139-TRIAL- العدوان الاسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني ليس جديد وهو مستمر، لكن اسرائيل اعدت للعدوان المستمر الان على قطاع غزة ، فهو عدوان مبيت ومخطط له من فترة وقبل اختطاف المستوطنين الثلاثة ومقتلهم، والذي استغلت اسرائيل ذلك من اجل التسريع في العدوان لكسر ارادة الفلسطينيين في المقاومة وضربها، ومن اجل افشال المصالحة الفلسطينية و تفكيك حكومة الوفاق الفلسطينية.
وما قامت به قوات الاحتلال من اجتياح شامل للضفة الغربية واعتقال المئات من الفلسطينيين ومداهمة المنازل والمؤسسات وتفتيشها ومصادرة ممتلكاتها وإغلاقها، ولم تخفي اسرائيل نيتها المسبقة بشن عدوان على قطاع غزة والتي بدأته بغارات جوية استهدفت منازل المواطنين وألحقت دمار شامل و هائل و بشع، وارتكبت جرائم خطيرة بحق المدنيين الفلسطينيين وسقوط العدد الكبير من الشهداء والجرحى.
تعمدت اسرائيل ان توقع خسائر كبيرة في صفوف المدنيين وتدمير منازلهم مع علمها ان قادة المقاومة التي وجهت الاتهامات لهم اختفوا تحت الارض، ومع ذلك أوغلت اسرائيل في ضرب المدنيين بقوة، ودمرت منازل المقاومين لردعهم وكسر ارادتهم وروح المقاومة فيهم، وهذا ما صرح به علنا المسؤولين الاسرائيليين باستهداف منازل القادة الميدانيين والقادة السياسيين اعتقادا من اسرائيل انها قادرة على كي وعي الفلسطينيين، وما نقلته وسائل الاعلام الاسرائيلية عن مسؤولين في الجيش الاسرائيلي ان نصف القتلى هم من المدنيين الابرياء.
وفي الوقت الذي تقوم اسرائيل بجرائمها، تقوم منظمات حقوق الانسان الفلسطينية بعملها ومتابعة ورصد وتوثيق انتهاكات حقوق الانسان والجرائم التي ارتكبتها اسرائيل وما زالت، وتعمل منظمات حقوق الانسان في قطاع غزة ومعها منظمات دولية ومحلية اخرى بتحضير ملفات قانونية من أجل تقديمها الى المؤسسات الدولية خاصة مؤسسات الامم المتحدة لمحاكمة قادة دولة الاحتلال كمجرمي حرب.
العدوان الإسرائيلي الهمجي على القطاع ، وإن اختلف هذه المرة في حجمه وشراسته وقوة النيران والدمار الذي خلفه، ونوع الأسلحة التدميرية المختلفة والمحرمة دولياً واستخدامه ضد المدنيين، عزز من قناعة مؤسسات حقوق الإنسان الفلسطينية بالتعاون والتنسيق مع مؤسسات دولية للإسراع في تحضير ملفات قانونية من خلال عملها خاصة وان منظمات حقوق الانسان في قطاع غزة لها تجربة كبيرة، وكان دورها المميز في اعداد الملفات والتي تم تقديمها الى لجنة التحقيق رئاسة القاضي غولدستون.
العمل والجهد الكبير الذي تقوم به منظمات حقوق الانسان يضفي ظلالاً من الشك وعدم الثقة في المؤسسات الدولية، خاصة الأمم المتحدة، في ظل الاتهام الموجه إليها من الفلسطينيين بالانحياز لإسرائيل وبالذات من قبل مجلس الأمن الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة، وبعض الدول الأوربية.
وعلى رغم الشك في المؤسسات التابعة للأمم المتحدة، وعدم قدرتها وجديتها في تطبيق عشرات القرارات الصادرة عن الجمعية العامة أو مجلس الأمن المتعلقة بالقضية الفلسطينية، فإن المطلوب أن تكون هناك الإرادة والنية لدى المسؤولين الاممين في تشكيل لجان تحقيق أو حتى لجان تقصي حقائق، كما حدث في أحداث سابقة، للمساعدة في ملاحقة قادة دولة الاحتلال كمجرمي حرب وتقديمهم إلى العدالة الدولية.
وعلى رغم جدية بعض المؤسسات الحقوقية، والاستعداد الكبير لديها في العمل من أجل إعداد ملفات قانونية ضد قادة دولة الاحتلال ومحاكمتهم كمجرمي حرب، خاصة أن بعضاً منها حقق بعض النجاح في ملاحقة عدد من قادة دولة الاحتلال من خلال بعض المحاكم الوطنية في دول أوروبية، وتجربة تقرير غولدستون المريرة مع السلطة الفلسطينية، إلا أن ذلك يحتاج إلى جهد كبير وغير عادي وتجميع كل الجهود والطاقات، وعدم تبديدها، إن الجرائم التي ارتكبتها قوات الاحتلال واضحة، وهي بحاجة إلى عمل دؤوب وصبر طويل.
وفي ظل ذلك من المهم ضرورة أن يأخذ الأمين العام للأمم المتحدة دوره ومن خلال صلاحياته بتشكيل لجان تحقيق في مجمل الجرائم والأحداث التي وقعت في قطاع غزة والضفة الغربية خلال العدوان وقبله. الأمين العام للأمم المتحدة يمتلك صلاحية تشكيل لجان تحقق في كل ما وقع من جرائم و في مجمل الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل في العدوان على قطاع غزة، خاصة وان الوقائع والدلائل على الأرض توضح نوع الجرائم والأسلحة المحرمة دولياً، واعتراف الجيش الإسرائيلي من خلال تحقيق أجراه بعد وقف إطلاق النار أن عدداً من البيوت تم تدميرها من دون مبرر.
إن مؤسسات المجتمع المدني ومنظمات حقوق الإنسان مطالبة بممارسة الضغط على الأمين العام للأمم للاضطلاع بمهامه، وتشكيل تلك اللجان والضغط على إسرائيل للسماح للمقررين الخاصين بالعمل وتمكينهم من الوصول إلى قطاع غزة، وجمع الأدلة والبراهين من خلال مقابلة الضحايا ومؤسسات حقوق الإنسان الفلسطينية العاملة في قطاع غزة.
بالإضافة الى ذلك ومن اجل عدم السماح لإسرائيل في الاستمرار بجرائمها بحق المدنيين وعدم الافلات من العقاب يجب ايضا اتخاذ منظمة التحرير الفلسطينية مزيد من الخطوات الجدية والسريعة في الانضمام الى جميع المواثيق والمعاهدات الدولية بما فيها ميثاق روما ومحكمة الجنايات الدولية. كما يجب اقتناص العدوان في تعزيز الوحدة الفلسطينية وتوحيد الخطاب الفلسطيني وعدم تأجيل أي من الملفات خدمة لمشاريع سياسية كما جرى في تقرير غولدستون، كما أن ما يجري هو فرصة للتشبث في مطالبة المجتمع الدولي بإنهاء الحصار الظالم عن قطاع غزة وعدم تكرار العدوان الاسرائيلي. 293

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد