كاتب بريطاني: غاز بحر غزة دافع بلير للتهدئة بين حماس واسرائيل

لندن / سوا / تساءل الكاتب البريطاني ديفيد هيرست عن مصلحة رئيس الوزراء السابق طوني بلير في المحادثات التي يقودها مع حماس من طرف ومصر وإسرائيل من طرف آخر للوصول إلى تهدئة طويلة المدى بين إسرائيل وحماس تضمن فك الحصار عن قطاع غزة .

وسرد هيرست بعض المعلومات عن بلير التي قد توضح سبب جلوسه مع حماس التي كانت خطا أحمر للجنة الرباعية الدولة لكون حماس ترفض الاعتراف بإسرائيل علما أن بلير سبق ورأس اللجنة.

وفي مقاله في هافينغتون بوست،، قال هيرست إنه وفي العام الماضي في مؤتمر دولي كان ينعقد في إحدى الدول الأوروبية، وقبل أن تبدأ محادثات الدوحة بشهور، اقترب نفر من الإسرائيليين من أكاديمي يعرف عنه التواصل المباشر مع خالد مشعل وسألوه إن كان على استعداد لتوصيل استفسار إلى القيادة في حماس. كان السؤال مفاده "فيما لو قامت مؤسسة الغاز البريطاني (بريتيش غاز) بتطوير حقل الغاز في بحر غزة – الذي يبعد عن ساحلها ما بين 27 و 33 كيلومترا - هل ستهاجمه حماس؟". سألهم الأكاديمي "من الذي يطرح السؤال – هل هي الحكومة الإسرائيلية؟" قالوا "لا، بل هو طوني بلير". أخبرهم الأكاديمي بأنه يرفض توصيل رسالة بالنيابة عن طوني بلير وإذا كان يرغب في طرح السؤال فليفعل ذلك بنفسه من خلال الاتصال بخالد مشعل شخصيا.

وتابع مستغربا: "لقد ادعى طوني بلير في بعض لقاءاته الخاصة بأنه إنما انخرط في المحادثات مع حماس بناء على طلب منها – نتيجة لخطاب أرسلته حماس إلى مبعوث الأمم المتحدة إلى عملية السلام روبرت سيري. إلا أن اهتمامه بغاز بحر غزة يسبق ذلك بزمن. وليس من باب المصادفة أن تكون مؤسسة بريتيش غاز زبونا عند مؤسسة جيه بيه مورغان (وهي واحدة من كبرى المؤسسات المالية في بريطانيا) والتي يعمل لديها طوني بلير بوظيفة كبير مستشارين ويتلقى منها أتعابا على ذلك".

وبحسب الكاتب فإن هذا الحقل، وكما تقول وزارة الخارجية البريطانية، المورد الطبيعي الفلسطيني الأهم والأكبر على الإطلاق من حيث القيمة. وفي عام 2007 قدرت الإيرادات المتوقعة منه بمبلغ 4 مليار دولار أمريكي. كان رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق آرييل شارون يقف ضد تطويره، ثم بعد أن انسحب من قطاع غزة وقعت مؤسسة بريتيش غاز مذكرة مع شركة الغاز المصرية إيغاز لبيعه هناك في عام 2005، ثم ألغيت الصفقة بعد ذلك بعام عندما تدخل طوني بلير نيابة عن رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك إيهود أولمرت. يقال إن ما كميته ثلاثين ضعفا من الغاز قد اكتشف مؤخرا أمام سواحل مصر. من يدري ما الذي يمكن أن تحتويه حقول غزة؟

وعن اجتماعات بلير مع رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل قال هيرست إنه من بين جميع اللقاءات الغريبة التي ولدها الصراع الفلسطيني، من المؤكد أن مشعل يعتبر أكثرها خروجا عن المألوف كانت تلك الاجتماعات الأربع التي جمعته ببلير.

"من خلال هذه الاجتماعات أقدم مبعوث الرباعية إلى الشرق الأوسط على تجاوز القواعد التي وضعتها الرباعية ذاتها ومنعت بموجبها التحدث إلى حماس طالما أنها ترفض الاعتراف بإسرائيل، وهي القواعد التي قام طوني بلير وجاك سترو بمهمة فرضها والتأكد من الالتزام بها عندما كان الأول رئيسا للوزراء وكان الثاني وزيرا لخارجيته عبر حمل الاتحاد الأوروبي على تصنيف حماس كمنظمة إرهابية. ويذكر أن اثنين من الاجتماعات الأربع ( مع مشعل ) انعقدت بينما كان بلير ما يزال مبعوثا للرباعية".

وتابع: "هنا تجد طوني بلير، ذلك الرجل الذي ارتبط ذهنيا وروحيا بالانقلاب العسكري في مصر، يسعى للتوسط بين حماس من جهة وإسرائيل ومصر من جهة أخرى، ومعروف أن إسرائيل ومصر هما البلدان اللذان أطبقا معا على رقبة غزة لخنقها، مع التنويه إلى أن قائد الانقلاب في مصر تجاوز نتنياهو بمراحل في حماسته لإبقاء الحصار مفروضا على القطاع".

يذكر أن بلير لم يكتف بالحديث مع مشعل، بل لقد وجه له دعوة لزيارة لندن، مقترحا عليه موعدا في شهر حزيران (يونيو) من المؤكد أن تحديده حظي بموافقة رئيس الوزراء الحالي دافيد كاميرون. وهذا هو نفس رئيس الوزراء الذي ناضل – ولكن فشل حتى الآن – في سبيل نشر تقرير يصف تواجد جماعة الإخوان المسلمين في بريطانيا بالتشدد والتطرف.

رغم كل ذلك مضى بلير في مسعاه، وحتى بعد أن جرى الكشف من قبل "ميدل إيست آي" عن وجود محادثاته مع حماس. ولم يتوقف حتى الأيام الأخيرة عن بذل الجهد في سبيل إقناع النظام في القاهرة بالموافقة على الصفقة.

وعن دوافع بلير يقل هيرست: "دوافعه الحقيقية غير واضحة للعيان. لكن من المؤكد أنها ليست انطلاقا من صحوة ضمير وشعور إنساني بالقلق تجاه ما يعاني منه ما يقرب من 1.8 مليون إنسان في قطاع غزة. فحينما كان رئيسا للوزراء وكذلك حينما عمل مبعوثا للسلام لم يتوان طوني بلير عن تزويد إسرائيل بغطاء دولي قيم لتشن الحروب على قطاع غزة حربا تلو أخرى. ولا يمكن أن يكون مندفعا من حبه لحركة حماس ولا لجماعة الإخوان المسلمين، وهو الذي اعتبر (الإسلاموية) عدوا أيديولوجيا.

بعد أربعة اجتماعات، ناقش بلير مع حماس إمكانية استمرار وقف إطلاق النار الساري حاليا مقابل فتح فوري لجميع المعابر الحدودية وكذلك الدفع الفوري لرواتب كافة موظفي الحكومة في غزة، على أن تتبع هاتين الخطوتين محادثات حول الميناء البحري والمطار وإعادة إعمار القطاع. وكل ما عدا ذلك فهو غير مطروح للنقاش.

إلا أن حماس رفضت طلبا من طوني بلير التوقيع على أي صيغة تتضمن نصا على أن المفاوضات السياسية هي الطريق إلى الأمام أو على أي شيء من شأنه أن يعيد الحياة إلى عملية أوسلو التي باتت الآن تعتبر في عداد الأموات. أصرت حماس على أنها يمكن أن توافق فقط على استمرار وقف إطلاق النار، وليس على هدنة لفترة زمنية يتم النص عليها كحد أدنى، شريطة أن يتعلق وقف إطلاق النار بغزة فقط، ولا ينطبق على الضفة الغربية حيث تصر حماس على أن المقاومة ضد المستوطنين وضد الجيش الإسرائيلي ستستمر. أضف إلى ذلك أن الصفقة المقترحة لا تتضمن تبادلا للأسرى.

أجلت حماس قبول الدعوة لزيارة لندن، وأخبر قادتها طوني بلير بأنهم يمكن أن يمضوا قدما في العملية فقط فيما لو تأكد دعم إسرائيل ومصر لها. إلا أن بلير فشل في الحصول على ذلك، وبذلك وصلت العملية إلى طريق مسدود حسبما علم موقع "ميدل إيست آي" من مصادر مطلعة، الثلاثاء.

وأضاف: "لا ريب في أن بلير قد خرق شروط الرباعية التي تقصي حماس عن المفاوضات، ونفس الشيء ينطبق على إعلان الاتحاد الأوروبي الذي يصنف حماس منظمة إرهابية. وكان بلير قد أسخط السويسريين الذين طالما اعتبروا أنفسهم القناة الأساسية للتفاوض مع حماس، بل لقد تجاوز سخطهم سخط محمود عباس منه".

وأشارت محادثات بلير إلى أن إسرائيل لا ترغب بتكرار تجربة الدخول في حرب مع حركة حماس، "فحماس باتت هي العنوان الذي يقصد في غزة، وهي الجهة المفضلة على كل البدائل الأخرى، وبالتأكيد على حالة الفوضى التي تنجم عن تنافس بعض المتطرفين المسلحين فيما بينهم على إطلاق الصواريخ على إسرائيل، وكذلك على احتمال أن يأتي اليوم الذي ترث فيه الدولة الإسلامية جبهة حماس. من جهة أخرى، تأتي على حساب محمود عباس تلك الجهود التي يبذلها محمد دحلان لإعادة الاعتبار لذاته وإيجاد موطئ قدم لنفسه داخل غزة من خلال تمويل حفلات الزفاف".

ونوه إلى أنه "لربما كان بلير مفيدا لنتنياهو كوسيلة لجس النبض واختبار الأجواء، ولكن يبدو أنه قد استنفذ ولم يعد دوره كوسيط مطلوبا. وتعتبر مصر أن فتح معبر رفح الحدودي سيعني تسليم أهم ورقة لديها في مجال السياسة الخارجية، ولا يوجد ما يدل على أنها على استعداد لأن تقدم على ذلك".

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد