193-TRIAL- درج بالعرف العسكري الإسرائيلي خلال الحروب أو العمليات العسكرية الكبيرة أن تضع قيادة الجيش خطة مجدولة على مراحل متعددة لتحقيق الهدف، ولكن وفي العملية العسكرية التي ينفذها الجيش والشاباك في الضفة الغربية، وتحديداً في محافظة الخليل لتحرير جنوده الأسرى،لم تعلن قيادة الجيش عن مراحل تنفيذ العملية، وهذا يدلل على يأس الجيش من إمكانية تحقيق هدفه المعلن على الأقل في تحرير الأسرى، حيث ترك الأمر مفتوحاً حتى يعفي نفسه من أية مساءلة من الشعب المتذمر والثائر على المؤسسة الأمنية التي تعيش أقسى ظروفها ولحظاتها بسبب فشلها الاستخباراتي الفادح، كما يخشى قادة الجيش والحكومة من ألسنة الصحفيين الإسرائيليين الحادة التي لا ترحمهم وتعد لهم المزيد من الأسئلة المحرجة والتي قد تكلف العديد منهم الاستقالة أو التنحي، وتترجم هذه السياسة الجديدة في قاموس العمل العسكري الاسرائيلي التخبط الشديد والمصيري الذي يواجه أقوى وأفضل مؤسسة عسكرية في الشرق الأوسط.
واستعاض الجيش بدلاً من تحديد المراحل بتكثيف التصريحات الاعلامية لقادته إلى جانب تصريحات رئيس ووزراء حكومته لاغراق المستوطن اليهودي وتضليله بتفاصيل ليس لها وجود على حساب العمل العسكري والاستخبارتي الفني المطلوب في مثل هذه الأوقات العصيبة التي يمر بها، وبالرغم من عدم تحديد الجيش لمراحل العملية التي أطلق عليها اسم عاطفي "عودة الأخوة"، فقد ينتقل إلى مرحلة ثانية وثالثة وعاشرة دون احداث ضجة اعلامية ولفت انتباه الشارع الاسرائيلي المدمن على توجيه النقد لحكوماته، بل وإلى محاسبتها واسقاطها إذا لزم الأمر، وقد تكون المرحلة الثانية الأكثر ملامسة لعواطف ومشاعر الاسرائيلي الذي يعشق رؤية الدماء والقتل والدمار، وهذا ما يمهد له قادة جيش الاحتلال بدء من رئيس هيئة الاركان الجنرال "بني غينتس" والذي لمح بل وأطلق تهديدات كثيرة ضد فصائل المقاومة، وتحديداً ضد حركة حماس وقياداتها مروراً بأكثر من مسؤول عسكري ميداني ووزير من الحكومة المرتبكة والتي أصبح شغلها الشاغل تعويض فشلها في اثبات نجاحها في حصد أكبر عدد من أرواح الفلسطينيين وقياداتهم كما صرح أكثر من مسؤول منذ اكتشاف أمر عملية الأسر نهاية الأسبوع الماضي، وقد لا ينجح الصمت المطبق لفصائل المقاومة تجاه العملية في ثني اسرائيل على تنفيذ المرحلة الثانية المفترضة من العملية العسكرية والتي قد تكون على غرار حرب 2012 كحد أدنى يتبعها عملية ترحيل وتهجير لعشرات القيادات والكوادر السياسية لحركتي حماس والجهاد الاسلامي من الضفة الغربية إلى قطاع غزة ، وقد تنتهي مراحل تنفيذ العملية الحالية بالرضوخ لمطالب الاسرين والاستماع لمطالبهم سواء أعلنت جهة رسمية تبنيها للعملية أم لم تعلن، فاسرائيل تدرك أن جبهتها الداخلية لا تحتمل المزيد من التوهان والعجز والفشل الاستخباراتي، ولذا ستجد نفسها مضطرة للجلوس والخنوع لمطالب الآسرين كما حدث مع حالة خطف الجندي جلعاد شاليط ولكن قبل هذه المرحلة ستنفذ اسرائيل مراحل كثيرة تريد من خلالها ردع المقاومة عن اسر المزيد من الجنود، حيث تستحضر اسرائيل ومن زاوية رؤيتها للعمليات الاستشهادية الاسرائيلية والتي استطاعت وقفها بشكل شبه كامل منذ عام 2004 حينما استهدفت قادة المقاومة بالاغتيال، حيث ترى اسرائيل أنها نجحت في وقف العمليات بفضل استهدافها للقيادات، وبالتالي تريد استنساخ التجربة ولكن التغيير في قوة الردع للمقاومة قد تشكل عقبة امام الاستعجال في التنفيذ لخشية قيادة الجيش من مفاجآت تخبيها المقاومة المقاومة على غرار مفاجئة قصف تل أبيب و القدس بالصواريخ خلال الحرب الأخيرة. 9

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد