لا يحبون في حركة فتح طرح السؤال عن خليفة الرئيس محمود عباس ويعتبرون أن السؤال يضر بالمصلحة الفلسطينية بسبب التهديدات الاسرائيلية لاستبداله. التهديدات أطلقها وزير الخارجية الاسرائيلي أفيغدور ليبرمان. إلا أن طرح هذه المسألة لنقاش ليس جديدا وطالما تم نقاشها في اجتماعات اللجنة المركزية للحركة بعيدا عن الاعلام وأدت لنشوب خلافات حادة.


من هو ماجد فرج ولماذا هو المرشح الاوفر حظا


أبو بشار كما يسمى هو من سكان مخيم الدهيشية للاجئين في محافظة بيت لحم وبالتالي هو ليس من شريحة العائدين من تونس أي أنه إبن بلد وعاش طيلة حياته في فلسطين. لا يخفى أن هناك بعض الاوساط الفلسطينية التي تعتبر ممارسات شريحة العائدين أو بعضا منهم أضرت بالحركة لكن الميزة هي أن أبو بشار كان ملاصقا للكوادر التنظيمة الدنيا في الحركة وعلى علاقة طيبة مع كل جيل الشباب الذي هو نفسه يعتبر منهم أي من جيل مروان البرغوثي وهو الجيل الثالث في الحركة.


هو ابن مخيم وهذا يوحي أنه متواضع وعانى من الفقر والحرمان كغيره من اللاجئين الفلسطينين وبالتالي هو مهتم بحل قضية اللاجئين التي عاش في رحمها طوال عمره. معادلة المخيمات ماتزال معادلة هامة في التصنيف الاجتماعي ولعل هذا التصنيف صعد على السطح ابان خلاف محمد دحلان مع الرئيس عباس رغم أن الفلسطينيين عموما لا يحبون تداول هذا التصنيف الاجتماعي علنا لما فيه فرقة داخل الشعب الذي أصلا تمزق منذ النكبة الفلسطينية.


ابن مخيم يعني أنه ليس من الطبقة المخملية في المجتمع الفلسطيني وهذا يزيد من شعبية الرجل في أوساط الفقراء والمحرومين الذين يجدون مع ابن المخيم قواسم مشتركة.


الاسير الفلسطيني


هو أسير فلسطيني سابق وشارك في الانتفاضة الاولى واعتقل لست سنوات وكان من رفاق الراحل فيصل الحسيني وعمل في بيت الشرق الذي كان في أوائل التسعينات مركز قرار منظمة التحرير قبل اوسلو وفرج كان يعمل تحت اطار جميعة الدراسات العربية التي شكلت المظلة القانونية لبيت الشرق.


الاسير الفلسطيني هي رتبة تنظيمية وسياسية في الداخل الفلسطيني فالاسير ينظر له كبطل في المنظور المجتمعي فهو ضحى بأيام شبابه لاجل القضية الفلسطينية. المناضل الفلسطيني لا يكون مناضلا إلا إذا غاب لسنين في السجون الاسرائيلية وهذه رتبة تشمل كافة الفصائل الفلسطينية ولها تبعات تنظيمية. فرج اعتقل وتنقل خلال الانتفاضة الاولى بين العديد م المعتقلات وهناك نسج علاقات وثيقة برفاقه الاسرى الذين تحول بعضهم لاحقا لقيادات سياسية.


فلو تم تداول سؤال عن أحقية ماجد أو غيره في القيادة سيسأل البعض السؤال المعروف وهو ماذا قدم هذا المرشح للوطن وإن كانت الاجابة سنوات في السجن فهنا الاجابة كافية. من جانب آخر الاسرى وهم كثر ينظرون لرفيقهم في السجن نظرة احترام متبادل حتى لو كان من فيصل أو حزب اخر.


الرؤوساء من طبقة العسكريين في الشرق الاوسط


لو نظرنا حولنا في المنطقة لوجدنا أن العسكر هم الاوفر حظا في تولي الحكم ففي مصر كان العسكر يحكمون بإستثناء محمد مرسي والملكية قبل عبد الناصر وفي العراق وسوريا وحتى في لبنان نجد الجنرالات وآخرهم كان من العسكر.


في اسرائيل كذلك العسكري هو الاكثر توليا لمنصب رئيس الحكومة فلو استثنينا ايهود اولمرت لوجدناهم جميعا إما من الجيش أو المخابرات أو الموساد مثل تسبي لفني. السبب المباشر لهذه الظاهرة هو حالة عدم الاستقرار الامني في المنطقة وطغيان قوة الجيش على المجتمعات بسبب الصراع العربي الاسرائيلي.


ماجد فرج عسكري حسب المعايير في الشرق الاوسط فجهاز المخابرات وخاصة في السلطة الفلسطينية هو جهاز عسكري بامتياز مع غياب جيش فلسطيني والذي استبدل بجهاز الشرطة إلا أن الامن القومي يتحكم فيه جهاز المخابرات وليس الشرطة.


أيضا منتسبي جهاز المخابرات هم من نخبة العسكريين الفلسطينين أولا وثانيا من قيادات الانتفاضة الاولى والثانية أي أنه بخلاف جهاز الامن الوقائي سمعته أفضل بين صفوف الشعب الفلسطيني رغم أن جهاز المخابرات يستدعي أنصار حماس باستمرار ولكن لم يعرف عنه ممارسة التعذيب والتنكيل كما الوقائي.


جهاز المخابرات يشارك بشكل مباشر في التنسيق الامني مع الاجهزة الامنية الاسرائيلية وبلا شك أن فرج إلتقى مع قيادات الجيش والمخابرات الشاباك أي نظرائه خلال السنوات الماضية ضمن مهامه الامنية وهنا يبرز عامل اضافي وهو أن الاسرائيلي يعرف الرجل تمام المعرفة. أبو بشار حارب الفلتان الامني وصادر أسلحة وقام جهاز المخابرات بهذه المهمات ضمن القرارات التي تصدر عن الرئيس محمود عباس.


الخبرة العسكرية والامنية تضاف إلى خبرته السياسية والتظيمية تجعل الرجل متصلا بالشرائح التنظيمية لحركة فتح وفي نفس الوقت من داخل الدائرة الاولى لصنع القرار وهو الوحيد الذي يتمتع بهذه الميزة الان على الاقل. هو أيضا على اتصال دائم بكافة الاجهزة الامنية في الدول العربية وبخاصة الاردنية والمصرية وهنا يمكن التوصل إلى تكهن أنه حصل على رضى عربي ببساطة لاننا لا نعرف عكس ذلك.


علاقته بالفصائل وبخاصة الاسلامية


قادة الفصائل يعرفون أبو بشار تمام المعرفة بل جلسوا معه على طاولة المفاوضات الخاصة بحرب غزة الاخيرة في مقر جهاز المخابرات المصري. قيل أنذاك أنه شخصية وحدوية ويمقت الانقسام وعلاقته الشخصية بقيادات حماس والجهاد الاسلامي والجبهة الشعبية خلال هذه المفاوضات في الصيف الماضي كانت ممتازة بل كان مشاركا فعالا في اتمام التهدئة.


حماس بلا شك تمقت العديد من قيادات حركة فتح وبالعلن وحماس التي تتهم فتح بالتنسيق الامني لم تذكر أبدا ماجد فرج بالسوء وهنا نتوقف. ماجد فرج إلتقى ضمن وفد الرئيس عباس مع خالد مشعل عدة مرات ولكن مشعل لم يتهم ماجد بأنه عميل أو جاسوس أو متواطأ والسبب لربما لان أبو بشار ابن مخيم وأسير أي حاصل على شهادات وطنية حسب المفهوم الفلسطيني المحلي في التعاطي مع القائد السياسي.


الفصائل أيضا تبحث عن مصالحها وهي بوجود رئيس قوي ووطني ولكن أقرب لتوافق منه للخصام وعدد كبير من قيادات فتح صرحت على الاعلام تصريحات حادة جدا جعلت الفصائل الاخرى ترتاب منها.


فرج مازال غريبا


ماجد فرج لا يجري مقابلات صحفية وهنا نتوقف. الاعلام بلا شك شارك بشكل غير مباشر في تأجيج مشاعر الانقسام والتخوين عبر استضافة القيادات السياسية الفلسطينية على اختلاف أطيافها وعدم ظهور فرج أبعده عما اصطلح بتسميته التحريض الاعلامي. إلا أن عدم ظهور أبو بشار على الاعلام أبعده عن الناس البسطاء الذين يسمعون اسمه ولا يعلمون منطقه لربما هو يخشى من الكاميرة والظهور الاعلامي والحوار والجدل أو يحاكي قادة أجهزة المخابرات بعدم الظهور الاعلامي إلا بعد الانسحاب من ادارة جهاز المخابرات كما فعل نظرائه.


هنا يبزر عامل مهم وهو أن الشعب الفلسطيني هو شعب جماهيري بالدرجة الاولى وليس نخبويا ويحب أن يرى ويتفاعل مع قائده سلبا أو ايجابا ولان أبو عمار ليس ببعيد الذكرى وأبو مازن على نفس الخطى في التواصل الشعبي عبر الخطابات والمقابلات فكلاهما كسبا هذا التواصل بينما ماجد انفصل عن الجماهير منذ سنوات طويلة ولو اجري استفتاء بهل تعلم من هو ماجد فرج لعل أغلبية الشعب لن يعروفوه وهم عوام الناس وليس خاصتهم.


رئيس جهاز المخابرات هو مصطلح وعنوان لا يحبه أتباع المجتمع المدني الديمقراطي الذين يريدون رئيسا مدنيا وليس عسكريا خاصة مع غياب تداول السلطة والانتخابات عن المشهد الفلسطيني لسنوات. كذلك هناك من يرى أن جهاز المخابرات سيترك أثر في نفسية الرئيس القادم لربما تكون غير مستساغة عند الاذرع العسكرية للفصائل الفلسطينية.


ضرر المقال على أبو بشار


هذا المقال لربما يرفضه أو يقبله القارىء إلا أن طرحه بحد ذاته من المحرمات داخل حركة فتح التي لا تريد الخوض في خلافة الرئيس عباس. الخلافات لا تنتهي داخل الحركة بين أعضاء المركزية والثوري وبين الجيل الجديد والجيل القديم ولعل بعض الفصائل تسعى لان يكون الرئيس القادم ليس من فتح أصلا.


رجال المخابرات بطبيعتهم لا يحبون تسليط الاضواء عليهم فهذا جزء من العقلية الامنية وماجد فرج منهم وطبعا سينكر حتى رغبته في المنصب إلا أن الحديث عن البدائل لرئيس عباس داخل حركة فتح تضييق يوما بعد يوم لعدة أسباب ولسنا هنا بصدد الحديث عن قيادات سياسية اخرى أو تقييمها إلا أن الرجل عنده من المزايا التي لا يمتلكها أحد الان وهو من الدائرة الاولى في صنع القرار وهو ملاصق لعباس في كل رحلاته الاخيرة وبخاصة السياسية والامنية وفي الحوار مع حماس والترتيبات الامنية في قطاع غزة وفي نفس الوقت يتعرف هو على قادة وزعماء الدول.


المؤتمر السابع لحركة فتح المنوي عقده قريبا لن يتجاهل طرح المسألة بين رافض ومؤيد والرئيس عباس يعلم تماما التوازنات داخل الحركة وايضا على المسرح الدولي. الفصائل كذلك لا تريد حالة من الغياب والفوضى في حال حدث مكروه لرئيس أو ببساطة لم يرشح نفسه للانتخابات القادمة اذا ما اقيمت كما أعلن مسبقا أو أنه أخذ قرارا باعتزال العمل السياسي. هناك احتمال أخير يتعلق بتعدد السلطات فهناك رئاسة لمنظمة التحرير ولفتح ولسلطة الفلسطينية والرئيس عباس وحده يمكسك الثلاث فلربما أفرد إحداها لفرج.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد