233-TRIAL- لو أن طرفاً محايداً، كُلف في هذه الاثناء، بالرقابة على المواقع الإخبارية لكل من حركتيْ "فتح" و" حماس "؛ لوجد أن الحركة الثانية، هي التي تنشر تعليقات واقتباسات، من أقوال حمساويين يذمون المصالحة ويستنكرون التوافق، ويؤخذ مثالاً على ما نقول، موقع يومية "فلسطين" الذي يخصص في يسار الصفحة الأولى، نافذة للأقوال التي تهجو الخيار التصالحي.
على الرغم من ذلك قلنا وسنقول، إننا ماضون في خياراتنا، وتخلو صفحاتنا وصحفنا من أي نوع من السموم، أما ما يقوله المعترضون، فلا جمارك عليه، من حيث هو كلام.
قبلئذٍ، كتنبنا مراراً، ومن باب النصيحة لوجه الله، وحذرنا من إطلاق العنان لأية قوة إكراه في أية كيانية سياسية وطنية، غير قوة الإكراه الشرعية التي ينعقد عليها الإجماع. فهذه تحكتر الحق في الإكراه نيابة عن الناس ولمصلحتها وبالقانون. وأي بلد، توجد فيه قوة إكراه أخرى، ولو في زاوية من أطرافه، ستكون سبباً في فشل الدولة وفي إهانة الكيانية وأسسها الدستورية والقانونية. هذه، اليوم، هي معضلة اليمن، وخازوق لبنان، ووجع باكستان، ومحنة ليبيا، وورم العراق، ومأساة نيجيريا التي تُؤخذ فيها الدولة الى مشاهد بؤسها، كلما اقترفت "بوكو حرام" جرماً أو اختطافاً، باسم شرع الله ودين المسلمين. في غزة ، هناك قوة مسلحة في مقدورها ممارسة الإكراه وقتما شاءت، حتى عندما يطال هذا الإكراه محازبي "حماس" نفسها. نحن لا نطالب بتفكيكها دون قيد أو شرط، خشية أن تغلب نسبة الواحد في المليون، فيتأكد لنا أن هذه القوة هي ضمانة تحرير القدس ومن ثمَ الذهاب الى غرناطة لاستعادتها. نطالب بمجرد تحييدها تحت طائلة المساءلة والعقوبة، فلا تعتقل لا عرفات أبو شباب ولا أي شباب، مثلما لا يكون هناك اعتقال لأحد في الضفة.
إن ما حدث في "غزوة" البنوك، لن يصل الى مستوى الجانب السيء من سلوك البعض القليل من المسلمين في غزوة "أحد" في السنة الثالثة من الهجرة. وإن كان يحق لمرشد "الإخوان" في مصر، تشبيه إطاحة مرسي بهدم الكعبة، يصبح متاحاً لمحسوبكم اختراع مقارنات أقل هولاً وتسبباً في القشعريرة، كأن يشبّه الآمر بغزوة "البنوك" بأحد اثنين: إما الزهري القُرشي الذي شجَّ رأس الرسول صلوات الله وسلامه عليه، أو ابن قمئة الليثي الكناني، الذي كسر خوذته وأصاب أنفه الطاهرة فأدماها. فالآمر بالغزوة في غزة، أراد أن يشج رأس المصالحة أو أن يقضم فمها لكي تُدمى وتعجز عن شم رائحته. فالرهط المستعجل على الأرزاق، في "أُحد" كان معظمه ممن نصبّوا أنفسهم رُماة يحمون جيش المؤمنين، قبل أن ينكشف أن حسبته معلقة بالصراف الآلي أو ما يوازيه من الأنفال آنذاك. وفي تلك اللٌجة، لم يخطيء المسلمون في معرفة مصدر الصرخة الفتنة، التي سمّوها "صرخة الشيطان":"ألا إن محمداً قد قُتل". فلم يكن غير ذلك المنافق، ابن قمئة الكناني نفسه.
لن نعتبر الغزوة الهكسوسية للبنوك، معطوفة على زفير المعترضين على المصالحة عبر المواقع الإلكترونية الحمساوية. بمقدورنا حتى الآن، أن نرى الرماة العشرة، الذين بقوا على وفائهم لقضية الإيمان (من بين خمسين رامياً في "أحد" اصطفوا فوق جبل الرُماة) هم ممثلو "حماس" لكن هذه الأخيرة، ينبغي أن تأخذ بأحد خيارين: إما التبرؤ من متعجلي الغنائم، أو أن تهجم معهم بكليتها لكي نعرف الموقف. فإن كانت الأنفال غنيمة جمعية، تشمل كل ما يربحه المسلمون، فإن التقاسم حاصل ولا حاجة لـ "غزوة البنوك". وفي القسمة، تتجلى براعة المسلمين ويتبدى ذكاؤهم: سهمان للفرس، وللفارس نفسه سهم واحد، بمعنى أن واسطة الركوب الى الفلاح، تضاهي الفلاح نفسه، والفارس الكيّس، هو الذي يرضى ويتمهل، ويقدم القاطرة على ذاته المؤمنة، وصولاً الى صلاح الحال!
adlishaban@hotmail.com 153

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد