بعد أسابيع من المشاورات مع أحزاب اليمين الإسرائيلي بمن فيها الأكثر عنصرية وتطرفاً، تمكّن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من تشكيل حكومته الجديدة التي تشبه بناءً غير متجانس وآيلاً للسقوط، على أساس قائم على مقولات: «لا سلام مع الفلسطينيين» و»نعم لاستيطان كامل ومكثف في أنحاء الضفة الغربية بما فيها القدس ».

إذن، هي حكومة تتعمد قبل الإعلان عنها الكشف عن وجهها العنصري الإرهابي واغتيال عملية السلام؛ بتكثيف الاستيطان...
الحكومة الإسرائيلية الجديدة خلقت تحدياً آخر أمام السلطة الفلسطينية.. تحدي مواجهة العنصرية والاستيطان... والعودة إلى مربع الاحتلال الأول، فما هي الاستراتيجية التي يجب أن تتبناها القيادة الفلسطينية؟... في مرات عديدة كانت توجهات الرئيس واضحة، وهي أن البديل لإفشال حكومة الأبرتهايد الإسرائيلية لعملية السلام هو بناء استراتيجية فلسطينية أساسها الشرعية الدولية والقانون الدولي، لأن أي بديل آخر هو دمار للشعب الفلسطيني... وعلى سبيل المثال من يتبنى خيار الدولة المؤقتة مع هذه الحكومة الإسرائيلية العنصرية هو عملياً يحكم بالإعدام على ما تبقى من حياة في جسد القضية الفلسطينية، وربما ستكون نتيجة ذلك نهاية حقيقية لقضية اللاجئين الفلسطينيين التي يعمل العالم اليوم على إنهائها بشكل أو بآخر.
ومن يراهن على الحل العسكري في ظل هذه الظروف العربية والإقليمية والدولية، هو كمن يدعو إلى رمي الجسد الفلسطيني في نار التهلكة.
إذن لا بد من عودة إلى الخيار الدولي بمؤسساته ومنظماته وهيئاته كافة حتى تكون فلسطين واقعاً حياً فيها، ويصبح وجودنا مفروضاً، وغير قابل للتراجع.
ولكن مع بناء استراتيجية المسار الأممي والدولي لا بد لنا جميعاً من إعادة صياغة علاقاتنا الداخلية، ليس على قاعدة المصالح الحزبية أو الفئوية، وإنما على تجميع طاقات الشعب الفلسطيني في أماكن وجوده كافة للحد من أثر الإجراءات الإسرائيلية العدوانية، وخاصة على صعيد الاستيطان ومصادرة الأراضي واقتلاع الفلسطينيين من أراضيهم عبر سياسة التهجير القسري، وخاصة في المناطق المصنفة «ج».
ربما سيكون تشكيل حكومة الأبرتهايد الإسرائيلية الجديدة بهذا الشكل دافعاً لأولئك الذين أعمتهم ارتباطاتهم الخارجية في سبيل البحث عن دويلة هنا أو هناك والارتباط بجماعات سياسية إسلاموية لإعادة النظر في سلوكهم وفي تفكيرهم، بحيث من الأفضل لمصلحة الشعب الفلسطيني أن تمتد أيديهم إلى أيدي أبناء شعبهم، وأن يكون التناقض الرئيس والأساسي لنا كفلسطينيين مع هذا المحتل، وكيفية مواجهة الأخطار التي تحدق بنا من كل جانب.
الحكومة الإسرائيلية الجديدة ربما أعطتنا فرصة ذهبية أيضاً لتوطيد علاقاتنا الأوروبية بشكل خاص... بعدما تكشفت الأوراق الإسرائيلية بشكل كامل... ولم يعد هناك اليوم من يمكنه الدفاع عن السياسات العنصرية الإسرائيلية.
وبناء على ذلك، فإن سياسة المقاطعة بكل أشكالها من الأسلحة التي يجب أن نفعّلها، وهذا أمر مقبول في العالم كله وينسجم مع القانون الدولي. كما يجب إعادة صياغة مفهوم المقاومة الشعبية السلمية ليكون فاعلاً وليس مقتصراً على قرية هنا وأخرى هناك... مقاومة سلمية جماهيرية يشارك فيها الجميع، ولا تعطي للاحتلال فرصةً للتحريض عليها في العالم... أو وصمها بالإرهاب...
إذن نحن أمام مسار جديد يحتاج قيادة واعية غير انفعالية أو مكابرة، وإنما قادرة على الفعل لمواجهة حكومة عنصرية تعمدت اغتيال السلام.

abnajjarquds@gmail.com

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد