطانية وعدم الوفاء بالالتزام الذي قطعه نتنياهو لجون كيري بإطلاق سراح الدفعة الرابعة من الأسرى الفلسطينيين. لكن المجازر التي ارتكبتها إسرائيل في قطاع غزة أصابت البيت الأبيض بالذهول، حول مدى ما يمكن أن يقدم عليه جيش الاحتلال من قتل المدنيين الفلسطينيين بدون أي وازع أو ضمير أو أخلاق، إدارة أوباما صدمت أيضاً عندما بررت إسرائيل مجازرها في خان يونس، بأسر أحد جنودها، الأمر الذي دعا واشنطن إلى إدانة المقاومة الفلسطينية وطالبتها بالإفراج عنه فوراً، وما هي إلاّ ساعات، ليتبين أن ليس هناك من أسير، وجثمان هذا الأسير الوهمي تم دفنه في جنازة رسمية، وشعرت واشنطن أن تل أبيب تسخر من الجميع، خاصة هؤلاء الذين أدانوا عملية وهمية، كأوباما وبان كي مون!! رغم هذا التوتر المتصاعد بين تل أبيب وواشنطن، والحملة التي شنها بعض أقطاب حكومة نتنياهو على رئيس الحكومة بتحميله مسؤولية تصعيد المواجهة مع "الذخر الاستراتيجي"، إلاّ أن نتنياهو، قد يستثمر هذا التوتر بطريقة مختلفة، إذ ان عدم حصول إسرائيل على بعض الذخائر والأسلحة اللازمة لإدامة الحرب، سيشكل سبباً يطرحه نتنياهو في وجه القوى والشخصيات الأكثر تطرفاً في حكومته وفي حزب الليكود الذي يقوده، هذه القوى والشخصيات التي تريد المزيد من تورط نتنياهو في حرب طويلة وواسعة حتى لو كان ذلك بإعادة احتلال شامل لقطاع غزة، نتنياهو يدرك بخبرته في مجال المناورات والمكائد السياسية، ان هؤلاء يريدون أن يرقصوا على إيقاع فشله وتورطه، لذلك فإن حجب الأسلحة والذخائر، سيشكل سبباً لإقناع المتطرفين بتجاهل خيار توسيع الحرب وإدانتها.
كما أن نتنياهو، سيشير إلى أن هذه الحرب، وحتى الآن، أفقدت إسرائيل الكثير من الحلفاء المؤيدين لها ولحربها، خاصة الولايات المتحدة، علماً أن دولاً أخرى كبريطانيا وإسبانيا، أعلنت أنها ستراقب مسألة تصدير الأسلحة إلى إسرائيل، كل ذلك سيدفع بنتنياهو لإقناع خصومه بضرورة التوصل إلى اتفاق لإطلاق النار، باعتباره الخيار الوحيد أمام الدولة العبرية في مثل هذه الظروف الميدانية والسياسية.
ومن المؤكد أن تل أبيب ستستدعي رجالاتها وقواها في الكونغرس وفي اللوبي الصهيوني للضغط على إدارة أوباما، إلاّ أن الإسناد الأقوى والأهم والنادر تقريباً جاء من هيلاري كلينتون، المرشحة المحتملة لرئاسة الولايات المتحدة عن الحزب الديمقراطي، فقد وقفت إلى جانب نتنياهو في التصعيد المتوتر مع بلادها، فقد أدانت كلينتون إدارة أوباما بعدم الحزم الكافي للوقوف إلى جانب إسرائيل في هذه الحرب، ويأتي هذا الانتقاد في إطار استعدادات كلينتون لانتخابات الرئاسة بعد عامين، غير أن محللين أميركيين، اعتبروا هذا الموقف، غلطة تكتيكية كبيرة من قبل كلينتون، إذ ان الرأي العام الأميركي أخذ يتغير نسبياً بعد مشاهداته للفضائيات، هناك انتقادات شعبية لسياسة أوباما، غير أن هذه الانتقادات توقفت حول موقف البيت الأبيض من الحرب الإسرائيلية الثالثة على قطاع غزة، ما أقدمت عليه كلينتون، سقطة كبيرة في إزاء سياسة رخيصة مبتذلة، حتى أن نتنياهو، لن يكون مسروراً كما ينبغي، لأنه يريد بدوره استغلال موقف البيت الأبيض لصالح خياراته!!
Hanihabib272@hotmail.com 71

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد