243-TRIAL- مُدِّدَت الهدنة خمسة أيام حتى ينضج اتفاق دائم لوقف إطلاق النار يكون في أساسه قائماً على اتفاق 2012 ولا يختلف عنه، إلاّ في صياغة المصطلحات وعمليات تجميلية هنا وهناك... أما روح الاتفاق فبقيت كما هي.
هناك أكثر من ملاحظة على هذا الاتفاق، منها أنه إذا كانت روح الاتفاق هي رفع الحصار بالمفهوم الإسرائيلي، أي إدخال البضائع ووضع "فيتو" على بضائع بحد ذاتها تعتبرها إسرائيل خطراً على أمنها، وإعادة فتح المعابر، أيضاً، حسب الرؤية الإسرائيلية، أي زيادة عدد التصاريح الممنوحة، وربما منح مئات التصاريح الأخرى لفئات جديدة غير التجار والمرضى والحالات الإنسانية. فلماذا دفعنا هذا الثمن، والذي كان يمكن تحقيقه بثمن أرخص بكثير؟
الأمر الثاني، أن الصمود المشهود له في غزة واستشهاد 2000 مواطن وإصابة أكثر من عشرة آلاف آخرين لم يكن الهدف منه إخراج الكلب أو الحمار من البيت (حسب قصة الحاخام الذي أدخل إلى البيت كلباً وحماراً عندما طلب صاحب البيت منه توسعته، ليصار بعد ذلك إلى إخراج الكلب، فأحسّ صاحب البيت بأنه حقق إنجازاً، ثم أخرج الحمار ليعود الحال إلى ما كان عليه، فاعتبر صاحب البيت أنه يعيش بنعمة)؟! تعالوا لنتحدث بصراحة وليس بلغة التخوين أو قمع حرية الرأي.. ألم يكن قطاع غزة قبل 7 سنوات عنده أكثر من هذه الامتيازات.. كانت المعابر مفتوحة.. وآلاف العمال يذهبون إلى أعمالهم.. والطريق الآمنة مفتوحة من غزة إلى الضفة والمطار يعمل لفترة زمنية معقولة.. والميناء كان في طور الإنجاز النهائي.. فماذا حدث.. إما أن سلطات الاحتلال تآمرت علينا ونجحت في مؤامرتها أو أننا تآمرنا على أنفسنا؟
ربما كان الأخطر في هذا الاتفاق المبهم هو ما حذر منه زميلنا الدكتور علي الجرباوي في مقالته المنشورة في صحيفة "الأيام"، والتي حذر فيها من تجزئة الحل.. ولكن يبدو أن هذا الاتفاق هو انطلاقة في مفهوم التجزئة.. ولهذا نتعجب كثيراً، ونتألم جداً لأن الوفد المفاوض لم يتحدث ولم يتطرق في تصريحاته كلها إلى ربط الحل الواحد أي القضية الفلسطينية، أي الضفة الغربية، بما فيها القدس ، وقطاع غزة على اعتبار أن الحرب هي على الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية، ولكن الظاهر هو فصل حقيقي لقطاع غزة عن الضفة الغربية.. وهذا ستكون له آثار مدمرة على مستقبل القضية الفلسطينية.
ولكن، أيضاً، من الملاحظ أن كل الذي تم الحديث عنه في القاهرة هو أدنى مما جاء في اتفاق أوسلو، الذي اعتبرته كثير من الأطراف المشاركة في محادثات القاهرة اتفاق العار والخيانة ... .
مرة أخرى، أرجو أن تتسع الصدور للنقد، لأن شعبنا اليوم في كل أماكن وجوده يحتفل بالنصر، والانتصار لا بد أن يأتي بثمار سياسية وتعبير حقيقي.. ولا أريد الحديث هنا عن المقاومة من أجل التحرير وإعادة التراب المغتصب ... ولكن أريد الحديث عن إنجازات سياسية بحدها الأدنى تقنع المنكوبين ولا تجزئ الحل وتسهم في تحقيق وحدة حقيقية ولا تسهم في تقاسم وظيفي ونظامين سياسيين وسلطتين، وإن كانت هناك حكومة اتفاق هي أضعف بكثير من أن تكون صاحبة قرار وبشكل خاص في القضايا الأمنية. أو ما يقترب منها.. الاتفاق المبهم خطر داهم... وتأجيل قضايا تعتبر صعبة الاختراق حالياً مثل الميناء والمطار.. وإعادتها إلى منظمة التحرير من أجل التفاوض عليها في المستقبل.. هي في الحقيقة قذف جمر ملتهب في أيدٍ لم تعد قادرة على تحمّل مزيد من المفاوضات.. والتي ستتواصل لمدة 100 عام مقبلة حسب الطريقة الإسرائيلية، وعندها سنكيل اتهامات لا حصر لها لتخاذل المنظمة والقيادة. أن تكون الإنجازات أقل من سقف أوسلو فهذه كارثة أخرى.. قد يعجب هذا الكلام البعض وقد لا يعجب البعض الآخر.. ولكن هي الحقيقة المرّة التي يجب أن نتقبلها.. وإلاّ كان الثمن باهظاً. abnajjarquds@gmail.com 222

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد