"صور"تقرير لجنة تقصي الحقائق يتهم إسرائيل وفصائل المقاومة بارتكاب جرائم حرب

رام الله / سوا/ نشرت الأمم المتحدة اليوم تقرير لجنة تقصي الحقائق حول العدوان على قطاع غزة ، واتهم محققو الأمم المتحدة "إسرائيل وجماعات فلسطينية بارتكاب انتهاكات في حرب غزة قد ترقى إلى جرائم حرب".

واعتبر التحقيق الذي نشر في جنيف اليوم أن «إسرائيل والمجموعات المسلحة الفلسطينية ارتكبوا على الأرجح جرائم حرب خلال النزاع في غزة صيف 2014».

وأفاد التقرير الذي أعد بطلب من مجلس الأمم المتحدة لحقوق الأنسان بأن لجنة التحقيق المستقلة التابعة للأمم المتحدة "جمعت معلومات مهمة تؤكد احتمال أن تكون إسرائيل والمجموعات الفلسطينية المسلحة ارتكبت جرائم حرب".

ويبدو أن معدي التقرير حاولوا أن يكونوا "متوازنين" واتهموا الطرفين بارتكاب جرائم حرب، مغيبين واقع الاحتلال والحصار وعدم تكافؤ القوى.

وقال التقرير إن "فشل إسرائيل في تغيير المسار رغم ضخامة أعداد القتلى والدمار في غزة يثير تساؤلات بشأن انتهاكات محتملة من جانب القيادات السياسية والعسكرية".

للاطلاع على التقرير اضغط/ ي هنا
وطالب محققو الأمم المتحدة إسرائيل بتقديم تفاصيل عن قرارات الاستهداف حتى يتسنى تقييم هجماتها على غزة على نحو مستقل.

وبالمقابل دان محققو الأمم المتحدة تنفيذ ما سماها "جماعات فلسطينية" إعدامات بحق "متواطئين مزعومين" وهو ما قد يرقى لجرائم حرب، وطالبوا بمحاسبة المسؤولين.

وقال التقرير إن لجنة الأمم المتحدة المستقلة للتحقيق بشأن العدوان على قطاع غزة الذي تسميه "النزاع" في عام 2014 معلومات كثيرة تشير إلى "ارتكاب كل من إسرائيل والجماعات المسلحة الفلسطينية لجرائم حرب محتملة".

وقالت رئيسة اللجنة القاضية ماري ماكغوان ديفيس في مؤتمر صحفي اليوم: "إن مدى الدمار والمعاناة الإنسانية في قطاع غزة غير مسبوقين وسيؤثران على الأجيال القادمة"، و أضافت أن "هناك أيضا خوف مستمر في إسرائيل بين المجتمعات التي تتعرض لتهديد منتظم."

وحسب التقرير، شهدت الأعمال العدائية عام 2014 زيادة كبيرة في القوة التدميرية التي استخدمت في قطاع غزة فقد أطلقت إسرائيل أكثر من 6 آلاف ضربة جوية و حوالي 5000 ألف قذيفة دبابة و مدفعية، و قد قُتِل 1462 مدنياً فلسطينياً – ثلثهم أطفال - في العملية التي استمرت 51 يوماً، و أطلقت الجماعات المسلحة الفلسطينية 4881 صاروخاً و 1753 قذيفة هاون باتجاه إسرائيل في تموز/يوليو وآب/أغسطس 2014 مما أسفر عن مقتل 6 مدنيين وإصابة 1600 على الأقل.

وأضاف التقرير أنه قُتِل مئات المدنيين الفلسطينيين - لا سيما النساء والأطفال - في منازلهم، و لقد أدلى الناجون بشهادات مفصلة تصف الضربات الجوية التي حولت المباني إلى أكوام من التراب والركام في ثوانٍ معدودة. قال أحد أفراد عائلة النجار بعد هجوم على خان يونس يوم 26 تموز/يوليو قتل 19 من أقربائه: "استيقظت في المستشفى وعلمت في وقت لاحق أن أختي و أمي و أطفالي كلهم ماتوا"، وأضاف: "كلنا متنا في ذلك اليوم حتى من بقوا على قيد الحياة."
وأضاف أن 142 عائلة على الأقل فقدت ثلاثة من أفرادها أو أكثر في هجوم على مبنى سكني في صيف 2014 أدى إلى مقتل 742 شخص. حقيقة أن إسرائيل لم تعدل ممارستها للضربات الجوية – حتى بعد ما اتضحت أثارها الوخيمة على المدنيين – تثير التساؤل عما إذا كان هذا جزءاً من سياسة أوسع وافق عليها – ضمنياً على الأقل – أكبر المسئولين في الحكومة.

وعبرت لجنة التحقيق عن قلقها إزاء استخدام إسرائيل على نطاق واسع لأسلحة تقتل وتصيب في منطقة كبيرة، وعلى الرغم من أن هذه الأسلحة ليست ممنوعة قانوناً إلاّ أن استخدامها في مناطق مكتظة بالسكان سيؤدي على الأرجح إلى قتل مقاتلين ومدنيين دون تمييز. وهناك أيضاً على ما يبدو نمط آخر عند إصدار الجيش الإسرائيلي تحذيرات للناس بإخلاء منطقة ما كان يعتبر بصورة تلقائية أن أي شخص باق مقاتلاً، وتجعل هذه الممارسة الهجمات على المدنيين محتملة جداً. قُتِل مئات الأشخاص ودُمِرت آلاف المنازل أو أُتلِفت أثناء التوغل البري الإسرائيلي في غزة الذي بدأ في منتصف شهر تموز/يوليو 2014، وقالت مراكز اتصال الإسعاف أنهم تلقوا نداءات يائسة للمساعدة من الناس في الشجاعية، وقد سمعوا خلالها صراخ أطفال صغار في الخلفية. و قال شاهد عيان في رفح في أوائل آب/أغسطس حيث أطلق الجيش الإسرائيلي عملية كبرى هناك بعد اعتقادهم بأسر أحد جنودهم: "كان هناك انفجار كل عشر ثوانٍ تقريباً"، و قالت القاضية ديفيس: "عندما تكون سلامة أحد الجنود الإسرائيليين في خطر فإنهم على ما يبدو يضربون بكل القوانين عرض الحائط."

وقال التقرير إن الأعمال العدائية أبت أيضاً المدنيين في إسرائيل بقلق بالغ وعطلت حياتهم، و تحدث الشهود الذين يسكنون بالقرب من قطاع غزة عن اضطرابهم لرؤيتهم القصف من نوافذ غرفة جلوسهم ولكنهم عانوا أيضا في الوصول إلى ملاجئ الأمان مع أطفالهم في الوقت المناسب عند اطلاق صفارات الإنذار لتحذرهم من الهجمات القادمة. ويبدو أن الغرض من وراء إطلاق آلاف الصواريخ وقذائف الهاون العشوائي على إسرائيل هو نشر الرعب بين المدنيين هناك. وبالإضافة إلى ذلك اكتشف الجيش الإسرائيلي 14 نفقاً تمتد من غزة إلى إسرائيل استخدمت للهجوم على جنوده خلال تلك الفترة. ولقد سببت فكرة الأنفاق صدمة نفسية للمدنيين الإسرائيليين الذين خشوا من الهجوم عليهم في أي لحظة من قِبل مسلحين يخرجون من تحت الأرض.

وتابع: في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية قُتِل 27 فلسطينياً وجُرِح 3020 في الفترة ما بين حزيران/يونيو وآب/أغسطس 2014. وكان عدد القتلى في هذه الشهور الثلاثة مساوياً لعدد القتلى الإجمالي لعام 2013 بأكمله. وتعبر اللجنة عن قلقها إزاء ما يبدو استخدام قوات الأمن الإسرائيلية المتزايد للذخيرة الحية للسيطرة على التجمعات مما يزيد احتمال الوفاة أو الإصابة الخطيرة.
وأضاف أن الإفلات من العقاب يسود على كل المستويات عن الانتهاكات المزمعة التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة. و يقول المفوضان أنه "على إسرائيل أن تغير سجلها المؤسف في مساءلة المخطئين" و يضيفا أن "المساءلة على الجانب الفلسطيني أيضاً غير كافية بالمرة."

وعبرت لجنة التحقيق عن انزعاجها من قرار إسرائيل بإغلاق تحقيقها الجنائي في قضية قتل أربعة أطفال على الشاطئ في غزة يوم 16 تموز/يوليو 2014، و لا يبدو أن السلطات الإسرائيلية قد استمعت إلى أقوال الصحفيين الدوليين والعديد من شهود العيان الفلسطينيين الأمر الذي يثير تساؤلات حول دقة تحقيقاتها.

وأوضح التقرير أن مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بتشكيل اللجنة في شهر أيلول/سبتمبر 2014 للتحقيق في كل خروقات القانون الدولي الإنساني و قانون حقوق الإنسان الدولي في سياق العمليات العسكرية التي أجريت الصيف الماضي، و تتكون اللجنة من القاضية ماري ماكغوان ديفيس (الولايات المتحدة الأمريكية) ودكتور دودو ديِين (السنغال).

وقال التقرير إن السلطات الإسرائيلية لم تستجب لطلبات اللجنة المتكررة للحصول على معلومات والإذن بدخول إسرائيل والأرض الفلسطينية المحتلة المباشر إلا أن اللجنة حصلت على شهادات مروعة مباشرة عن طريق سكايب و مؤتمرات الفيديو عن بعد و المقابلات الهاتفية، كما قامت بإجراء مقابلات وجهاً لوجه مع ضحايا وشهود من الضفة الغربية خلال زيارتين إلى الأردن، و استمعت إلى شهادات ضحايا و شهود من إسرائيل سافروا إلى جنيف، و قد أجرت لجنة التحقيق أكثر من 280 مقابلة سرية وتلقت نحو 500 شهادة مكتوبة.

وقالت اللجنة: عند نشر التقرير اليوم الإثنين قامت رئيسة اللجنة القاضية ديفيس والدكتور ديِين بذكر عدد من الخطوات التي ينبغي على الأطراف والمجتمع الدولي اتخاذها، و من بينها أنه على الدول أن تدعم و بقوة عمل المحكمة الجنائية الدولية فيما يخص الأرض الفلسطينية المحتلة.

وأختتم التقرير بتصريح للمفوضين الذين عملا على إعدداد التقرير: "لقد تأثرنا كثيراً بمعاناة الضحايا الهائلة وقدرتهم على التحمل"، وأضافا: "نأمل فقط أن يسهم تقريرنا حتى ولو بقدر صغير في إنهاء دورة العنف."

هذا ومن المقرر أن تقوم لجنة التحقيق بتقديم تقريرها رسمياً إلى مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في 29 حزيران/يونيو 2015 في جنيف.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد